من عملي السابق في "مشروع إمداد 240 قرية بمياه الشرب النقية" و كان ذلك عام 2007 فقد سنحت لي الفرصة للإطلاع على نتائج تحليل عينات المياه المأخوذة من 240 قرية موزعة على جميع المحافظات .
و كانت النتائج كالتالي :
1- نصف العينات (أي مياه نصف قرى مصر) غير صالحة للشرب لأنها ملوثة لإحتوائها على المعادن الثقيلة بنسب تتجاوز الحد الأقصى المسموح به بمراحل و أذكر أن عنصر الحديد خاصة بلغت نسبته في مياه بعض القرى عشرة أمثال الحد الأقصى مما يؤدي في حالة شربه لمدة طويلة إلى تدمير الكليتين بجسم الإنسان ، و الجدير بالذكر أن تلك القرى تعاني من تفشي مرض الفشل الكلوي بين أهلها .
هذه القرى يكون مصدر مياه الشرب لها هو الترع و المصارف التي يتم صرف مياه الزراعة فيها و هي مياه دائما تحتوي على تلك العناصر بنسب كبيرة للغاية و لكنها تخلو من وجود بكتريا و طفيليات إلا في حالات قليلة في وجود التصرفات الكارثية من التبول و التبرز في تلك الترع و إلقاء القاذورات فيها .
2- نصف العينات الأخرى (أي مياه النصف الآخر من قرى مصر) غير صالحة أيضا للشرب لأنها ملوثة لإحتوائها على البكتيريا و بيوض الديدان و الطفيليات و الكائنات الدقيقة micro organisms (و بالطبع فإن المياه الصالحة للشرب هي التي لا تحتوي إطلاقا على أي كائن حي مهما بلغ من الصغر) .
هذه المياه الملوثة تؤدي في حالة شربها لتواجد الديدان و الطفيليات داخل الجهاز الهضمي في بادئ الأمر ، و تننشر الطفيليات في الجسم عبر الأوعية الدموية ثم يحدث التدمير لجسم الإنسان و غالبا يتأثر الكبد و يتهالك .
الأمراض الوبائية هي السمة لتلك القرى و منها التيفود و أمراض الكبد و غيرهما .
تلك القرى لا يوجد بها شبكة للصرف الصحي فتصرف البيوت في الأرض مباشرة و تتسرب تلك المياه الملوثة إلى المياه الجوفية قليلة العمق و هي مصدر مياه الشرب و الري و يستخرجها الأهالي عن طريق الطلمبات .
رغم حجم الكارثة فإن المشروع كان متوقف رغم وجود 2 مليار جنيه مخصصين له في ميزانية وزارة الإسكان (محطات المياه كانت تتبعها حينها) و جاهزية الشركة الألمانية BAMAG صاحبة الإبتكار في تصميم "محطات تنقية مياه الشرب" و "محطات معاجة مياه الصرف الصحي" بحيث لا تحتاج لمساحات كبيرة من الأرض (يعني مشكلة نزع الأرض من الفلاحين بقت محلولة) و في نفس الوقت تستهلك طاقة كهربائية قليلة جدا و المحطات سهلة للغاية في الصيانة بشكل يفوق بمراحل التصميم التقليدي (المعروف للجميع) و الذي يحتاج لمساحات شاسعة و يستهلك طاقة كهربائية كبيرة .
امبارح قابلت شاب سوري في محل و دار بينا حوار و لما سألته عن أحواله رد عليا بإنه مفتقد الميه الحلوة اللي في سوريا و إن طعم الميه هنا غريب جدا (يقصد سيئة) .
المفضلات