40% تراجع مبيعات السيارات في مصر و50% من المعارض مهددة بالإغلاق




القاهرة – محمود العربي (15 ديسمبر2008م)

ألقت الأزمة العالمية بظلالها على سوق السيارات المصرية؛ حيث شهدت خلال الشهرين الماضيين تراجعا كبيرا في المبيعات وصل إلى 40%، واتهم المسؤولون عن السيارات البنوك بالتشدد والمغالاة في منح قروض السيارات، الأمر الذي أثر على أصحاب المعارض والتوكيلات، وأدى إلى غلق عشرات المعارض.

وفي الوقت ذاته نفى رؤساء البنوك إحجامهم عن تمويل قروض السيارات، موضحين أنهم تشددوا بعض الشيء في منح تلك القروض، نظرا لما حدث فيها من تلاعب.

في حين قلل مسؤولون حكوميون من أثر الأزمة العالمية على سوق السيارات، موضحين أنهم لم يتلقوا أي شكوى من شركات تجميع وتصنيع السيارات العاملة في السوق المحلية، وأنها ملتزمة حتى الآن بالاستثمارات التي تعهدت بتنفيذها.


تراجع المبيعات بسبب الأزمة العالمية

وأوضح رئيس شعبة السيارات بغرفة القاهرة عفت عبد العاطي لـ"الأسواق.نت" أن سوق السيارات في مصر تأثر بالأزمة العالمية، وأن المبيعات تراجعت بنسبة تفوق الـ40%، متهما البنوك بتخفيض تمويلها لهذا القطاع، ومشيرا إلى أن تراجع مبيعات السيارات في الدول التي تأثرت بالأزمة العالمية انعكس على سوق السيارات المصرية؛ حيث إن أكبر ثلاث شركات لتصنيع السيارات في العالم مهددة بالإفلاس، وهي جنرال موتورز، وفورد، وكرايزلر.

وأكد عبد العاطي أن شركات السيارات العالمية تعاني من مشاكل كثيرة، وسرحت أعدادا كبيرة من العمالة بهدف خفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي خفض الأسعار، ملفتا إلى أن الوكلاء المصريين لديهم مخزون كبير بأسعار عالية، لكنهم حتما سيتأثرون بالانخفاض العالمي وسيضطرون للبيع بالخسارة، نافيا ما يردده البعض عن أن حجم مبيعات العام الماضي بلغ 240 ألف سيارة، واصفا هذا الكلام بـ(المبالغ فيه).
وأشار إلى أن كل السيارات -سواء المستوردة أو المصنعة محليا- لم تبع كلها، حيث يوجد في مصر أكثر من 30 مستوردا ووكيلا، وهناك 150 ألف سيارة مستوردة دخلت مصر العام الماضي، منها ما هو في المخازن أو الجمارك والمعارض والمناطق الحرة، وأن أقصى رقم حققته مبيعات السيارات العام الماضي لم يتعد 200 ألف سيارة بأي حال من الأحوال، متوقعا أن تتراجع مبيعات هذا العام إلى 120 ألف سيارة.


الطفرة الماضية

وقال رئيس شركة الطلائع للسيارات محسن طلائع: إن البديل الحالي أمام شركات السيارات والوكلاء والموزعين هو طرح السيارات بنظام التقسيط اعتمادا على محافظها الخاصة أو اللجوء إلى شركات الإقراض بغرض شراء السيارات التي يصل عددها إلى نحو ٦ شركات، وتعمل على غرار شركات التمويل العقاري، مشيرا إلى أن منح قروض لشراء السيارات لا يجب أن تكون من خلال البنوك، وإنما من خلال شركات إقراض السيارات التي لديها خبرة كافية بالسوق، وتقوم بالشراء من الشركات الأم والبيع للعملاء بالتقسيط، مضيفا أن هناك أمورا فنية لا تعلمها البنوك وقد تتعرض لمشاكل لا تجيد حلها.

وأكد طلائع لـ"الأسواق.نت" أن الطفرة التي حدثت في مبيعات السيارات خلال الفترة الماضية ووصلت إلى بيع نحو ١٨٠ ألف سيارة ليست إيجابية، مشيرا إلى أن أكثر من ٧٠٪ من هذه المبيعات اعتمد على استدانة من البنوك، كما أنه لا يقابلها مراكز صيانة ومحطات خدمة كافية، ملفتا إلى أن هذه النسبة من قروض شراء السيارات ربما لن تتكرر في الفترة المقبلة، وخاصة مع تشديد البنك المركزي وتحذيره البنوك الأجنبية بشكل خاص من التوسع في التجزئة المصرفية بشكل عام، والضغوط التي تتعرض لها هذه البنوك من تداعيات الأزمة المالية العالمية.

وأشار إلى أن هناك اتجاها من قبل وكلاء السيارات للوصول إلى اتفاق مع الشركات الأم للبيع بالتقسيط للعملاء بفائدة مناسبة للخروج من مأزق ركود السوق حاليا، وتعويض الشريحة التي كانت تقوم بشراء السيارات عن طريق قروض من البنوك التي تشددت مؤخرا في منحها بتعليمات من البنك المركزي على خلفية الأزمة المالية العالمية.


