نهى رشدي تسترد كرامتها بالقانون
نهي رشدي صاحبة أول دعوي «تحرش جنسي»: تغلبت علي الخجل لأستعيد حقي.. وما فعلته سيجعل الشباب يفكر قبل «التحرش»
حوار محمد عزام ودارين فرغلي ٢٣/ ١٠/ ٢٠٠٨بجرأة تحسد عليها وإرادة قوية وبكلمات تكسر تابوهات اجتماعية تخشاها الفتاة المصرية تحدثت إلينا نهي رشدي،
الفتاة التي حصلت علي حكم في الدعوي القضائية ضد شخص تحرش بها ليتم سجنه ٣ سنوات ليسدل الستار علي أول قضية من نوعها في تاريخ القضاء الجنائي المصري نجحت من خلالها في استعادة حقها وكرامتها علي حد قولها، فإلي الحوار:
* في البداية احكي لنا ماذا حدث يوم ٢٥ يونيو؟
ـ كنت عائدة من السفر أنا وصديقتي هند التي سافرت الآن إلي الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة وهي الشاهدة الرئيسية في القضية، وقرب منزلي في منطقة الكربة رأيت سيارة نصف نقل قادمة وبدأ سائقها في الانحراف نحوي، فخفت وحاولت تفاديه لكن السائق، عندما أصبح بمحاذاتي،
مد يده خارج النافذة وأمسكني بقوة من صدري، وجذبني بعنف شديد، وسقطت علي الأرض فجري بالعربية مسرعاً ثم نظر لي من شباك السيارة ساخراً ـ وهي النظرة التي كانت دافعي لمقاضاته للمطالبة بحقي ـ فصرخت وشعرت بألم وغضب لا أستطيع وصفهما.
* ماذا فعلت أثناء وقوعك علي الأرض؟
ـ اتخذت قراري في ثانية بملاحقته ولحسن الحظ، جاءت سيارة في الاتجاه المعاكس له، فاضطر للتوقف، فما كان بي إلا أن «جريت وطلعت علي مقدمة السيارة» حتي لا أتركه يهرب وصرخت حتي يساعدني المارة.
* هل شعرت بالخوف من أن يدهسك بالسيارة؟
ـ كنت مستعدة لهذا الاحتمال ولكني لم أكن سأحترم نفسي بقية حياتي إذا تركته ينجو بما فعل ويسخر مني بضحكته التي لن أنساها ما حييت.
* ماذا حدث بعد ذلك؟
ـ عاد بالسيارة إلي الخلف وكنت مازلت فوقها، إلا أنني فقدت توازني وسقطت علي الأرض.
* ما ردود الأفعال من جانب المارة؟
ـ لم أكن أتصور أن أجد هذه الردود فبعضهم حاول مساعدة السائق علي ركوب سيارته والهرب والبعض الآخر قال لي إحنا هنخليه يعتذر لك، ولما قلتلهم: يعتذر لي إيه؟ هو داس علي رجلي، ورفضت، قالوا لي أمال إنتي عايزه إيه؟
قلت لهم: هاخده علي القسم وواحد آخر قال لي أنا مش فاهم إنتي واقفة كده في وسط الرجالة إزاي ولقيت الناس في المحال والبلكونات، قاعدين يتفرجوا كأنهم بيشوفوا فيلم سينما وحتي كان فيه سيدة واقفة قالت لي خلاص يا بنتي سامحيه فرفضت وأصررت علي موقفي.
* البعض يحمل الفتيات مسؤولية إغواء الشباب بملابسهن هل كنت ترتدين ملابس مثيرة؟
ـ لا خالص كنت لابسة ملابس واسعة وعايزه أقول إن اللبس مبقاش من المعايير التي تحمي الفتاة في مصر من التحرش وكل البنات بيتعاكسوا حتي لو محجبات أو حتي منتقبات وأنا فاكرة إن أول مرة أتعرض فيها لمعاكسة كنت لابسة الحجاب.
* ماذا حدث بعد ذلك؟
ـ ذهبت صديقتي للاستنجاد بأحد في النقطة بعدما خاب أملنا في كل الموجودين ما عدا شاباً وقف معي وساعدني ألا يهرب المجرم بفعلته، لكن أمين الشرطة قال لها كلمي النجدة فاضطررنا أنا وصديقتي والشاب الذي تعاطف معي لجر السائق علي القسم وهناك اتصل أمين الشرطة بالضابط، لكنه لم يأت ونصحني الأمين بأنني هتبهدل فرددت عليه أنا دارسة قانون وفاهمة كويس موقفي فكتب مضطراً محضراً وأخذ أقوالي ولكنه لم يأخذ أقوال صديقتي ولا حتي الشاب الذي جاء معنا.
وبعدها قال لي «مفيش عربية تودي السواق ده القسم، مفيش غير إنك تاخديه في عربيتك» وجالي والدي وأنا في القسم فتوجهت بصحبة والدي ومعنا السائق وعسكري من النقطة إلي قسم مصر الجديدة لتوثيق المحضر، وتوجهت إلي النيابة المسائية.
* هل حاول السائق إنهاء الأمر؟
ـ بالفعل حاول السائق الاعتذار لي، وهو ما يعني اعترافاً بفعلته، لكنني رفضت وأصررت علي موقفي بسبب ضحكاته الساخرة وقت الحادث وأشكر وكيل النيابة لأنه كان محايداً جداً وبعد التحقيق قال لي شكراً إنتي شجاعة جداً وياريت كل البنات تكون مثلك.
* هل أنت راضية عن الحكم؟
ـ بالطبع، فهو حكم عادل جداً، لم يأت لي بحقي فقط، لكنه أعاد الاعتبار للمرأة بشكل عام.
* ألم تترددي قبل التفكير في اللجوء إلي القضاء؟
ـ فكرت كثيراً في تداعيات ما سأفعله، خصوصاً أننا نعيش في مجتمع شرقي ولن أستطيع أن أرضي كل الأطراف، لكنني متعلمة وأعي جيداً أنني كإنسانة يجب أن أخذ حقي ما دام في استطاعتي ذلك.
* هل تعرضت لانتقادات ممن حولك علي هذا القرار؟
ـ لا، علي العكس فقد وجدت مساندة قوية جداً من أهلي وأصدقائي الذين شجعوني علي هذا القرار، حتي إن والدي حضر معي إلي المحكمة وقال إنه فخور بإيجابيتي.
* لكن البعض انتقد جرأتك تلك؟
ـ نعم، فقد قرأت علي الإنترنت انتقادات كثيرة لي، وأبدي البعض اعتراضهم علي ما سموه جرأتي الشديدة، لأن مجتمعنا يري أن الفتاة يجب أن تكون دائماً خجولة، أما أنا فأري أن الفتاة كائن مستقل وشجاع.
* ألم تشعري بالخجل وأنتي تروين تفاصيل حادث التحرش الذي تعرضتي له؟
ـ شعرت ببعض التوتر، لكني حاولت أن أكون أقوي من تلك المشاعر السلبية، حتي أسترد حقي وكرامتي.