المشاركة الأصلية كتبت بواسطة TaoTao
ما شاء الله الله أكبر ولله الحمد .. وبارك الله لك يا دكتور أحمد سمير في عقلك ومنطقك .. كان فيه تعليق في دماغي بس ماكانش ينفع اكتبه بدون تأصيل المشكلة، ولم أكن لأستطيع تأصيلها كما فعلت حضرتك ..
واسمح لي أن اقتبس بعضاً من ردكم لأضع خواطري في إطارٍ محكم من رأيكم السديد:
في حادث التحرش الجماعي الأخيرلاحظت أن الحادث وقع على "الحدود" فموقع الحادث على الحدود بين منطقة كانت بالعهد القريب جداً ريفية ومنطقة المهندسين الراقية جداً .. وسرحت بتأملاتي وتذكرت حواراً طفولياً جرى -منذ عشرين عام- بيني وبين أحد أبناء العمومة حين قال لي في لهجة من يفضي إلي بسر خطير -أو لعله كان يصمني بتهمة المدنية-: "كنت امبارح في مصر .. شفت ست كانت بتسوق العربية وجوزها جاعد جنبها زي الـ ..." وذكر كلمة تقلل من شأن الزوج في هذه الحالة، وعندما نظرت إليه بعينٍ خالية من التعبيرات أراد أن يزيد سخونة الحوار "داني شفتها كمان بتشرب سجاير" واستمرت نظرتي المحايدة فأنا بنظرة من تربى بالمدينة لا أرى فيما يقول حادثاً جللاً ولا أفهم القصد من كلامه، ولكنه بنظرته القروية يرى أنها "ست مش كويسة .. وأن ستات مصر عامةً سايبين والرجالة مش حاكمينهم" (وأعتذر عن الوصف المسيء ولكنها طبيعة العقل البشري أن يعمم كل ما هو سلبي وأن كل ما يخالف تقاليدي فهو سيء) ومصر هي القاهرة أو المدينة بوجه عام .
فالقرية لها منظومتها من القيم الصارمة والتقاليد التي لا يمكن تجاوزها داخل المجتمع، فيعرف أهلها العيب ويعرفون حدودهم في احترام الكبير، ولأنهم مجتمع شبه مغلق يعرف بعضهم بعضاً، فمن المستحيل أن يتجاوز أي شابٍ في حق أي أحد -سواءٌ كان كبيراً في السن أو امرأة-
ماذا حدث خلال هذه السنوات العشرين؟
أولاً زيادة رهيبة في عدد سكان هذه القرى ساعد عليها تهاون الحكومة في مواجهة بناء المساكن على الأرض الزراعية .. وقابلها قلة الخدمات.
ثانياً: أدت زيادة السكان مع قلة الأرض الزراعية -التي تم البناء عليها- إلى تحول الكثير من أبناء القرى للنشاط الصناعي بدلاً من الزراعة (تغيير مهم في مجموعة القيم والمبادئ)
ثالثاً: صار على كل سطح منزل "دش" وانتشرت الوصلات الرخيصة التي أتاحت للشباب الاطلاع على الدنيا الأخرى والتي رسخت لديهم مبدأ "الستات في مصر سايبين" (راجعوا كل نماذج المرأة في جميع الأعمال الدرامية والفنية وستجدون ما يبرر هذا الترسيخ)
رابعاً: أدى التوسع السكني في هذه القرى لحدوث "تلامس" بين المجتمعات في كثير من المناطق، فالمسافة بين "أرض اللواء" و"زنين" و"بولاق الدكرور" (وهي مناطق ينطبق عليها الوصف السابق) وبين شارع جامعة الدول العربية لا يكلف المرء أكثر من عبور كوبري أو مزلقان سيراً على الأقدام
مع غياب الأمن بالشارع متمثلاً في غياب دور الشرطة بالشارع والتلامس بين المجتمعات والذي شبهته حضرتك بـ "تقاطع الطبقات" مع الخلفية الثقافية عن "ستات مصر" مع وجود بعض الشباب بدون وازع أخلاقي (وهم موجودون في كل مجتمع وبيئة) ومع القواعد الصارمة التي تحكم هؤلاء الشباب في قراهم الأصلية أضف إلى ذلك وجود شارع بسمعة شارع "جامعة الدول" على بعد خطوات، قد يكون سبباً في وجود تحرك جماعي للتمتع بمن يظنونهم "ستات سايبة" على الجانب الآخر من الكوبري، خارج قراهم وخارج نطاق سلطات أهليهم وتقاليدهم الصارمة مع ضمان حكومي بعدم التعرض!.
(لاحظوا أن إشارة بدء الهجوم الهمجي كان كلمة "وليمة" !!)
إلى هنا انتهت خواطري ويظل لي تعليق على الجزء الأخير من مشاركتكم:
ملاحظة ورأي سديدين ويفسران العديد من السلوكيات الهمجية التي انتشرت في مجتمعنا بدايةً من التهرب من بوابات المترو وصولاً للتحرش
وأشكر حضرتك على هذا الرأي المستنير الكاشف