لماذا يفضل يهود أمريكا التصويت لأوباما؟

1- جاء في كتاب "النشاط السري اليهودي" للمؤلف "غازي محمد فريج" دار النفائس/الطبعة الأولى 1990/صفحة 199(بتصرف):

{يقول الكاتب اليهودي الأمريكي "ستيفن د.إيزاكس" في كتابه "اليهود و السياسة الأمريكية" ص 112+113:(إن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية,ووعيهم السياسي المتنامي قد تطابق مع تغيير كبيرفي الحزب الديمقراطي.) و يقول (إن التبرعات اليهودية في الحزب الديمقراطي لها وقع يضاهي وقع أية أموال أخرى)..(و هذا لايعني أن اليهود لا يتبرعون لمرشحي الحزب الجمهوري بل المعروف عن اللوبي الصهيوني أنه "لا يضع كل البيض في سلة واحدة", بل يضع في حساباته كل الاحتمالات, غير أن اتجاه الأثرياء اليهود بشكل عام إلى الحزب الديمقراطي أكثر ظهوراً منه في الجزب الجمهوري, نظراً لأن الأخير يمتلك عدداً أكبر من مصادر المال المستقرة و يسيطر على معظم الصناعات.}

و هناك سبب آخر مهم غير التغلغل اليهودي فيه, هو أن الحزب الديمقراطي حزب علماني ليبرالي لا ديني, وهذا يجعله أقرب للاستجابة لضغوط اللوبي اليهودي سواء بشؤون دولة إسرائيل أو كذلك بتخفيف وطأة الحرب الأمريكية على الشيوعية أو الماركسية العالمية بكافة أنواعها و هي كلها تعمل لصالح إقامة إسرائيل الكبرى وكذلك إقامة دولة شيوعية عالمية تحت تاج ملك يهودي, لكل هذا فإن أغلبية اليهود الساحقة تؤيد المرشح الديمقراطي أوباما.

أما الحزب الجمهوري فهو حزب ديني بروتستانتي يمثل الأغبية البروتستانتية و حتى الكاثوليكية, وهو متعاطف مع إسرائيل بسبب عقيدة القيامة أو الخلاص المسيحي البروتستانتي الذي لا يتم حسب رؤيتهم إلا بعودة اليهود إلى صهيون, ولذلك فهو يؤيد فقط الوجود اليهودي في فلسطين
و يرفض تأييد إقامة إسرائيل الكبرى, وكذلك يحارب الشيوعية (اليهودية)العالمية بشدة بكافة أشكالها.

إذن في الحالتين لدينا نحن كعرب و مسلمين مشكلة أن الرئيس الأمريكي سيدعم إسرائيل, ولكن من كلا الحالتين السيئتين لدينا الحزب الجمهوري هو الأقل سوءاً لأنه على الأقل سيمنع إسرائيل من التوسع, وسيحارب التوسع الشيوعي اليهودي العالمي.

و لكن على الرغم من كل ذلك فإن اللعبة اليهودية الشيوعية العالمية لا تتوقف إذا فاز المرشح الجمهوري, بل إنها تستمر في الضعط عليه و على الكونغرس لتمرير مخططاتها و كذلك تستغل كل عمل يقوم به ضد مصلحتها فتحاول تجييره لمصلحتها إن استطاعت أو على الأقل تقلل من أضراره.

2- الرد على مقولة د.عبد الوهاب المسيري في هذا الموضوع.

يقول المسيري في موسوعته/م6/ج3/ب2/موضوع(الصوت اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية:

{على سبيل المثال، يُلاحَظ أن العلاقة بين الدولة الصهيونية والولايات المتحدة ازدادات عمقاً أثناء حكم الرئيسين الجمهوريين نيكسون وريجان، وخصوصاً الأخير. ويُلاحَظ كذلك أن سياسات الحزب الجمهوري، التي تتبنى سياسة المواجهة مع الاتحاد السوفيتي وتصعيد الحرب الباردة، تلقى صدى في صفوف الصهاينة والدولة الصهيونية المستفيدة من حالة التوتر الدولي والاستقطاب. ويُلاحَظ كذلك أن برنامج الحزب الجمهوري عام 1988 يتسم بالتحيز الشديد لإسرائيل من مطالبة بتقوية الأواصر الإستراتيجية معها وتعميق العلاقة الخاصة بها والوقوف ضد إنشـاء دولة فلسـطين وتأييد إلغاء قرار مسـاواة الصهيونية بالعنصرية. كما أن الحزب الجمهوري لا يضـم في صفوفه شـخصية مثل جيسـي جاكسون الذي نجح هو وأتباعه، ولأول مرة في تاريخ مؤتمرات الأحزاب الأمريكية، في وضع فكرة الدولة الفلسطينية موضع المناقشة.}

ولكن حضرة المسيري لم يذكر لنا أن سبب اغتيال الرئيس الجمهوري كينيدي لأنه بعث في عام 1961 رسالة إلى جمال عبد الناصر أعرب فيها عن اهتمامه بالشرق الأوسط و القضية الفلسطينية و ضرورة إيجاد حل لمأساة اللاجئين "على أساس المبدأ القاضي بإعادتهم إلى ديارهم أو تعويضهم عن ممتلكاتهم, و التمسك بتأييد توصيات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين), ويبدو أنه قد خُدع بجمال عبد الناصر و ظنّه من المؤيدين للحق الفلسطيني.

