الموضوع: حكاية التاكسى فى مصر

على مدى التاريخ المصرى من أيام إعلان الجمهورية لحد النهاردة فيه ماركات محدودة إستأثرت بالعمل كتاكسى

فى الخمسينات والستينات كانت المرسيدس هى ملكة التاكسى ,استطاعت تماما إزاحة السيارات التاكسى الأمريكية الأقدم عمرا حيث كان المصريون لا يزالون يحتفظون بالعقلية الناضجة التى ترى ان سيارة التاكسى لابد ان تكون من ماركة محترمة لتعمل وتعيش وتجذب الزبائن
وفى الستينات وبعد بداية نشاط شركة النصر عرفت شوارع مصر سيارة صغيرة جدا لا تكاد ترى وسط السيارات الأكبر حجما وهى سيارة ال1100 وبدأ عمل هذة السيارة كتاكسى وتكاد تكون هى السبب فى تغيير الفلسفة المصرية السابقة عن سيارة التاكسى من أنها لابد ان تكون سيارة فاخرة الى فلسفة جديدة تقوم على شراء سيارة إقتصادية للعمل كتاكسى ، وفى منتصف الستينات حينما بدأ إنتاج ال1300 دخلت هى ايضا الى مجال التاكسى

فى أواخر الستينات عرفت مصر سيارات البيجو 404 التى دخلت لمصر من بوابتها الغربية من القطر الليبى الشقيق ويدأ البعض منها يتحول الى تاكسى فاتحا الباب لعلاقة حب لم تنقطع بينن مصر والبيجو

مع نهاية حقبة الستينات وأفول نجم ال 1100 عرفت مصر السيارة 128 التى اقترب الناس منها على إستحياء، ولكن بعد حرب 1973 وسياسات الإنفتاح وتدفق الأموال بدأ الكثيرون يوجهون ال 128 للعمل كتاكسى ، وبالرغم من انها لم تثبت جدارة فائقة فى هذا المجال إلا أن الكثير منها لازال يعمل كتاكسى نظرا لسهولة صيانتها، كما ان سياسة فتح الإستيراد سهلت دخول سيارات زاستافا 1300 تشبه تماما الفيات 1300 التى كانت تنتج فى مصر فى الستينات لتجد لها ايضا نصيب فى العمل كتاكسى ، ولا يزال الكثير منها يعمل حتى الآن وخصوصا فى الإسكندرية

أدى الإنفتاح الى دخول الكثير من السيارت المستعملة فى أوروبا الى مصر عبر بوابتها الشمالية فى الإسكندرية وكان للتاكسى نصيب كبير من هذة السيارات حيث عرفت مصر لأاول مرة التاكسى البيجو 504 سواء شكل السيدان الذى استخدم داخل المدن أو الستيشن الذى استخدم بين المحافظات والمدن ليطرد الى غير رجعة السيارات الأمريكية القديمة التى كانت تحمل محركات ديزل (متأيفة)وتعمل فى هذا المجال، وهكذا دخلت ال504 مجال التاكسى فى مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما ولا تزاال تعمل إلى الآن بمنتهى الكفاءة وتتفوق على مثيلاتها الجديدة فى النعومة والمتانة والراحة

الى جانب ال504 عملت ايضا السيارات الفيات ال 124 ثم 131 المستوردة من أوروبا ثم المصنعة محليا فى مجال التاكسى ولكن على إستحياء وان كانت ايضا اثبتت الكثير من الجدارة فى هذا المجال الصعب
، كما ان الفيات 125 التى انتجتها شركة النصر فى ذلك الوقت دخلت بقوة الى سوق التاكسى وبالطبع لازال بعضها يعمل حتى هذة اللحظة

من البوابة الشرقية لمصر عاد المصريون العاملون فى الخليج بسيارات غريبة عرفتها مصر لأاول مرة هى السيارات اليابانية التى لم تكن مصر تعرفها قبل ذلك، وبدأ الغزو اليابانى بسيارة صغيرة الى حد ما تسمى الداتسون 120 Y (التى صارت لاحقا النيسان صانى)وشقيقتها الأكبر حجما الداتسون 140d ، ثم تلتهما التوتوتا كورولا والمستوبيشى جالانت والهوندا سيفيك والمازدا 929
ولكن الحظ الأكبر للتاكسى كان مع السيارة داتسون 120 Y وإن كانت المازدا 929 قد عملت ايضا كتاكسى وكذلك الميتسوبيشى جالانت

