قد يتعجب القارىء من عنوان الموضوع ويتصور امورا اخرى حتى يمر بعدة اسطر وهى اسطر المقدمة ثم يستطرد فى القراءة وحينها سيعلن عن تضامنه فى الحال مع الموضوع لان الامر اصبح من الاهمية بمكان بل اصبح مما تعم به البلوى فى حياتنا
قديما كانوا يعلموننا ان الانسان يعيش فى هذه الحياة محاطا بدوائر وتتسع الدائرة كلما اتسع محيط العلاقة وتتضيق الدائرة بقرب العلاقة فاضيق دائرة تحيط بالطفل هى امه التى يلاصقها ليلا ونهارا لا يكاد يفارقها حتى يبكى وعندما يكبر ويصبح رجلا تكون زوجته هى اقرب دائرة اليه او كذلك ينبغى (كما سيفصل فيما بعد) ثم نجد ان الدائرة التالية هى محيط الاخوة والاخوات ثم دائرة الاعمام والاخوال ثم دائرة الجيران والمعارف ثم المدرسة او العمل ثم المجتمع ثم القارة ثم العالم وهكذا وكل دائرة ترسمها تجد انك ترسم معها اسس وحدود للعلاقات الناشئة خلالها وتختلف تلك الاطر والحدود باختلاف الدوائر وتحتلف معها ايضا المشاعر
ويتربى الانسان منذ صغره على احترام دوائر الاخرين وحماية دوائرة بحيث لا يحاول احدهم القفز من دائرة تفرضها عليه الاحوال والظروف الى دائرة احرى متطفلا تاره ولصا تارة وغاصبا تارة ثالثة
هذا هو الطبيعى والذى لا يجب ان يتغير حتى فى القيادة فلا يحب احدنا ان يجد من خلفه او من بجواره يقترب منه بصورة لا ترضيه حتى ان البعض يضطرب اذا مر احدهم بجواره وذلك لانعدام الثقة فى قدرات نفسه على حماية ممتلكاته او لانعدام ثقته فى نفسه وقدراتها على النجاه من مناورة سخيفة قد يفكر فيها احدهم
بتغير الاحوال ومرور الايام والتغير الجذرى الحادث فى مفاهيم القيم وتعريفات الاخلاق وارتداد الاعراف ونكسة الفطر
حدث انهيار لمنظومة الدوائر حتى باتت بعض الدوائر تتقاطع وغابت مفاهيم الخصوصية شيئا فشيئا حتى بت ترى من بجوارك فى وسيلة مواصلات يقتحم جريدتك ثم يقتحم مجلتك ثم يقتحم هاتفك المحمول لينظر معك فيما تقرأ بل لا يمنعه حياء ان يناقشك او يخالفك بالرغم من انك لم تاذن له اصلا فى استراق النظر فيما بين يديك
ترى اناسا غرباء يتعرفون عليك لاول مرة ولا يمنعهم حياء ان يسألوك عن عملك وموقعه ثم يسألوك عن الراتب بكل بجاحة من باب "سمعنا المرتبات هناك حلوه فطبعا ردك الحمد لله ثم تفاجأ بالصاعقة -يعنى بيدوك كام"
وقد تجد مندوب مبيعات فى مكتبك ثم اذا به يسألك فى حد من ولادك دخل المدرسه انهارده -طب فى سنه كام -طب انترناشيونال ولا ناشيونال -طب اكيد فوق العشرة الاف وانت بالطبع تحاول ايقافه بادب او بالتطنيش وهو مستطرد فى الرخامة
او قد تجد من يراك قد غيرت السيارة فيهرول عليك -مبروك العربية -ايه غيرت ليه -ايه ده عملت حادثة الف سلامة ويا ترى جبتها بكام -كاش ولا قسط -وانت لسان حالك يا اخى وانت مال شكلك هتفرق معاك ايه ولا ناوى تدينى حاجه من جيبك
هذه امثله مشاهده والاصعب منها ان ترى اسئلة سخيفة ممن هم فى الدوائر الضيقة ولا يمكنك ان تخرج منها الا باجابة حقيقية وسريعة حتى لا يشك فى امرك-ههه
قد تعمد الزوجه الى احراج زوجها ودفعه الى اما الكذب عليها او احراجها فتسأله انت هتروح لطنط فى الويك اند -مش انت قولت انك مش قادر تروح لماما -طب ادام عندك وقت عدينى على ماما فى عين شمس وبعدين روح لمامتك فى الهرم اهو فى طريقك يعنى وطبعا هما مثلا فى وسط البلد او المهندسين مثلا
او بطريقة اخرى -انت ناوى تشترى حاجه لمامتك فى العيد -انت مش بتقول ان الشهر ده مصاريفك كتير
وهكذا تدفع بعض النساء زوجها الى اما الكذب عليها واما الرد بطريقة محرجه تؤدى حدوث مشاكل اكبر وتكون الزوجة فى غنى عن ذلك لو توقفت عن اسهال الاسئلة التى لن تنفع بل حتما تضر
بالتأكيد الزوج والزوجه هما اضيق الدوائر لبعضهما البعض ولكن هناك اضيق الضيق وهى النفس التى تدافع بكل ما اوتيت من قوة عن دائرتها لتظل بعيده عن اى اختراق ولو من الدائرة التالية مباشرة
وهنا تعليق بسيط لانى اسمع الاخوات يعترضن ويصرخن بان الزوج برده حشرى وبيدخل فى كل حاجه وعايز يعرف مراته اتنفست كام مره وكلمت مين وهكذ ولهؤلاء اقول هناك فارق بين الامرين وهذا ليس تعسفا او انتصارا للذكورة ولكنها حقيقة وهى ان الرجل يريد ان يكون كل حياة المرأة والمرأة جزء من حياته وليس العكس واعتقد ان هذه هى الفطرة السليمة البعيده عن مستجدات الامور ومحدثاتها
كل يوم يمر يحدث خرق للدوائر المحيطة بكل منا مما يكرس لسلوك عدوانى للدفع عن الحرية تارة والخصوصية تاره اخرى وهذا السلوك العدوانى ينعكس بكليته على المجتمع وعلى النشأ الصغير حتى اصبح عبده موته مثل اعلى والبلطجة شعار المرحله والدم هو اسهل وسيلة لتصفية الخلافات ايا كانت سياسية او مادية او اجتماعية
الكل يترهب من الكل والكل يخشى الكل
يقود احدنا سيارته وهو متوجس هذا يخبط المرأة وهذا يكبس عليه من الخلف فيصدمه فى اقرب فرمله وهذا يقطع الطريق ويقف قبله بمليمترات وهذا يركن بجوارة ويحك الباب ببابه ولا يأبه لذلك
هذه حياتنا اصبحت بلا حدود فاصلة ولا دوائر
حتى ما يقال عنه دوائر حمراء اصبحت الدائرة ترتبط باسماء وليس بمكنونات وعناوين اذا غاب الاسم اختفى اللون او حل محله لون اخر
ولا حول ولا قوة الا بالله
المفضلات