ولم يخبرنا كذلك عن موقف الرئيس أيزنهاور, جاء في كتاب "النشاط السري اليهودي" للمؤلف "غازي محمد فريج"دار النفائس/الطبعة الأولى 1990/صفحة 196:
{
غير أن الأمور تغيرت بعض الشيء أيام الرئيس دوايت د.أيزنهاور,الذي
امتاز حكمه بقاومة ضغوط اللوبي الصهيوني, ولعله الرئيس المريكي الوحيد الذي أوقف المساعدات عن إسرائيل و أرغمها في ثلاث مناسبات على التخلي عن سياسات رئيسية كانت قد التزمت بها علانية و بكل قوتها, المرة الأولى سنة 1953 عندما شرعت إسرائيل في تحويل مياه نهر الأردن ثم أعلنت وقف المشروع تحت وطأة الموقف الحازم للرئيس أيزنهاور, وفي سنة 1956 عندما شاركت إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر, وفي عام 1957 عندما رفضت الانسحاب من الأراضي المصرية المحتلة, ثم رضخت للأمر الواقع.} نقلا عن كتاب "من يجرؤ على الكلام"بول فندلي"صفحة 198-202.

ويتابع المسيري:

{فإن صدقت مقولة «الصوت اليهودي» كأداة ضغط في يد الصهاينة، فإن من
المتوقع أن يصوِّت اليهود لصالح الجمهوريين بأعداد متزايدة. ومع هذا، فقد أدلى معظم اليهود بأصواتهم لصالح الحزب الديموقراطي، بنسبة 70% ـ 80% من مجمل الأصوات كما حدد بعض المحللين. وفي محاولة تفسير هذا الوضع نجد أن المحللين يسقطون «الولاء الصهيوني» كعنصر محرك ويتوجهون لعلاقة هؤلاء الأمريكيين اليهود بمجتمعهم الأمريكي. فيُلاحَظ أن الحزب الديموقراطي كان دائماً حزب المهاجرين والأقليات وسكان المدن وهو أيضاً الحزب الذي يمثل مصالحهم ويحاول التعبير عن هذه المصالح. ومنذ عام 1932، حصل مختلف الرؤساء الأمريكيين من الحزب الديموقراطي على ما يزيد على 70% من الأصوات اليهودية. وبحسب كثير من المحللين، لا تزال هذه النسبة هي النسبة القائمة، ففي انتخابات عام 1984 لم يحـصل ريجـان إلا على 30% ـ 40% من الصـوت اليهودي، وقد حصل بوش على نسبة أقل. ويُقال إن كلينتون قد حصل على حوالي 85% من الصوت اليهودي.}

لا يجوز للمسيري في موسوعة علمية ضخمة كهذه (كما يدعي) أن لا يذكر لنا من هم أولئك المحللين, و هنا يتحدث المسيري وكأن اليهود يجب أن يتحولوا للتصويت للحزب الجمهوري لأنهم نجحوا في تقوية العلاقة بين الدولة الصهيونية والولايات المتحدة أثناء حكم الرئيسين الجمهوريين نيكسون وريجان, و هذا خاطيء تماماُ فاليهود يفضلون التصويت للديمقراطيين الأسهل استجابةً لضغوطهم, ولكن إذا فاز مرشح جمهوري فقد يتمكنون من تغيير سياسته بوسائل ضغطهم, ولكن يبقى عندهم بشكل عام أن التصويت للديمقراطيين يجب أن يكون هو الغالب.

و لا ننسى طبعاً أن اللوبي الصهيوني "لا يضع كل البيض في سلة واحدة"وقد أثبت في الموضوع السابق "كيف يؤثر الصوت اليهودي على انتخابات أمريكا"أن اليهود الأمريكيين و معظم يهود العالم يضعون الولاء للصهونية قبل كل شيء.

ثم يذكر المسيري أحد أهم أسباب انحياز اليهود للحزب الديمقراطي و لكنه يخفق في تفسير ذلك بشكل صحيح:

{فالحزب الجمهوري هو حزب البيض (الواسب) بالدرجة الأولى (من بين المندوبين لمؤتمر الحزب الجمهوري لاختيار مرشح الرئاسة عام 1988، كان هناك 2% من اليهود مقابل 6% في مؤتمر الحزب الديموقراطي، وكان هناك 3% من السود مقابل 20% في مؤتمر الحزب الديموقراطي). ورغم أن برنامج الحزب الجمهوري مؤيد للصهيونية وإسرائيل، فإن البرنامج نفسه يقف ضد إباحة الإجهاض ويطالب بإدخال الصلوات في المدارس ويؤكد ضرورة ترديد يمين الولاء في المدارس.
كما أن البرنامج يطالب بإعطاء خصم ضريبي لأولياء الأمور الذي يلحقون أولادهم بمدارس خاصة حتى لو كانت دينية. وهي سياسات محافظة لا تروق للناخبين اليهود واستجابتهم لها هي التي تحدد سلوكهم الانتخابي.