فى حقبة لاحقة فى نهايات السبيعينات عرفت مصر السيارة تويوتا كراسيدا التى كان لها ايضا باع طويل فى مجال التاكسى فى مصر

مع بداية الثمانينات لم تشهد مصر تغييرات جذرية فى شكل سيارات التاكسى ولا فى شكل السيارات عموما فقد أغلق باب إستيراد السيارات وبالتالى ظلت سيارات التاكسى الموجودة كما هى: بيجو 504 و 404، فيات 128 و 131 و 1100 و 125، تويوتا كراسيدا ، داتسون 120 Y،
الضيف الوحيد الذى حل على سوق التاكسى فى مصر فى تلك الفترة هى سيارة روسيا القوية لادا 2105 والتى غزت مصر كسيارة يشتريها ضباط الجيش أو عن طريق الإسكندرية التى كانت مقر الوكيل السابق للادا (ألشركة العامة للأعمال الهندسية) ولذلك فإن لادا كانت ولا تزال سيارة الإسكندرية رقم 1 سواء بالنسبة للتاكسى أو الملاكى

تفردت الإسكندرية أيضا فى تلك الحقبة بسيارة تاكسى لم تكن منتشرة غير فى الإسكندرية هى السيارة سكودا 120 ذات المحرك الخلفى، ولايزال البعض منها يعمل فى الإسكندرية حتى الآن وتكاد تكون هى سبب حب كل الإسكندرانية لدرجة العشق لكل موديلات سكودا اللاحقة(فيفوريت-فيليشيا-أوكتافيا)
فى النصف الثانى للثمانينات بدأت سيارتين غريبتبن على مصر فى التسلل الى سوق التاكسى وفى الحقيقة فليس لدى الأسباب الحقيقة لظهور هاتين السيارتين فى مصر، وهما الرينو 12 ومن بعدها خليفتها الرومانية داتشيا (التى صارت رينو لوجان حاليا)
والسيارة هيونداى بونى (التى صارت إكسيل ثم أكسنت ثم فيرنا لاحقا)التى كانت اول علاقة لمصر بالسيارات الكورية
أيضا فى تلك الحقبة بدات شركة النصر فى إنتاج السيارة بولبنيز التى وثق فيها الكثيرين للعمل كتاكسى نظرا لما تبدو عليه من متانة، مع انها اثبتت مع الزمن انها لم تكن جديرة بهذة الثقة نظرا لكثرة مشاكلها الميكانيكية

فى العام 1992 حدث حدثين مهمين جدا كانتا نقطة تحول فى تاريخ التاكسى بمصر

شهد العام 1992 إنتاج أول سيارة خاصة مصرية فى مصانع القطاع الخاص، وكانت السيارة سوزوكى سويفت التى انتجت فى مصانع السعودى بمدينة السادس من أكتوبر
كما شهدت إنتاج أول سيارة شاهين فى مصر والتى إستطاعت فى السنوات التالية ان تتتحول الى الصورة اللاإرادية التى تقفز الى ذهن أى مصرى عندما تذكر كلمة تاكسى، وازاحت فى طريقها سيارات كثيرة جدا من سوق التاكسى

فى السنوات التالية بدأ تغير شكل السيارات العاملة فى سوق التاكسى فى مصر حيث بدأت السويفت ومن بعدها الهيونداى إكسيل المجمعة فى مصانع غبور تشق طريقها فى هذا المجال، ثم بدأت الشاهين بعد تخفيض اسعارها تعرف طريفها الى الشارع القاهرى حاملة اللونين الأبيض والأسود والعلامة الصفراء فوق سقفها التى تخبرنا انها تاكسى

فى تلك الحقبة أيضا بدأ احد المستثمرين المصريين بتجميع موديلين من السيارة الفرنسية ستروين التى لم تكن لها علافة قوية بالسوق المصرى منذ خمسينات القرن العشرين، وهما الموديلين Ax و Zx وتركزت سيسته فى تسويق السيارة على بيع الكثير منها للعمل كتاكسى بأقساط ميسرة، وساعد هذا على ان تعرف مصر التاكسى الستروين فى التسعينات

