يعتبر محرك السيارة من التطبيقات العملية لعلم الديناميكا الحرارية حيث أن هذا العلم يركز على تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية. ولا شك ان كل شخص يمتلك سيارة أو يستخدمها للتنقل من مكان إلى آخر.. فهل سألت نفسك يوما كيف يعمل محرك السيارة وما دور كل قطعة فيه لتجعل السيارة تسير بسرعات تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة. واعتقد انه من الضروري على كل شخص يستخدم السيارة معرفة ماذا يجري بعد تشغيلها وخصوصا عن حدوث عطل ما والذهاب إلى الميكانيكي لإصلاحها وقد نجهل تماماً ماذا فعل لإصلاحها؟ وما هي قطعة التي قام بتغيرها؟ كذلك عند شراء سيارة جديدة فإن ثمنها يعتمد على مواصفاتها فماذا تعني سعة المحرك 2 ليتر أو إنها تحتوي على 6 صمامات أو إنها تعمل بطريقة ضخ الوقود Fuel Injection وغيره من هذه الأمور.. في هذا الجزء من تفسيرات فيزيائية سوف نقوم بتوضيح فكرة عمل محرك السيارة والتعرف على مكوناته...

ماكنة الاحتراق الداخلي

تنقسم المحركات إلى نوعين نوع يعرف باسم ماكنة الاحتراق الخارجي external combustion engine وهو المستخدم قديما في محركات القطارات البخارية والسفن البحرية حيث يتم استخدام الطاقة الحرارية الناتجة من حرق الفحم لتبخير الماء واستخدام ضغط البخار في دفع المكابس التي بدورها تكون متصلة بعامود الحركة لإدارة العجلات ولكن هذا النوع من المحركات قل استخدامه لقلة كفاءته وصعوبة تصنيعه وصيانته، أما النوع الثاني فيعرف باسم ماكنة الاحتراق الداخلي internal combustion engines وهو المستخدم حاليا في اغلب السيارات لما لهذه المحركات من كفاءة في التشغيل وسهولة تزويد السيارة بالوقود وتكلفة تصنيعها اقل نسبياً من المحركات الاحتراق الخارجي.

لتوضيح فكرة عمل ماكنة الاحتراق الداخلي والتي على أساسها يعمل محرك السيارة سنقوم بتشبيه ذلك على نحو قذيفة المدفع القديمة التي قد نشاهدها في الأفلام السينمائية القديمة حيث يقوم الشخص بوضع بودرة البارود في الطرف الخلفي للمدفع ومن ثم يقوم بوضع الكرة المعدنية في فوهة المدفع. ولإطلاق القذيفة يتم إشعال البارود لتتولد طاقة حرارية هائلة تزيد مقدار الضغط الذي يتجه إلى دفع الكرة المعدنية بقوة من فوهة المدفع..

قد يتساءل القارئ عن العلاقة بين فكرة عمل المدفع السابق الذكر ومحرك السيارة؟؟ في الواقع إن ما يحدث داخل محرك السيارة مشابه تماماً من ناحية المبدأ لفكرة عمل المدفع السابق الذكر، فهذه هي فكرة عمل الاحتراق الداخلي حيث أن الطاقة الحرارية الناتجة عن احتراق البارود تولدت داخل مكونات المحرك نفسها لتعطي طاقة الدفع الناتجة عن ارتفاع في درجة الحرارة والضغط.

خطوات عمل محرك السيارة

يعمل محرك السيارة ذو الاحتراق الداخلي من خلال دورة متكاملة يمكن تقسيمها إلى اربعة اشواط اساسية نذكرها على النحو التالي:

(1) شوط الأخذ: يبدأ المكبس عمله في الحركة من أعلى موضع له ليتحرك إلى الأسفل حيث يكون صمام الإدخال مفتوح ليدخل خليط من الوقود والهواء إلى داخل اسطوانة الاحتراق. وتكون نسبة الوقود صغيرة بالنسبة للهواء ولكن كافية لإحداث الاحتراق.

(2) شوط الانضغاط: يغلق صمام الأخذ عندما يبدأ المكبس في الحركة للأعلى ليضغط خليط الوقود والهواء وترتفع درجة حرارته تدريجياً ليساعد على رفع كفاءة الاحتراق

(3) شوط الاحتراق: في اللحظة التي يصل إليه المكبس إلى أعلى ارتفاع له يصبح الخليط عند ضغط عالي تنطلق شرارة كهربية لينتج عنها احتراق (انفجار) للوقود المكون للخليط فترتفع كلا من درجة الحرارة والضغط ارتفاعاً هائلاً لتدفع المكبس بقوة للأسفل.

(4) شوط العادم: عندما يصل المكبس في حركته للاسفل إلى ادنى قيمة له يفتح صمام العادم لتخرج نواتج الاحتراق من المكبس ومنه إلى العادم خارج السيارة ويرتفع المكبس نتيجة لدوران ناقل الحركة إلى الاعلى طاردا ما تبقى من نواتج الاحتراق ليبدأ دورة جديدة بسحب كمية جديدة من الهواء والوقود

مرة اخرى لا حظ ان حركة المكبس كانت دائما حركة رأسية للأعلى وللأسفل ولكن هذه الحركة تتحول بواسطة الجزء المغمور في الزيت (لتقليل الاحتكاك) من حركة رأسية إلى حركة دائرية ليأخذها عمود ناقل الحركة crank shaft ليدير عجلات السيارة والتي ستحرك السيارة للأمام أو للخلف.