في سنة 1993 تقريبا كنت اعمل في جدة
ولقيت مكالمة جايالي في الشغل من احد اقاربنا من بعيد ... يبقي نسيب بعض اقاربي لكن انا اعرفه جيدا
لقيته جاي عمرة بدون شركة سياحة ... مع نفسه
والحمد لله استضفته عندي وعمل العمرة وبدأ يدور علي شغل !!!
الراجل كان علي مشارف الستين ... حوالي 58 سنة تقريبا وبيشتغل في مصر مدير عام في احد الشركات الحكومية او القطاع العام تقريبا مش فاكر
دخله في مصر وقتها كان مش وحش يقارب 1000 جنية ... باسعار التسعينات من القرن الماضي كويس
وعنده ابنه اتجوزت وسافرت امريكا وابن شاب لسة في الجامعة على وشك التخرج وزوجته موظفة بردو ودخلها كويس وعنده عربية لادا والعيشة كويسة ومستقرة الي حد كبير
الراجل بصراحة كان ضيف خفيف جدا ولم اشعر باي قلق او مشاكل في وجوده معي لمدة 3 اسابيع تقريبا او اكتر خصوصا ان انا كنت عازب وقاعد لوحدي وهو كان انسان في غاية الاحترام ويعمل المستحيل لكي لا يكون ضيف ثقيل
لكن الراجل صعب عليا جدا .... عمال يدور علي شغل ويلاقي شغل بمرتب ضعيف وتعب وبهدلة وحاجة مش مناسبة وكفيل مقرف ووظائف دون المستوي مش بتاعت السن ده
لغاية ما كلمته بصراحة ... قلتله انت بتبهدل نفسك في الغربة في سن المفروض ترتاح فيها وانت وضعك في مصر كويس .... انت ليه بتعمل كدة ؟؟
كانت الحقيقة الصادمة
ابنه الشاب هو اللي ضغط عليه عشان يسافر السعودية يدور على شغل عشان يقدر يجيبله عربية جديدة ويشوفله شقة وحاجات كدة خلتني اتخنقت وبقي نفسي اشوف ابنه ده عشان اضربه قلمين يفوقوه
والراجل ضعيف عاطفيا قدام ابنه الوحيد اللي بيحبه اكتر من نفسه وعاوز يلبي رغبات الابن
وطبعا الدنيا في الغربة ما ينفعش فيها حد بالسن ده يتمرمط فيها وخصوصا وهو اول مرة يتغرب
وانتهت القصة بعودة الاب لمصر وبعد شهور قليلة توفي الاب ...... وبدأت المأساة
الابن الشاب بدأ يجيله مرض غريب مش عارفين اي تشخيص له
ضمور في العضلات وارتباك في الاعصاب وهشاشة في العظام ومشاكل في المخ وحاجات لم يستطيع الاطباء تشخيصها واصبح الابن طريح الفراش وهو في بداية شبابه
وكل مدي الوضع يزداد سوء .... من مستشفي لرعاية مركزة للبيت وهلم جر
وزادت المأساة بوفاة الأم ..... وحاولت اخته استقدامه لأمريكا للعلاج او اي طريقة اخري دون جدوي
واصبح الشاب وحيدا .... ولا يستطيع مجرد الذهاب للحمام بمفرده
وسخر له الله خالته التي كانت تعمل رئيسة تمريض لكي تطلع الي المعاش وتنتقل لتكون معه
واحضرو له سرير طبي مجهز الي البيت ليصبح البيت غرفة عناية مركزة برعاية الاطباء وبمتابعة مباشرة من خالته وباقي اقاربه
استمرت معاناة الشاب من سنة 1996 الي ان توفي الي رحمة الله منذ 3 ايام وهو بالكاد عبارة عن بعض الجلد علي هيكل عظمي ضعيف بعد اكتر من 17 سنة من المعاناة التي تفوق احتمال البشر ... وسواء بالنسبة له او لمن حوله
اللهم ارحمه واغفر له واجعل مرضه في ميزان حسناته ... ياريت لا تنسوه بدعائكم له بظهر الغيب
ياريت كلنا وانا اولكم نبر والدينا في كبرهم ومانخليش الدنيا تسرقنا