فوائد الاستغفار
• مغفرة الذنوب:
الاستغفارُ سببٌ لمحو الذنوب ورفع العقوبة:وأوجبُ ما يكون الاستغفار عند الوقوع في مهاوي المعاصي وأرجاسِ الذنوب، ومن ذا الذي يسلم من ذلك؟! وهنا يجِد المسلم في الاستغفار أداةً يتعلّق بها لتقيمَه من عثرتِه، ومغسلةً يتطهَّر بها من أدران الذّنوب، فقد ذكر تعالى من أوصاف المتّقين في كتابه: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135].
الاِسْتِغْفَارُ إِنْ كَانَ بِمَعْنَى التَّوْبَةِ فَإِنَّهُ يُرْجَى أَنْ يُكَفَّرَ بِهِ الذُّنُوبُ إِنْ تَوَافَرَتْ فِيهِ شُرُوطُ التَّوْبَةِ ، يَقُول اللَّهُ سُبْحَانَهُ : { وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا } , وَقَدْ قِيل : لاَ صَغِيرَةَ مَعَ الإْصْرَارِ ، وَلاَ كَبِيرَةَ مَعَ الاِسْتِغْفَارِ فَالْمُرَادُ بِالاِسْتِغْفَارِ هُنَا التَّوْبَةُ . ولقوله تعالى :{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) }
وعن خالد بن أبي عزة أن عليا أَتَاهُ رَجُلٌ , فَقَالَ : مَا تَرَى فِي رَجُلٍ أَذْنَبَ ذَنْبًا قَالَ : " يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إِلَيْهِ " قَالَ : قَدْ فَعَلَ , ثُمَّ عَادَ . قَالَ : " يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إِلَيْهِ . قَالَ : قَدْ فَعَلَ , ثُمَّ عَادَ . قَالَ :" يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ , ثُمَّ يَتُوبُ إِلَيْهِ " , فَقَالَ لَهُ فِي الرَّابِعَةِ : قَدْ فَعَلَ , ثُمَّ عَادَ , فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : حَتَّى مَتَى "، ثُمَّ قَالَ : " يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إِلَيْهِ وَلَا يَمَلُّ حَتَّى يَكُونَ الشَّيْطَانُ هُوَ الْمَحْسُورُ ", والمعنى : ما دام على هذا الحال كلَّما أذنب استغفر . والظاهر أنَّ مرادهُ الاستغفارُ المقرون بعدم الإصرار .
عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه و سلم- :« مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِى الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً ».وأمّا استغفارُ اللسان مع إصرار القلب على الذنب ، فهو دُعاء مجرَّد إنْ شاء الله أجابه ، وإنْ شاء ردَّه، وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة.
عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ رسول الله : " ثَلَاثَةٌ لَا يَسْمَعُ اللَّهُ لَهُمْ دُعَاءً : رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةُ زِنَا كُلَّمَا قَضَى شَهْوَتَهُ مِنْهَا قَالَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي ، فَيَقُولُ الرَّبُّ : تَحَوَّلْ عَنْهَا وَأَنَا أَغْفِرُ لَكَ وَإِلَّا فَلَا ، وَرَجُلٌ بَاعَ بَيْعًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَلَمْ يُشْهِدْ وَلَمْ يَكْتُبْ فَكَابَرَهُ الرَّجُلُ بِمَالِهِ , فَيَقُولُ : يَا رَبِّ , كَابَرَنِي بِمَالِي , فَيَقُولُ الرَّبُّ : لَا آجُرُكَ وَلَا أُنْجِيكَ إِنِّي أَمَرْتُكَ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُودِ فَعَصَيْتَنِي ، وَرَجُلٌ يَأْكُلُ مَالَ قَوْمٍ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ , وَيَقُولُ : يَا رَبِّ , اغْفِرْ لِي مَا أَكَلْتُ مِنْ مَالِهِمْ , فَيَقُولُ الرَّبُّ : رُدَّ إِلَيْهِمْ مَالَهُمْ فَأَغْفِرَ لَكَ وَإِلَّا فَلَا "
• زوال الهم والغم وتفريج الكرب :
وبه تمحى السيئات وتبدّل إلى حسنات، وتنزل الرحمات، وتُدفع الآفات، وتفتح أبواب السموات، وبه تفرَّج الكروب، وتتطهر القلوب، وترتبط بعلام الغيوب، وتُكشف الهموم، وتزول الغموم, وتحصل البركة في المال، وتُحقَّق الآمال، وبه تكثر الأرزاق وتزداد النعم حتى لا يدري المستغفر مصدرها، ولا الوجهة التي أتت منها. كما في حديث ابن عباس ، قال الحكيم : وأشار بالإكثار إلى أن الآدمي لا يخلو من ذنبٍ أو عيب ساعةً فساعة والعذابُ عذابان أدنى وأكبر فالأدنى عذابُ الذنوبِ والعيوبِ، فإذا كان العبد مستيقظاً على نفسه فكلَّما أذنبَ أو أعتبَ أتبعهما استغفاراً فلم يبق في وبالها وعذابها ،وإذا لها عن الاستغفار تراكمت ذنوبه، فجاءت الهمومُ والضيقُ والعسرُ والعناءُ والتعبُ، فهذا عذابُه الأدنى وفي الآخرة عذابُ النار ،وإذا استغفر تنصَّلَ من الهمِّ فصار له من الهمومِ فرجاً ومن الضيقِ مخرجاً ورزقَه من حيثُ لا يحتسبُ .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه و سلم-: « مَنْ أَكْثَرَ مِنَ الاِسْتِغْفَارِ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ »
