طبعا من حق أى واحد إنه يسأل هى فلوس المعونات الخليجية دى كلها راحت فين بس اللى مش مظبوط إننا نطلق أحكام عامة زى إن الفلوس اتسرقت و إن كل المسؤلين فاسدين بدون أى دليل و بدون دراسة أو فهم كافى للوضع الإقتصادى
الحقيقة إن الإجابة على التساءل عن فلوس الخليج مش سهلة و بسيطة أبدا و لازمها فهم للوضع النقدى و الإقتصادى للبلد بنظرة كليه الأول و انا هحاول ابسط الموضوع على قد ما أقدر و اعتذر لو أى فى أى خطأ لإنى بكتب الرد من دماغى و مرجعتش لأى مراجع فممكن الأرقام أو النسب تكون تقريبية مش دقيقة.
اولا الموازنة العامة للدولة
تتكون موازنة الدولة من قسمين
إيرادات إللى هى الضرائب و الرسوم و عوائد الإستثمار و غيرها
و المصروفات اللى هى مشروعات الدولة كل عام لتحسين حياة المواطنين و غيرها من المصاريف السيادية زى مصاريف الأمن و القضاء و غيرها
و ممكن تقسيم المصروفات بشكل تانى زى المرتبات و الدعم و أقساط الديون و فوائدها و المشروعات الخدمية و الإستثمارية
المشكلة إن ميزانية مصر مختلة فى الشقين دول يعنى الإيرادات مختلة لإنها غير عادلة (الفقراء يدفعون نسب أكبر من الأغنياء كرسوم و ضرائب) و لا تشمل المجتمع الإقتصادى كله (الإقتصاد غير الرسمى و تحت السلم)
و كمان بند المصروفات مختل لإن المرتبات و الديون و الدعم للطاقة بتمثل الثلاثة مجتمعة ثلاث أرباع المصروفات الحكومية و يتبقى الربع فقط لمشاريع البنية التحتية و تحسين حياة المواطنين و المشاريع الإستثمارية اللى ممكن تزود الإنتاج و بالتالى الإيرادات.
نتيجة الخلل ده حدوث فجوة ضخمة ما بين الإيرادات المحققة و المصروفات المطلوبة فدايما المصروفات بتبقى أكتر من الايرادات و الفرق ده هو عجز الموازنة.
كل اللى فات ده بقى إحنا وارثيته من نظام مبارك فيما عدا زيادة المرتبات اللى حصلت بعد الثورة
الحكومة علشان تمول عجز الموازنة بتستلف من البنوك كل يومين تلاتة 6 أو 7 مليار جنيه بفايدة كبيرة طبعا القرض بيبقى بالجنيه المصرى ، لكن جزء كبير من المصروفات مطلوب سدادها بالدولار أو بالعملة الأجنبية زى أسعار المحروقات اللى هى المازوت و السولار و البنزين و الغاز و السلع التموينية و المكونات الأجنبية لإحلال و تجديد و صيانة البنية التحتية.
ثانيا ميزان المدفوعات
ميزان المدفوعات هو الفرق بين إيراداتى و مصروفاتى نتيجة تعاملاتى مع العالم الخارجى
طبعا فيه عجز شديد فى الإيرادات الحكومية من الدولار و دى نتيجة مباشرة للثورة و الإرهاب فلو عرفنا إن الصادرات المصرية كلها حوالى 25 مليار دولار فى حين إن الواردات أكتر من 60 مليار يعنى فيه عجز تجارى حوالى 35 مليار دولار ده غير الإلتزامات الأخرى زى أقساط الديون و غيرها و خصوصا إننا فى مصر بنستورد كل حاجة مهمة أو تافهة من أول أكل الكلاب مرورا بمنتجات خان الخليلى و الكافيار لغاية السلع الأساسية زي الزيت و السكر و القمح و أخيرا البنزين و السولار و البوتوجاز.
طيب أيام مبارك كان الفرق بين الصادرات و الواردات ده بيتغطى إزاى ؟
كان تحويلات العاملين فى الخارج بتغطى الجزء الأكبر و هو كان حوالى 16 مليار دولار و بعدين عائد السياحة حوالى 10 مليار دولار و إيرادات قناة السويس حوالى 4 مليار دولار و و تحويلات مستثمرين أجانب للإستثمار فى مصر بتكمل باقى العجز و يفيض كمان.
اللى حصل بعد الثورة و بعد الحوادث الإرهابية إن إيرادات السياحة إنخفضت للنصف أو أكتر قليلا و الإستثمارات الخارجية تلاشت تماما اللى زاد بس شوية تحويلات المصرين فى الخارج ، مقابل إرتفاع رهيب فى قيمة الواردات من الخارج مما خلق ضغط رهيب جدا على العملة الأجنبية أدى لإرتفاع سعر الدولار المتتالى اللى حصل بعد الثورة.
السعودية و الإمارات و الكويت قدموا مساعدات كبيرة و خصوصا سنة 2013 إحتفالا بزوال حكم الإخوان بس المساعدات دى كانت فى شكل منح بترولية للحفاظ على مستوى دعم الطاقة فى مصر و دى ما كانتش قلوس نقدا علشان تتسرق دى كانت شحنات بترول و غاز و اتباعت بأقل من سعرها بسبب الدعم، و ودائع فى البنك المركزى و دى كان هدفها دعم سعر العملة المحلية و منع إنهيارها أمام الدولار و الودائع دى لسة موجودة فى البنك المركزى و ممكن الدول دى تستردها فى أى وقت و دعم نقدى لدعم الموازنة العامة للدولة و دى اتصرفت على شراء القمح و السلع التموينية و محطات الكهرباء الصغيرة اللى الجيش عملها و أخيرا جزء مهم تم توجيهه لتحديث و دعم القوات المسلحة متمثله فى صفقات السلاح الكتير اللى تمت فى الفترة الأخيرة.