أرمنت الحيط
في صحيفة الوفد ، كتب محمد مصطفى شردي : أيهما أكثر تكلفة أن نرسل فرقا طبية مجهزة وعربات إسعاف إلي غزة أم أن نرسل فريقاً طبياً وعربة إسعاف واحدة إلي أرمنت الحيط في قنا؟ غزة عانت من العدوان الإسرائيلي. وعاني الآلاف من إصابات عديدة كانت تستلزم أن نهب للمساعدة وأن تؤدي مصر دورها العربي والإقليمي فنفتح المستشفيات ونرسل الإمدادات ونرفع حالة الطوارئ إلي الدرجة القصوي لعلاج المصابين وإنقاذهم. وهذا هو ما تحتاج إليه أرمنت الحيط في قنا. تحتاج إلي رفع حالة الطوارئ وإرسال فرق طبية وسيارات إسعاف. أرمنت الحيط تواجه عدواناً مختلفاً اسمه فيروس الكبد. وأعداد المرضي بها أكثر مما يتخيل أحد. ورغم ذلك لم نسمع منذ انفجار المشكلة عن تشكيل فرق عمل، ولا عن إرسال أطباء في قوافل طبية. لم نسمع أن وزارة التربية والتعليم التي اكتشفت إصابة 18 مدرساً بفيروس الكبد في مدرسة واحدة قد قامت بتحرك للكشف علي كل طلاب المدرسة وكل المدرسين في المدينة. لم نقرأ تصريحاً واحداً به أرقام أو إحصائيات. بل ان المدينة لم تحصل حتي علي الوعود المعتادة من الوزراء والتي لا تنفذ ولا تري النور. تري ما هو الفرق؟ وما هو السبب؟ هل أرواح أهل غزة ـ وهي غالية عندنا ـ أغلي من أرواح المصريين؟ نذهب إليهم ونحملهم لعلاجهم ونتبرع بالملايين لشراء عربات إسعاف ولدينا في مصر قصور حاد واحتياج شديد ليس في أرمنت الحيط فقط بل في معظم مدن وقري المحافظات من بورسعيد إلي أسوان. ثم ان الدولة ملزمة بعلاج الشعب المصري. لماذا إذن تقاعست؟ لو كانت أرمنت الحيط مليئة بكاميرات التليفزيون ورجال الإعلام هل كانوا سيتجاهلونها مثلما فعلوا؟ قطعاً لا. هل الحكاية إذن هي مجرد تصرف من أجل الظهور الإعلامي؟ وأين سيادة المحافظ مما يحدث في مدينة تعد بؤرة لمرض الكبد ويموت منها ضحية كل أسبوع؟ أرمنت الحيط ليس بها وحدة تحاليل لمعرفة المرض ولا لمتابعته. وبالتالي ليس بها أطباء لعلاج المصريين الذين يموتون في هدوء بدون كاميرات وبدون اهتمام من الدولة.. وما أكثر الذين يتعرضون لنفس الفلسفة في المعاملة. مصريون بسطاء لاصوت لهم بعيدون عن الأعين ولا يهتم بهم أحد. إذا كانت مصر تعاني من شبح المرض الكبدي فلماذا لا تبدأ حملة قومية لمكافحته من تلك المدينة البسيطة الفقيرة؟ أرمنت الحيط يمكن أن تكون مثالاً وأن تتحول الي نقطة انطلاق لمواجهة هذا الفيروس ونشر التوعية لوقاية الناس. هذا لو كانت الحكومة تريد العمل فعلاً دون التركيز علي الفرقعات الإعلامية. أنا أعلم جيداً أن الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة سيتحرك ويستجيب ويزور تلك البقعة المنسية من مصر... ولكن ماذا عن استمرار تقديم الخدمة الصحية هناك وفي بقية المناطق المحرومة