• الاستغفار دواء وعلاج:
فهو ملاذ المضطر وباب الفوز برضا الله، وأساس الوقاية من غضبه، وهو سبب فرح العبد وحبوره يوم لقاء الله، يوم يجد صحيفته مملوءة بالاستغفار، فعَنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه و سلم - قَالَ : " مَنْ أَحَبَّ أَنْ تَسُرَّهُ صَحِيفَتُهُ ; فَلْيُكْثِرْ فِيهَا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ ". فالمكثر من الاستغفار يُبعث طاهرًا نقيًا فرحًا مسرورًا لا ذنب يؤاخذ عليه، ويزداد فرحًا وحبورًا عندما يقبض صحيفته بيمينه ويجدها ممتلئة بالاستغفار.
• الاستغفارُ سببٌ لصفاءِ القلب ونقائه:
فالذنوب تترك أثرًا سيّئًا وسوادًا على القلب، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه و سلم- :« إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِى قَلْبِهِ فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى الْقُرْآنِ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (14) سورة المطففين».
• المتاع الحسن و الاغداق فى النعم :
لقد أمر الله هذه الأمة بالاستغفار والتوبة, ووعدهم بأن يمتِّعهم متاعًا حسنًا من إغداق في النعم والطيبات وسَعة في العيش وتمتع بالأموال وصلاح في البنين والأهل إن سمعوا وأطاعوا, وتوعدهم بعذاب كبير في الدنيا والآخرة إن خالفوا وعصوا، فقال الله جل شأنه:{ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3)} [هود/3]
ولقوله تعالى على لسان النبي نوح عليه السلام : {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)}
• دفع الكوارث والسلامة من الحوادث و الفتن ورفع العقوبات النازلة بالإنسان:
لقوله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
• قوة الجسم وصحة البدن والسلامة من الأمراض :
فالاستغفارُ مع الإقلاع عن الذنب سببٌ للخصب والنماء وكثرة الرزق وزيادة العزّة والمنعة. ولقوله تعالى : {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} (52) سورة هود ،
• إجابة الدعاء :
لقوله تعالى {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } (61) سورة هود.
الاستغفار زاد الداعية إلى الله , الاستغفار يؤثر على حسب نية المستغفر اي لأي شيء تستغفر لطلب مال.. ولد. نجاح.. توبة.. فعلى نية المستغفر يكون الأثر بإذن الله , و لقوله تعالى : {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}
• الاستغفارُ يدفع عن النفس الشعورَ بالكبر:
والزهوَّ بالنفس والعُجبَ بالأعمال، يورثها الإحساسَ بالتقصير، وهذا الإحساسُ بالتقصير يدفع المسلمَ للمزيد من العمل في طاعة الله، فتزداد حسناتُه ويثقل ميزانه.ويحقق الاستغفار للمؤمن الثقة بالله وبلطفه بعباده الضعفاء، فإذا كان الدعاء مخّ العبادة فالاستغفار جوهرها, وهو دعاء واستمداد، وهو استجابة لله وتنفيذ لأمره وذكر له وصلح معه وتقرب إليه وخضوع تام له واعتراف بعجز العبد وقدرة مولاه.
• إذا أعيتك المسائل ففر إلى الاستغفار:
يقول ابن القيم رحمه الله: "وشهدتُ شيخَ الإسلام ابنَ تيميه رحمه الله إذا أعيَته المسائل واستعصَت عليه فرَّ منها إلى التوبة والاستغفار والاستعانة بالله واللجوء إليه واستنزال الصوابِ من عنده والاستفتاح من خزائن رحمته، فقلَّما يلبثُ المددُ الإلهي أن يتتابَع عليه مدًّا، وتزدلِف الفتوحات الإلهية إليه، بأيّتهنّ يبدأ".
• سبب لحسن الخلق والسهولة مع الخلق:
فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ فِى لِسَانِى ذَرَبٌ عَلَى أَهْلِى لَمْ أَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه و سلم- قَالَ « أَيْنَ أَنْتَ مِنَ الاِسْتِغْفَارِ يَا حُذَيْفَةُ إِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ». رواه أحمد وابن ماجه بسند ضعيف. وفوائده كثيرة.
المفضلات