وقد تبدو كل هذه الأمور بالنسبة إلى المراقب الخارجي وكأنها أمور تافهة، وهي حقاً كذلك من منظور السياسة الخارجية، ولكنها ليست كذلك من منظور الحركيات الداخلية للمجتمع الأمريكي ونمط التصويت الذي يتبعه أعضاء الجماعة. فمنذ بداية الستينيات والمعركة مستمرة بين دعاة العلمانية وفصل الدين عن الدولة بشكل كامل ومطلق، بقيادة الجماعة اليهودية من جهة، وبعض الجماعات الأخرى ذات التوجه الديني من جهة أخرى. ويرى معظم أعضاء الجماعة اليهودية أن مصلحتهم تكمن في تزايد معـدلات العلمنة، وأن هذا هو الضمـان الوحيد لحريتهم بل وجودهم. وقد اكتسح هذا التيار المجتمع الأمريكي في الستينيات، ووصلت عملية الفصل بين الدين والدولة مراحل هستيرية حتى أن ذكر كلمة «الإله» في الكتب المدرسية مُنع، ومُنعت الصلوات كما مُنعت نشاطات الجمعيات الدينية في المدارس حتى لو أرادت تسجيل نفسها على أنها من جماعات الهوايات أو كرة القدم!
...
ويحاول بوش أن يخفف حدة برنامج الحزب الجمهوري الخاص بإدخال الصلوات ويدعو إلى أن تأخذ الصلاة شكل «لحظة صمت» يستطيع الطلبة فيها أن يصلوا أو أن يجلسوا أثناءها في صمت دون صلاة إن شاءوا. ولكن، مهما حاول الحزب الجمهوري، فسوف يظل موقفه باهتاً بالقياس إلى موقف الحزب الديموقراطي حيث طالب دوكاكيس بكل حدة بفصل الدين عن الدولة. وربما كان أكبر دليل على ليبراليته وعلمانيته أن زوجته يهودية. ثم يأتي كلنتون ليعبِّر عن تزايد معدلات العلمنة ويبدأ فترة رئاسته بإباحة الإجهاض ومحاولة إدخال الشواذ جنسياً القوات المسلحة الأمريكية. ونضيف إلى هذا أن سياسات الحزب الجمهوري الداخلية بشأن الإنفاق على مشاريع الرخاء الاجتماعي والتعليم هي سياسات محافظة في حين أن سـياسـة الحزب الديموقراطي في هـذا المضمار ليبرالية. وكما أسـلفنا، يتبنى معظم اليهود مواقف الحزب الديموقراطي الليبرالية.

لكل هذا، يصوِّت معظم يهود أمريكا للحزب الديموقراطي وليس للحزب الجمهوري، تعبيراً عن وضعهم كمواطنين أمريكيين لهم حركياتهم الأمريكية الخاصة وليس بوصفهم أعضاء في الحركة الصهيونية أو متعاطفين معها.}

في هذه العبارة الأخيرة يغالط المسيري حيث يفترض أن يهود أمريكا لو كانوا أعضاء في الحركة الصهيونية أومتعاطفين معها فيجب أن يصوتوا للحزب الجمهوري, لأن المسيري يُغفل حقيقة أن اليهود يهتمون أكثر بهدم الأديان
و بنشر مباديء الإلحاد الهدامة تمهيداً لإقامة دولتهم العالمية, ثم إن الرئيس الأمريكي إن كان ديمقراطياً و لم يكن جمهورياً عنده التعاطف الذاتي مع إسرائيل, فبإمكان لوبيهم الضغط عليه لأجل ذلك, و هذا أسهل عليهم بكثير من الضغط على رئيس جمهوري من أجل فصل الدين عن الدولة أو لتخفيف قوة مواجهة أمريكا للشيوعية العالمية.

إذن كل هذه المقولة للميسري فقط ليدافع عن يهود أمريكا, بإعطائنا فكرة عنهم أنهم لا يقصدون دعم دولة إسرائيل اليهودية, وأن الدعم الأمريكي لإسرائيل هو سياسة أمريكية محضة, وهدفه الخفي من هذا الكلام أن نترك اليهود وشأنهم يدعمون إسرائيل ونحارب نيابة عنهم عدوهم أمريكا الواقفة في طريق إكمال مخططاتهم, و قد تم كشف النقاب عن كل تلك المغالطات.