الموضوع: حديث «الطلاق»

أفهم حالة الانزعاج من ارتفاع نسب الطلاق، خصوصاً بين المتزوجين من الشباب، لكننى لا أجد ضرورة فى أن يكون هذا الموضوع مجالاً لأحاديث رئاسية، خصوصاً عندما يكون مدخل الحديث فقهياً، يتصل بمسألة الإجراءات الشرعية لتقنين الطلاق. ولعلك لاحظت أنه بعد طرح الموضوع انقسم علماء الدين ما بين مؤيد ومبرر للاقتراح الرئاسى بتقنين الطلاق، لكى يصبح مثله مثل الزواج، غير معترف به إلا إذا كان موثقاً على يد مأذون، وما بين مفند ورافض لهذا الرأى ويرى أن الطلاق يقع شفاهة، إذا تحققت فيه الشروط المطلوبة، وهو جدل أجدنا فى غنى عنه، والأجدر أن يترك لأصحابه، خصوصاً أن الطلاق وإن كان بغيضاً، إلا أن مثله كمثل الزواج «حلال». والله تعالى يقول: «الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ».

ويقول النبى صلى الله عليه وسلم: «أبغض الحلال عند الله الطلاق».معالجة قضية الطلاق ضرورة، ذلك أمر لا خلاف عليه، لكن الخلاف على سياق المعالجة، هذا أمر، وطريقة وأسلوب المعالجة، وذلك أمر آخر. فارتفاع معدلات الطلاق يجب ألا يفصل عن مشكلة تراجع معدلات الزواج. كلتا المشكلتين ترتبط بأوضاع ثقافية من ناحية، وأوضاع اقتصادية من ناحية أخرى. فثمة ثقافة تتسكع فى أدمغة قطاع من الأجيال الجديدة تقلل من قيمة الزواج، ولا ترى مقاماً لمؤسسة الأسرة، وهى ثقافة تكرست فى أحضان أفكار أتاحتها تكنولوجيا الاتصال الحديثة، التى مكنت الشباب من التفاعل مع أفراد ينتمون إلى ثقافات لا تقيم وزناً لفكرة الزواج أو الأسرة، وترضى بأشكال أخرى للعلاقة بين الرجل والمرأة، بعيدة أشد البعد، وغريبة أشد الغرابة عن ثوابت الثقافة الاجتماعية المصرية والعربية.

ولعل أبرز دليل على مخاطر وتأثيرات هذه الثقافة أن العديد من المجتمعات العربية التى تتشابه فى بنيتها الثقافية مع المجتمع المصرى تعانى من نفس المشكلة المزدوجة التى نعانى منها، مشكلة ارتفاع معدلات الطلاق، وتراجع معدلات الزواج.العامل الاقتصادى من العوامل التى يتحتم ألا نهملها أيضاً، فالأرقام الخاصة بمعدلات الطلاق يجب ألا تقرأ بعيداً عن الأرقام المعبرة عن الأوضاع الاقتصادية، بالنسبة للزيجات الحديثة، وكذا بالنسبة لمن يكون بصدد تأسيس عش الزوجية.
علينا أن نسأل: كم سعر الشقة اليوم؟. وكم سعر الأثاث؟. وكم سعر الأجهزة الكهربائية؟. وكم من آلاف الجنيهات ينبغى أن تتوافر فى يد من يفتح بيتاً فى هذا التوقيت حتى يحسن الإنفاق على احتياجاته واحتياجات زوجته وأبنائه، معيشياً وتعليمياً وصحياً؟.
إن الخطوة الأولى للزواج، على الطريقة المصرية، تتمثل فى «الشبكة»، ولك أن تحدثنى عن أسعار الذهب اليوم. كثير من الشباب المتزوج حديثاً يلجأ إلى تأجير شقق بالنظام الجديد، ويعمل فى وظائف لا تتسم بالديمومة، وهو معرّض للخروج منها، أو فى أقل تقدير لتخفيض مرتبه، فى أى وقت، بسبب ما تعلمه من سوء الأوضاع الاقتصادية، وحتى إذا احتفظ بها، كيف له أن يدبر معيشته فى ظل حالة الغلاء التى ضربت كل شىء، وانخفاض القيمة الشرائية للجنيهات التى يجنيها كل شهر؟.
أغلب حالات الطلاق لها أسباب اقتصادية، وهى نفس الأسباب التى تؤدى إلى تراجع معدلات الزواج.
لذلك فمعالجة هذه المشكلة لا بد أن تعالج من زاويتين: ثقافية واقتصادية. ولا يهم بعد ذلك أن يتم الطلاق شفاهة أو بوثيقة أو حتى بقرار رسمى!.

د. محمود خليل

الوطن | حديث «الطلاق»

ورد الدكتور عبدالمنعم فؤاد مضايقهم

الوطن | متحدث باسم الأزهر يهاجم السيسي ويسخر من المطالبة بـ"إلغاء الطلاق الشفهي"