سوق غير حقيقية

وأكد عضو شعبة السيارات علاء السبع لـ"الأسواق.نت" أن تداعيات الأزمة العالمية وما تشهده شركات السيارات العالمية سينعكس على السوق المصرية ولكن ليس بنفس المعدلات التي تشهدها بلدان الشركات الأم، متوقعا اتجاه الشركات العاملة في تجميع وتصنيع السيارات محليا إلى تخفيض إنتاجها بما يتراوح بين ٥ و١٠٪ خلال الفترة المقبلة، خشية حدوث تضخم في مخزونها من الوحدات في ظل حالة الترقب التي تسود السوق، وتراجع المبيعات التي اتضحت بشكل ملحوظ خلال الشهرين الماضيين، متوقعا تراجع المبيعات بشكل ملحوظ خلال العام المقبل.

ووصف السبع سوق السيارات في مصر خلال الأعوام الأخيرة بغير الحقيقي، باعتبار أن نسبة لا تقل عن ٧٠٪ من المبيعات تمت عن طريق تسهيلات ائتمانية من البنوك، معربا عن مخاوفه من احتمالات حدوث مشاكل في سداد أقساط هذه السيارات إذا ما تأثر الاقتصاد الحقيقي لمصر بالأزمة المالية العالمية، وموضحا أن المبيعات قفزت من ٥٠ ألف سيارة قبل نحو ٤ سنوات إلى ٢٣٠ ألف سيارة بنهاية العام الماضي ٢٠٠٧، وأن حالة التراجع في المبيعات بدأت تظهر خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتشهد مبيعات سيارات الركوب بشكل خاص تراجعا بنحو ١٧٪ لتصل إلى نحو ١٣ ألفا، مقارنة بنحو ١٥ ألفا و٥٣٦ وحدة خلال الشهر نفسه من العام الماضي.


المعارض مهددة بالإغلاق

وخيمت الأزمة العالمية على معارض السيارات، ودفعت أصحاب المعارض إلى تخفيض نفقاتها التسويقية والإعلانية، وغلق عشرات المعارض، كما يترقب السوق بدء تطبيق اتفاقية أغادير التي تم التوقيع عليها في المغرب في 25/2/2004 بين كل من الأردن ومصر وتونس والمغرب، وتعتمد قواعد المنشأ اليورومتوسطية والتي تتيح التكامل القطري للمنشأ فيما بين الدول الأطراف في الاتفاقية من خلال استخدام مدخلات إنتاج من منشأ أي من الدول الأطراف، وبموجب هذه الاتفاقية سوف تدخل السيارات الرينو الفرنسية إلى السوق المصري وهي رخيصة الثمن (حوالي 60 ألف جنيه) وذات إمكانيات عالية (الدولار يساوي 5.6 جنيهات).

وأوضح العديد من أصحاب معارض السيارات لـ"الأسواق.نت" أن الطلب انخفض على سيارات الركوب بمعدل 30 إلى 40% خلال الشهور الماضية، وتحديدا في الربع الثالث من العام الحالي، وبدأت الآثار بصورة جلية في شهري أكتوبر ونوفمبر، وذلك لعدة أسباب منها موسم الصيف، شهر رمضان، العيد، وترقب المستهلكين، كما أن هناك الكثير من أصحاب المعارض يقدمون تخفيضات لتصريف المخزون لديهم وخاصة المتعاملين مع البنوك، حتى يستطيعوا الإيفاء بمسؤولياتهم.

وقالوا: إن البنوك من أهم العوامل التي أدت إلى تراجع مبيعات السيارات بعد أن رفعت مقدم القرض من 25 إلى 40%، بالإضافة إلى ارتفاع قيمة التأمين من 1.5 إلى 5%، وترقب المستهلكين لاتفاقية الجات وأغادير، مما جعل أصحاب المعارض يخسرون شريحة كبيرة من المتعاملين معهم تمثل حوالي 60%.

وأوضح أصحاب المعارض أن الأسعار انخفضت ما بين 2000 جنيه إلى 4000 جنيه، مؤكدين أنه لو استمر هذا الانخفاض أو الثبات في الأسعار فسوف يغلق 50% من المعارض، بعد أن أغلقت العشرات من المعارض بالفعل.


البنوك تتبرأ

ومع استمرار الأزمة المالية العالمية وأزمة سوق السيارات توقعت مصادر مصرفية قيام البنك المركزي بوضع ضوابط صارمة خلال الفترة المقبلة على قروض تمويل السيارات، تخوفا من حدوث أزمة مالية بسبب توسع البنوك فيها مؤخرا، موضحين أن الضوابط تتمثل في قيام عدد من البنوك الأجنبية برفع سعر الفائدة على الإقراض إلى 9.5% بدلا من 7.5% حاليا، بالإضافة إلى رفع مقابل التأمين على السيارات ليصل إلى 5% بدلا من التراوح بين 1.5% و3% حاليا، مؤكدين أن بعض البنوك شددت بالفعل في إجراءات الضمان، وألزمت العميل بتوقيع شيكات بقيمة القرض مرتين، إحداهما بقيمة كل قسط والأخرى على القيمة الإجمالية، مضافة إليها الفائدة المستحقة.

