سكان الخيام.. اللحمة يوم 5
أحمد بلال- ولاد البلد- عشرينات- 17/9/2007
على أطراف مدينة المحلة الكبرى وفي واحدة من أهم مناطق المدينة الصناعية الكبرى وهي منطقة السوق، انتصبت مجموعة من الخيام، إذا ذهبت إلى هناك ستلاحقك عيون ارتسمت في وجوه شاحبة، ذنبها الوحيد هو الفقر، أقاموا خيامهم في هذه المنطقة بعد أن كانوا يقيمون في شقق سكنية بالكاد توفر لهم حياة إنسانية، إلا أن خطأ مهندس وارتشاء سلطة في منطقة ما ينتج عنه في النهاية انهيار عمارة أو إزالتها، وبعدها تسلم حكومتنا "المباركة" كل الأسر للخيام..
ذهبنا إلى سكان الخيام في اليوم الأول من رمضان، وتناولنا الإفطار معهم، فكانت تلك هي وجباتهم..
لا نستعد لرمضان
علي محمد أحمد الجلاد، أحد سكان الخيام، وعامل على سيارة نقل، إلا أنه لا يعمل حاليا بسبب مرض زوجته الذي يجبره على البقاء مع أسرته في الخيمة خوفا على أبنائه عباس (7 سنوات) وعليه (5 سنوات).
يقول لنا عن مائدة إفطاره التي لم تتعد المكرونة والسلطة: "نحن لا نستعد لرمضان، لأننا ليس لدينا المال الكافي لهذا الاستعداد، كل ما نأكله في رمضان هو من باب الله، ولا نعرف ماذا سنأكل إلا قبل الإفطار بقليل".
يضيف: "لا نرى اللحمة سوى في رمضان من خلال المساعدات، لأن كيلو اللحمة بأكثر من 30 جنيه، ولذلك فإننا ننتظر حتى يساعدنا الله من خلال أحد الناس الطيبين، ولكن حتى الآن لا نعرف متى سنرى اللحم في هذا الشهر".
اللحمة في الجمعية
بعد عدة أمتار وجدنا "الطاهرة حسن يوسف" تفترش الأرض بجوار إحدى الخيام مع ابنها وبنتها وزوج بنتها، وأمامهم وجبة إفطارهم في اليوم الأول من رمضان والتي احتوت على باذنجان وأرز فقط، تقول الطاهرة: "معاشي 70 جنية ولا أستطيع شراء ياميش ولا حتى كيلو لحمة، بنشرب الشاي أو العرق سوس أو التمر هندي بدلا من الياميش اللي مبقناش نعرف حتى شكله..، يوجد إحدى الجمعيات الخيرية توزع كيس فيه مواد غذائية في رمضان، وعندما سألناهم على اللحمة طلبوا منا الذهاب إلى مقر الجمعية يوم 5 رمضان".
أخرتها الموت
أما نادية محمد، فتقيم في خيمتها مع ابنتها المطلقة منذ 6 سنوات، لا تزد وجبة إفطارهما عن طبق من الباذنجان والأرز، تقول نادية: "لا يوجد عندي ما أطبخه، عادة ما أفطر في مائدة الرحمن أو أدخل المقابر فيعطيني أي أحد أي شيء آكله، مفيش مساعدات زي زمان، لا لحمة ولا فراخ، لو محدش ساعدنا ناكل أي شيء، ولو حتى عود جرجير.. أهي لقمة وأخرتها الموت"!.
الياميش طعمه غريب
على الله إبراهيم عثمان، يقيم في خيمته مع زوجته وأطفاله الستة، افترشوا جميعهم الأرض حول 3 أطباق أرز وبطاطس وقطعة لحم واحدة، يقول: "في رمضان فيه واحد طيب بيبعت لينا كل يوم أكل عبارة عن طبق رز فيه قطعة من اللحم وبطاطس، وإذا لم يحدث ذلك، نشتري بجنية عيش ونأكله مع الجبنة، لأن في واحد طيب ساعدنا بعلبة جبنة".
يضيف: "لا نأكل اللحم ولا الياميش ولا القطايف، لا نأكل هذه الأشياء، أشتري بجنية تمر هندي كل عيل شوية وخلاص، لأن الياميش طعمه غريب لأننا مش متعودين عليه، أما الذين يأكلون مثل هذه الأشياء فلا نريد التفكير فيهم، أو حتى النظر إليهم حتى لا نحزن، ولادي مرة كانوا بيتفرجوا على تليفزيون وشافوا فيلم الناس بتاكل بط وفراخ، رجعوا قالوا لي شوف ولاد الكلب بياكلوا بط وفراخ قد أيه"!!.
----------------------------------------------------------
حجم التبرعات للأعمال الخيرية سنة 2006 فى أمريكا كان 175 مليار دولار، منهم 144 مليار من مواطنين و الباقى مؤسسات و رجال أعمال