مع نهاية التسعينات باتت الصورة واضحة، السويفت (التى توقف إنتاجها بعد ذلك بدون بديل) لم تصمد فى مجال التاكسى وحولتها الشوارع المصرية إلى أشلاء، ولم يكن حال الإكسيل وخليفتها الأكسنت افضل، أما الستروين فقد تعثر المستثمر الذى كان يصنعها ولم يستطع الوفاء بتوفير قطع الغيار مما أدى الى تدهور صيانة السيارات وتوقفها وعجز السائقين عن سداد الأقساط ، الأمر الذى أدى الى سحب السيارات منهم واختفاء العديد منها من سوق التاكسى
وهكذا اصبح الباب مفتوحا للشاهين (قدم السعد على شركة النصر) التى صارت لاعبا وحيدا فى مجال التاكسى مع منافسة غير جادة من اللادا التى كانت تتفوق فى الإسكندرية فقط لأسباب أراها نفسية أكثر منها فنية

ظل الحال كذلك حتى عام 2001، حينما قامت شركة دايو مصر بتجميع سيارة لانوس بدون كماليات بنفس سعر الشاهين وكان ذلك للمنافسة فى سوق التاكسى، ولكن لسبب أو لآخر تم إيقاف إصدار تراخيص لسيارات التاكسى فى القاهرة الإسكندرية وهكذا لم يكتب لهذة السيارة اللانوس عديمة الكماليات أى نجاح وتوقف إنتاجها بعد ذلك بفترة قصيرة
منذ عام 2001 لم يتغير الحال فى سووق التاكسى فى المدن الكبرى بمصر، ولكن مع فتح أسواق جديدة للتاكسى فى مدن اصغر (مثل دمنهور، كفر الدوار، المنيا،الإسماعيلية، السويس، بورسعيد ....إلخ) بقيت الشاهين هى اللاعب رقم واحد، وياتى خلفها اللادا والاكسنت واللانوس

فى العام الماضى تم فى قاهرة المعز تفعيل مشروع تاكسى العاصمة أصفر اللون، وطبعا فإن الإسكندرية الغيورة لم تقف مكتوفة الأيدى إزاء هذا المشروع الحضارى فظهر فى الأسكندرية تاكسى الإسكندرية فضى اللون
وهكذا عرفت سيارات جديدة طريقها الى العمل فى سوق هذا التاكسى المميز ، فدخلته
الهيونداى من خلال موديلها الكبير حجما إلانترا الذى يحقق المواصفات المطلوبة، اما جنرال موتورز فقد دخلت من خلال سيارتها الدايو التى تحمل علامة الشيفرولية (إوبترا) لتحقق ما فشلت فيه دايو مصر بسيارتها اللانوس، ولاول مرة نرى فى مصر سيارة أجرة تحمل علامة الفولكس فاجن حيث ظهرت فى شوارعنا الحسناء البرازلية (باراتى) تحمل اللون الأصفر والخط الأسود ذو المربعات شطرنجية الطابع على جانبها

أما ألإسكندرية دلوعة المتوسط الحسناء فإنها لم تكتفى فقط بنقل فكرة المشرو ع ولكن ظهرت فيها سيارتا يابانية من مصانع تويوتا وطراز الكورولا تحمل اللون الفضى وعلامة التاكسى على رأسها، لتعود التويوتا الى العمل كتاكسى فى مصر بعد سنوات طويلة من خروج الكراسيدا القديمة من هذا السوق

مع إستمرار إيقاف إصدار تراخيص جديد للتاكسى العادى فى مدن مصر الكبرى، ومع إستعداد شركة النصر للتوقف عن إنتاج الشاهين ملكة التاكسى، ومع عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمشروع تاكسى العاصمة الذى لا يزال غير كافى ولا وافى، تبدو الرؤية ضبابية جدا لمستقبل التاكسى فى مصر وتوجد أسئلة من نوع:
هل سيستمر الأبيض والأسود ام سينقرض؟
من سيملأ الفراغ الذى ستتركة الشاهين فى حالة إستمرار الأبيض و الأسود وكذلك فى المدن الصغيرة؟
هل مشروع تاكسى العاصمة سيتوسع الى درجة تعد بخدمة مضمونة ام سيضل على حالته الحالية مجرد فنطظية علشان نقول للأجانب ان عندنا تاكسى نضيف؟
كلها أسئلة بلا إجابة حاليا

شكراا يا سبعاوى باشا على الموضوع الممتاز

وعتقد ان التاكسى العادى هيستمر مع وجود التاكسيات التعبانة

اللى لسه ماشية فى شوارع المحروسة والله التاكس بيبقا ماشى يزيق

وتحس انو هيتفكك من بعضو وباردو صاحبو بيقاوح معاه وماشى بيه

اختفاءه ده مستحيل الا اذا اتكهنت التاكسيات القديمة