إليكم هذه الحكاية وياريت حد يشاطرني الأحزان على مالت إليه لغتنا العربية الجميلة :k30:
عُدت من عملي مبكراً وعند دخولي للمنزل سمعت والدي يحوقل ويضرب كفاً بكف .. أثناء تغيير ملابسي سمعته يدعو "الله يخرب بيتك" ولما كانت هذه الدعوات قلما تجري على لسان والدي هرعت لغرفة المعيشة لأرى على من يدعو والدي بهذه الدعوة الصادرة من شغاف قلبه .. فإذا بوالدي يتابع بثاً تليفزيوني يظهر فيه رجلٌ يخطب في جمع من الناس محتشدين بمسجد (الحسين غالباً) من المفروض أنه يتكلم باللغة العربية .. ولكنه كان في الواقع يهشم اللغة، يحطمها، يدمر قواعدها وأسسها، لا يعترف بأحرف الجر فالكلمة التي تلي حرف الجر دائماً منصوبة في شرعه، حاولت أن أركز في موضوع خطبته، ولكن لغته المدمرة كانت تنهال علي رأسي كلكماتٍ صاعقةٍ .. لو كان "عبد الفتاح القصري" يبحث عن ملهمٍ له في أيٍ من أدواره التي يدعي فيها التعالم باللغة العربية لما وجد خيراً من هذا الرجل.
أبويا طبعاً مابيتفاهمش في المواضيع دي .. عربي يعني عربي ، وكمان الرجل له مرجعية دينية (هذا ماكان يبدو عليه) يعني لازم العربي يكون تمام .. غير كدة يبقى "حرقة دم".. فما كان من والدي إلا أن ترك لي الغرفة وأوصاني: "ابقى شوف مين الراجل ده وشغلته إيه" جلست محاولاً التركيز، لمحت أسفل الشاشة تنويه يقول "احتفال الطرق الصوفية بالعام الهجري الجديد" طب واللهِ كويس، بس ياترى مين اللي بيتكلم ده؟! من هذا الآدمي الذي تجرأ على كل قواعد اللغة ودمرها تدميراً .. وواتته الجرأة لاعتلاء منبر والخطبة في جماهير محتشدة أتت من كل صوب وحدب للاحتفال مع مشايخهم (لا أفهم معنى الطرق الصوفية هذه ولكن هذا ليس موضوعي) أقول كيف واتته جرأة اعتلاء المنبر في حين أنه لا يملك أدنى مقومات إلقاء خطبة ألا وهي اللغة السليمة، لقد تلعثم هذا الرجل في كلمة "المتشدقين" تلعثم فيها عندما وصل إليها (نسيت أن أقول أنه كان يقرأ من ورقة !!) وقرأها بصعوبة واضحة.
واختتم خطبته -التي لم استوعب منها ولو كلمة- بدعاء من أواخر سورة البقرة وماكانش حافظه وتلعثم فيه (الأطفال في سن الرابعة يحفظون أواخر سورة البقرة من كثرة تكرارها بالمساجد أسبوعياً).. والمصيبة أن أول كلمة جاءت مجرورة على لسانه كانت حين قال مختتماً "والسلامُ عليكم ورحمةِ الله وبركاتُه" ياعم الحاج افتح كتاب النحو بتاع ابنك اللي في تالتة ابتدائي، هاتلاقي درسين:
الأول لحروف الجر وأن الاسم بعدها مجرور.
والثاني بتاع حروف العطف: المعطوف على مرفوع فهو مرفوع يا معلم !!
المهم .. تلى هذه الخطبة اللاعصماء خطبة للعالم الجليل "أحمد عمر هاشم" واستمتعت بلغته السليمة وعاطفته الواضحة في الكلام وتفاعله الصادق مع إخواننا بغزة يتلو خطبته ارتجالاً بمنتهى القوة والفصاحة .. وللأسف لم أعرف من هذا الآدمي الذي تجرأ وخطب في الناس قبل الخطيب المفوه الدكتور "هاشم".
ماحدش يعرف مين الراجل ده وشغلته إيه؟
ألهذه الدرجة وصل الجهل حتى على مستويات "أسيادنا"؟
المفضلات