أسلوب التغطية من الرأس إلى القدم
ما الذي يحدث عند حدوث مشكلة في الأنظمة التقليدية؟ إن محاولة حل المشكلة وإعادة الوضع إلى ما كان عليه تأخذ الأولوية الأولى وربما الأخيرة فبمجرد عودة الوضع إلى ما كان عليه نتناسى المشكلة. وبعد ذلك تتكرر المشكلة بعد فترة فنُعيد الوضع إلى ما كان عليه ونتناسى المشكلة وهكذا. وكأنَّ تكرر المشكلة هو أمر مَقبول. ولكن نسيتُ أن أذكر امراً عظيما نفعلُه وهو أننا عند حدوث مشكلة نتخذ من التدابير ما يجعل هذه المشكلة لا تطفو على السطح مرةً أخرى. إننا لا نمنع حدوث المشكلة وإنما نحتفظ بمخزون كبير من قطع الغيار أو المواد الخام أو المنتجات لكيلا تكون هذه المشكلة مؤثرة أو بمعنى أدق لكيلا تعلم إدارة المؤسسة أن هناك مشكلة. بذلك نكون قد غطينا المشكلة من رأسها إلى إخمص قدمها.

في هذا الجو يتسرع المسئولون في اتهام هذا أو ذاك بالتقصير والإهمال الذي أدى إلى حدوث المشكلة ويكتفون بالتَحسر على سوء الأداء ومعاقبة الشخص أو الأشخاص المتهمين. نتيجة لذلك فإن المستويات الأدنى تحاول إخفاء المشاكل ولا تُطلع المديرين على كل شيء. يترتب على ذلك أن يقوم المديرين بمحاولة حل المشاكل بناء على معلومات ناقصة. أضربُ لك مثالا: ماكينة حدث بها كسر للجزء الدوار كمثل عامود المروحة فيأتي المهندس والمدير ويضربون أخماسا في أسداس (أي يفكرون في أسباب وهمية للمشكلة) ولا يعرفون السبب. بالطبع هم يظنون أن المروحة كانت تعمل على ما يرام وفجأة حدث بها هذا العطل. في حالات كثيرة تكون هناك بوادر للمشكلة أو سبب واضح جدا مثل نقصان الزيت أو التزييت بزيت خاطئ ولكن المشغل أو مسئول الصيانة لن يُخبر المديرين لأنهم سيعتبرونه مُجرما. وبالتالي يتم افتراض أسباب وهمية ويغلب سوء الظن. بهذا تكون المعلومات مغطاة والمشكلة مغطاة فهذا هو أسلوب التغطية في حل المشاكل.
أسلوب الاقتلاع من الجذور
أما في نظام تويوتا (أو التصنيع الخالي من الفواقد LeanProduction) فإن الأمر مختلف تماماً. إن محاولة إعادة الوضع إلى ما كان عليه تسير جنبا إلى جنب مع أسلوب تحليل السبب الجذري للمشكلة. إن ثقافة العاملين هنا هي “نريد منع حدوث المشكلة مرة أخرى”. إننا لا نريد تغطية المشكلة ولكن نريد منعها فإننا عندما نجعل المشكلة لا تتسبب في تأخر وصول المنتج إلى العميل فإننا لم نمنع الفواقد والتكلفة التي لا داعي لها ولكننا جعلنا تأثيرها مدفونا. أما في نظام تويوتا الإنتاجي فإننا لا نريد فواقد أصلا فنحن نريد التخلص منها ولذلك فنحن نبحث عن السبب الجذري.

