الموضوع: في المسجد.. متطوعين للنظام

علاء عواد – عمان – عشرينات- 16/9/2007




المسجد مزدحم تماماً بالمصلين.. الصلاة قائمة فيه.. وعلى باب المسجد يقف شاب يرتدي سترة تميزه عن غيره، يستقبل المصلين المتأخرين ويدلهم على المكان الذي يستطيعون الصلاة فيه بدلاً من أنْ يصلي كل منهم على الطريق، وشخص آخر مثله داخل المسجد يعمل على تنظيم أمور المصلين..

مشهد ظننّا فيه أن هناك شركة استأجرها قائمون على مسجد الكالوتي بعمّان تعمل على "تنظيم أمور المصلين" أو أنها تابعة لوزارة الأوقاف، وأن هؤلاء موظفين يعملون لديها.. لكنّ الأمر عكس ذلك فهم شباب متطوعون في هذا الشهر الفضيل لا يبتغون إلا أجراً من الله سبحانه وتعالى.
ثماني سنوات تطوع
قصة المتطوعين في المسجد تجسد صورة لفئة من شباب تسعى لخدمة الناس بما يرضي الله عز وجل، عندما التقينا بهم رفضوا رفضا باتاً الكشف عن أسماءهم لكي "لا يدخل الرياء في قلوبهم"..

بدأت فصول العمل التطوعي عام 1999 عندما خرج شباب عددهم ستة كانوا في حلقة قرآن بفكرة التعاون لحلّ مشكلة اصطفاف السيارات وقت صلاة التراويح، وتسهيل مهمة المصليّن في المسجد لكي يصلوا صلاة ينعمها الخشوع والطمأنينة، وتم عرض الفكرة على المحسنين من أهل المسجد، والذين قاموا بشراء ثلاث قطع أراضي بالقرب من المسجد لكي تكون مصفاً لسيارت المصليين.

ومنذ ذلك التاريخ وبعد ثماني سنوات زاد عدد المتطوعين الشباب عن العشرين، ولباسهم أصبح يميزهم، فهو عبارة عن سترة كالتي يلبسها الشرطي أثناء تنظيمه السير.

يقول المسئول عن هؤلاء المتطوعين: "هذه الفكرة تأتي لمساعدة الناس، وهدفها أولا وأخيرا إرضاء الله عز وجل، ونحن لا نريد أجرا من أحد، لكننا نبتغي أجرا من الله عز وجل".
الخطة فى شعبان
وعن آلية عمل هؤلاء المتطوعين يضيف: "في شهر شعبان نجتمع ونعد خطة كاملة، من خلال هذه الخطة يتم تقدير عدد المصلين المتوقع مجيئهم إلى المسجد، والصعوبات التي يمكن أن تواجهنا والعمل على حلها".

موضحا أن المتطوعين ينقسموا قسمين؛ قسم يعمل داخل المسجد وقسم في باحات الاصطفاف، الأول يعمل على تنظيم أمور المصلين، والثاني يعمل على تنظيم اصطفاف السيارات التي يأتي أصحابها للصلاة وفقا لعدد الركعات التي سيصليها صاحب السيارة، حيث يسأله الشباب عن عدد الركعات الذي ينوي إقامتها، وكل السيارات التي يشترك أصاحبها في عدد الركعات يتم وضعها في مكان واحد، فمثلا تكون السيارات التي ينوي أصحابها صلاة ثماني ركعات في مكان واحد، والسيارات التي ينوي أصحابها صلاة عشرين ركعة في مكان واحد، والهدف من ذلك التخفيف من الأزمة وعدم إغلاق سيارة في الطريق على سيارة أخرى يريد صاحبها الخروج.
وليسوا موظفين
وعن أهم المعوقات التي تواجههم يقول أحد المتطوعين وهو صاحب شركة تصميم جرافيك: "بعض المصلين يعتبروننا موظفين ونأخذ مرتباً كل آخر شهر، ونحن من جهتنا نرفض ذلك ونقول لهم إننّا متطوعون فقط"، مشيراً إلى أنّ بعض الناس يعرضون عليهم مبلغاً من المال لكنّهم يرفضون ذلك.

ويؤكد شاب آخر، أن هذا العمل تطوعي لوجه الله عز وجل لا نبتغى فيه أجراً إلا من الله تعالى، مضيفا "نحن نشعر بلذة العمل التطوعي وعمل الخير".

وعن الفائدة التي يجنيها من هذا العمل على الصعيد الشخصي يقول: "نحن نتدرب على العمل القيادي، وكيفية إدراة الشؤون، واتخاذ القرارات أيضاً".
مواقف ضاحكة
بينما يؤكد متطوع ثالث أن عملهم التطوعي لا يخلو من مواقف قد تثير الضحك في كثير من الأحيان، منها أنّه في أحد أيام رمضان أغلقت سيارة في المصف على عدد من السيارات، وبحثوا عن صاحبها، ونادوا بسماعات المسجد ولم يجدوه، فاضطروا بعد ذلك لحمل السيارة ونقلها من مكان إلى آخر ليفتح المجال أمام السيارات بالخروج!

عمل هؤلاء الشباب التطوعي لا يعني أنهم لا يصلون، بل يذهب قسم منهم ليصلي العشاء والتراويح في المسجد، ويبقى القسم الآخر لتنظيم أمور المصلين، وبعد فترة وجيزة يذهب القسم الذي لم يصلي إلى المسجد للصلاة ويعود القسم الذي صلى إلى مباشرة مهامه.

ربنا يهدي شبابنا وشباب المسلمين