وقامت بعض البنوك برفع سعر الفائدة مثل بنك عودة الذي رفعها إلى 9.6% بعد أن كانت 9%، وبنك بيريوس الذي رفعها إلى 18% متناقصة (حسب مدة السداد وقيمة السيارة) بعد أن كانت 15% متناقصة، ورفع سوستيه النسبة إلى 10.4% بعد أن كانت 9.9%، ووصلت في بنك الاتحاد الوطني-مصر إلى 8.1% بعد أن كانت 7.2%.

وهناك بنوك لم ترفع أسعار الفائدة مثل بنوك مصر، والتجاري الدولي، والأهلي المصري الذي ثبت سعر الفائدة على السيارات 7%.

وكانت بنوك "سيتي بنك" و"باركليز" و"بي إن بي باريبا" من أكثر البنوك توسعا في قروض تمويل شراء السيارات، والتي تشير الإحصاءات إلى أن ٧٠٪ من مبيعاتها تمت عن طريق القروض المصرفية.


حذر مصرفي

وأوضحت نائب رئيس بنك سيتي بنك مصر لميس نجم لـ"الأسواق.نت" أن هناك شيئا من الحذر لدى البنوك؛ حيث إن البنك لا يمول المعارض حصة بعد التلاعبات التي ظهرت مؤخرا وانتشار سماسرة متخصصين في القروض، وإنما يمول الأفراد، مشيرة إلى أن شروط الإقراض لم تتغير، وأن البنك لديه إدارة متخصصة للتأكد من صحة الضمانات (رقم الهاتف والدخل والسمعة الحسنة)، ملفتة إلى أنه إذا تغيرت ظروف العميل وتعثر عن السداد ففي إمكانه العودة إلى البنك وتغيير نمط القرض بما يناسب ظروفه الجديدة، ومؤكدة أن سيتي بنك يستحوذ على 37% من قروض السيارات في مصر.

والكلام نفسه أكدته العضو المنتدب لبنك باركليز مصر أمنية نصيري، التي أضافت لـ(موقعنا) أنه لا يوجد بنك يوقف الإقراض، ولكنه يتأكد من الضمانات كمصدر دخل العميل وجدارته الائتمانية، مؤكدة أن البنك لم يقلل قروض السيارات.


تقديرات حكومية متفائلة

وقللت وزارة التجارة والصناعة المصرية من حدة التأثيرات السلبية للأزمة العالمية على صناعة السيارات المحلية، مشيرة إلى إمكانية امتصاص الطلب المحلى على السيارات لتداعيات هذه الأزمة.

وقال رئيس هيئة التنمية الصناعية المهندس عمرو عسل لجريدة "المصري اليوم": إن شركات تجميع وتصنيع السيارات العاملة في السوق المحلية ملتزمة حتى الآن بالاستثمارات التي تعهدت بتنفيذها، مشيرا إلى أنها لم تبلغ الهيئة بأي إلغاء لهذه الاستثمارات. نافيا في الوقت نفسه وجود خطط مستقلة من جانب وزارة التجارة والصناعة لدعم ومساندة شركات تصنيع السيارات العاملة في السوق المحلية.

ورفض المسؤول المصري الربط بين الصعوبات التي تواجه كبريات شركات السيارات في العالم حاليا -خاصة الأمريكية- وبين استثماراتها في مصر، مؤكدا وجود فروق واضحة من حيث تكلفة التصنيع تميل لصالح السوق المصرية من حيث المبيعات والطلب المحلي على السيارات. ومشيرا إلى أن شركة "جنرال موتورز" للسيارات تستهدف توسيع نشاطها في مصر خلال الفترة المقبلة مع وجود طلب على أنواع محددة من السيارات، موضحا أن الشركة قدمت دراسة للهيئة تؤكد أن أقل تكلفة لإنتاج السيارات في فروعها المنتشرة في العالم تتواجد في مصر.

وأضاف أن كبريات شركات السيارات العالمية التي تستهدف التوسع والاستثمار في السوق خلال الفترة المقبلة لا تزال على موقفها ولم تلغ زيارتها المحددة لمصر، مشيرا إلى أن شركة "ماركو بوبول" البرازيلية العاملة في مجال تجميع السيارات تسير بخطوات منتظمة في مشروعها مع "غبور" لتنفيذ مصنع بتكلفة تقدر بـ٥١ مليون دولار يتوقع الانتهاء منه في مايو/أيار ٢٠٠٩.

المصدر : العربية . نت 15 ديسمبر2008م