في هذه الثقافة لا يتسرع أحد للوصول إلى أي سبب يصادفه أو أي اتهام يلقيه على غيره بل كل من له علاقة بالأمر يشترك في الوصول إلى السبب الجذري. عمقٌ في التفكير….تروٍ في الوصول إلى الحل….تفكير جماعي….الاعتماد على الحقائق….تطبيق الحل….ثم تنتهي المشكلة تماماً. في هذا الجو لا يُخفي أحد الحقائق فلا أحد يصيبه الذعر عند حدوث مشكلة.
إن الحالات التي يكون فيها الخطأ متعمَّدا قليلة جدا ولكن الأخطاء تأتي من أسباب أخرى كثيرة منها سوء تصميم نظام التحكم، سوء تصميم مكان العمل، عدم تدريب العامل أو المسئول بالقدر الكافي، عدم توفير وسائل تمنع حدوث الخطأ، وجود خطأ في تعليمات العمل، الإرهاق نتيجة للعمل لساعات طويلة،….إلى آخره. وحتى في حالات تعمد الخطأ فإنه يجب علينا أن نبحث عن السبب الجذري الذي يدعو موظف ليتعمد الخطأ أولكي يكون مهملا. في هذه الثقافة يتم التعامل مع الإنسان على انه إنسان أي من الطبيعي ان يخطئ ولكن علينا أن نصمم العملية وندرب الموظف لكي يكون من الصعب جدا أن يخطئ. التركيز هو على تطوير العملية وعلى البحث عن الأسباب الجذرية.
مقارنة بين الفكر التقليدي وفكر تقليل الفاقد (نظام تويوتا الإنتاجي):
الجدول أدناه يقارن بين أسلوب التعامل مع الفواقد (المشاكل) في الفكر التقليدي وفكر نظام تويوتا الإنتاجي.
النظام التقليدي
نظام تويوتا الإنتاجي TPS
محاولة الوصول إلى السبب بسرعة
محاولة دراسة المشكلة بعمق وعدم استعجال الوصول إلى السبب
البطل” هو من يتوصل إلى السبب بسرعة
فريق العمل سيكون هو البطل عندما يتوصل إلى السبب الجذري بعد تفكير جماعي عميق
س: إن العامل قد أخطأ
ص: عاقبهونبه عليه ألا يخطئ مرة أخرى
س: إنه خطأ العامل
ص: ولماذا أخطأ؟
س: لأنه التعليمات لم تكن واضحة
ع: ولماذا لم يكن على دراية بذلك
س: إنه عامل التحق بالعمل حديثا
ن:ولماذا لم يتلق التدريب الكافي
س: لقد تلقى تدريبا وواضح أن هذه النقطة فاتته
ص (بعد المناقشة مع الآخرين): أولا: يتم تصحيح واستكمال تعليمات العمل
ثانيا: يتم شرح المشكلة لكل العاملين
ثالثا: يتم التأكد من مستوى التدريب الذي تم لكل العمال الجدد ويتم تدريبهم على أي أعمال لم يتدربوا عليها
رابعا: يتم شرح المشكلة للمدريبن ليراعوا ذلك في برامج التدريب
خامسا: يتم منع حدوث المشكلة عن طريق تمييز ألوان المفاتيح وكتابة أسمائها وكتابة تحذير تحت مفتاح إيقاف المعدة
لدينا من الخبرة الطويلة أن نعرف أسباب المشاكل عن طريق التليفونأو بقراءة التقارير
زيارة الموقع ومناقشة المشكلة هناك
الأسباب التي يُتوصل إليها عادة كبيرة وغير حقيقية
الأسباب التي يتوصل إليها عادة ليست ظاهرة وعادة أشياء بسيطة
عند حدوث الخطأ يخاف الشخص المسئول حتى لو يكن له علاقةبالمشكلة
عند حدوث الخطأ فإن الجميع يلتحمون للوصول إلى السبب لكي يمنعوا تكرره
العبارات التي تتردد عادةً: العامل غَبي، المهندس لا يَفقه شيئا،المدير فاشل، أنا قلتُ أن هذا سيحدث
العبارات التي تتردد عادة: لماذا لماذا، لماذا، لماذا، لماذا، العملية تحتاج لتعديل، العامل يحتاج أدوات مساعدة، الجهاز يحتاج تطوير
المطالب المعتادة: نريد شراء عدد 3 أجزاء احتياطية لمواجهةالمشكلة عند تكراراها
المطالب المعتادة: نريد شراء كذا أو عمل كذا لتطوير الجهاز أو طريقة العمل لمنع حدوث المشكلة
لا يمكن تحديد الأسباب الحقيقية لأن الشخص الذي يعرف الحقيقة يخافأن يذبح نفسه أو يذبح زميله
لا مانع من ذكر الحقيقة فهي الوسيلة لمنع المشكلة ثم إن الخطأ من طبيعة البشر وعلينا مساعدة المخطئ لكيلا يتكرر الخطأ
المناقشات الشفهية المعتمدة على فلان قال كذا، وتقريبا كذا، وغيابالأرقام والحقائق
المناقشات يصاحبها تقارير بها الحقائق والتاريخ والأرقام والرسومات
أسلوب الدراسة: لا داعي لدراسة الأمر فالأمر واضح جدا
أسلوب الدراسة: عصف الذهن، مخطط هيكل السمكة، تقارير A3، اجتماعات، تجميع معلومات
المشاركون في الدراسة: كُبراء القوم فقط
المشاركون في الدراسة: كل من له علاقة بالأمر من صغير أو كبير والصغير قبل الكبير بمعنى أن عامل التشغيل قد يشارك ومدير الشركة لا يشارك
النتائج: المشاكل تتكرر ويتم التعامل معها كل مرة
النتائج: المشاكل لا تتكرر بل يتم حلها جذريا
العمل مُمل
العمل عبارة عن متعة حل المشاكل وتطوير العمل
الكثير من المشاكل يتم التعتيم عليها حتى لا يعاقبأحد
الكل يسعد بطرح المشاكل والأخطاء لأنها ستؤدي إلى تطوير العمل لا إلى معاقبة العاملين
المشغلون في وادٍ والإدارة في وادٍ
الإدارة والمشغلون متاح لهم نفس المعلومات وكل المعلومات



أدوات دراسة المشاكل في نظام تويوتا الإنتاجي
للوصول إلى حل للمشاكل من جذورها فإن هناك عدة أدوات تستخدم عادة في الشركات المطبقة لهذا النظام. من هذه الأدوات: مخطط هيكل السمكة، منحنى باريتو، اسأل 5 مرات لماذا، عصف الذهن، تقرير أ3، خطط/افعل/ادرس/أعد الكرة مرة أخرى. هذه الأدوات لها سمات مشتركة فهي:
· بسيطة بحيث يستطيع أي أحد أن يستخدمها وفي أي مكان بما في ذلك الفنيون في مكان عملهم
· التعمق في التفكير فهي تشجع على بحث كل الأسباب
· الاعتماد على الحقائق فهي تعتمد على الأرقام والحقائق
· إتاحة الحقائق والمعلومات للجميع عن طريق الاجتماعات والتقارير الوافية
· الفكر الجماعي كما في عصف الذهن