1/ خمس ساعات ونصف تقريباً هي المسافة التي تقطعها طائرة مصر للطيران الي مطار عنتيبي احدي مدن اوغاندا . ولمطار عنتيبي في نفسي ذكريات مؤلمة فقد قام جنود الكوماندوز الاسرائليون بتحرير الرهائن الذين اختطفوا بمعرفة فدائي منظمة فتح وكان المختطفون قاب قوسين أو ادني من تحقيق اهدافهم المرجوة وأدناها الافراج عن جميع المعتقلين الفلسطنيين في السجون الاسرائيلية . صحيح أن عملية الاختطاف تمت قبل ربع قرن تقريباً الا أن ألامها مازالت عالقة في ذهني فقد نجح الجرذان في تحرير رهائنهم والعودة بهم سالمين الي مطار تل ابيب . ولطالما شغلني سؤال مهم أين هؤلاء الفرسان الافارقة والعرب وقد تركوا طائرات العدو تسبح في سمائهم دون رادع . وزاد تساؤلي لماذا عجزت اوغاندا عن حمايه الخاطفين والمختطفين لتحقيق مانصبو اليه جميعاً .
2/ مدينه عنتيبي تطل عليها بحيرة فكتوريا المشهورة ولهذه البحيرة حكايات مشهورة وربما أشهرها أن موظفي السفارة الفرنسية يستمتعون بهوائها النقي ونسيمها العليل الوارد للتو واللحظة من منابع النيل الخالي من الشوائب والمخلفات . وقد قيل أن العاملين في السفارة ضجوا بالشكوي من أصوات مزعجة تصدر من البحيرة وكانت شكواهم في كل مرة تقابل بالازدراء واللامبالاة وكانت الاجابة تأتيهم ان مايحدث لايعدو أن يكون خريراً للمياة . مما دفع السفارة الي البحث في هذه الظاهرة الغريبة التي لم يعهدوها من قبل وقد انتهوا الي حقيقة مرة ومؤلمة وهي ان الرئيس الاوغندي السابق عيدي أمين والذي حكم البلاد لسنوات طويلة وانتهي به المطاف الي اللجوء السياسي بدولة خليجية كان يتخلص من خصومه ومعارضيه ثم يأمر حراسه بالذج بهم ليلاً في مياة البحيرة أما الاصوات فقد كانت نتيجة لتقاتل التماسيح للحصول علي اكبر قدر من لحوم البشر . وقد استحدث الرجل طريقة هي الافظع للقضاء علي الضحايا دون تكلفه وهو ماعرف بقتل المطرقة فقد كان يحرض ضحاياه بأن يقتل أحدهم الأخر بعد الايعاذ اليه بأن مكافئته ستكون الافراج حتي اذا نفذ جريمته استعان بأخر للقضاء عليه وهكذا تدور الدائرة حتي اذا كان أخرهم تطوع أحد الحراس بطرقه مرة واحدة.
3/ قد يتصور البعض أن اوغاندا بمدنها وقراها ونجوعها وكفورها لاتعدو ان تكون خرابة وأن قاطنيها يعيشون حياة القرون الوسطي وهذا فهم خاطئ فما رأيته يغاير ماترسخ لدينا فأنت في كل مكان تذهب اليه تستشعر حالة من الهدوء وراحة البال وربما كان مرجع ذلك الطبيعة الساحرة للبلاد من خلال المساحات الخضراء الشاسعة والمترامية التي تغطي كل الأنحاء تقريباً باستثاء مايقتطع منها للطرق والجسور وليس جديداً ان همزة الوصل التي تربط بين السكان جميعاً هي التسامح والبشاشة التي تجدها مرسومة علي كل الوجوه تقريباً .
4/ كمبالا العاصمة وهي أقرب الي مدينة القاهرة في تزاحمها وأعداد السيارات التي تغطي كل شوارعها وحواريها الا ان العامل المشترك بين السائقين هو الالتزام بقوانين المرور التي تم تحديثها بمعرفة الانجليز الذين تجد بصماتهم ظاهرة وملموسة في اتجاهات السير والاشارات الالكترونية وان استعانوا بالدراجات البخارية لنقل المواطنين بالأجر لكونها الأسرع في الحركة والوصول الي أماكنها المستهدفه في زمن قليل .
5/ كان حرصي شديداً علي السعي في مدنها والوصول بطبيعة الحال الي منابع النيل ويالها من منظر عجيب ومرهف فالمياه تنساب بغزارة وبطريقه سلسة وهي أشبه بالعسل المصفي ومايزيدها جمالاً انسيابها من بين أشجار الفاكهة التي تتعدد مسمياتها والتي تمتلئ بها مخرات المياة . وفي الطريق الي المنابع تصيبك حالة من الاندهاش من كثرة الأشجار المثمرة والمعمرة والتي تعد بالالأف لكل ماتشتهي الانفس هذه مانجو وتلك تفاح وثالثه قشطة الخ ..... وفي كل الأحوال تشكو هذه الثمار من ندرة الطالبين لها والحريصين علي تصنيعها ولو قدر لهم ذلك لكانوا بالفعل قبلة لتصدير الفاكهة الي كل بقاع الدنيا .
6/ الأوغانديون يمتلكون ثقافة عاليه في التعامل مع الأخر ومن الصعب أن تفرق بين اثنين احدهما مسيحي والأخر مسلم فالدولة يبلغ تعدادها واحدا وثلاثين مليوناً منهم أحد عشر مسلماً والآخرون يدينون بالمسيحية ورئيسهم بطبيعة الحال ينتمي الي الأغلبية ومن السهل أن تجدها امامك في أحد الشوارع مفتتحاً لمقهي أو محلاً تجارياً ربما لايكون مشهوراً الا انه كما علمنا دائم الاستجابة لدعوات الجماهير .
7/ أراضي أوغاندا بطبيعتها جبلية الا انها تقريباً يكسوها الاخضرار ومن أشهر زراعاتهم الشاي والبن علاوة علي أنواع الفاكهة المتميزة ,أشهرها الموز بمسمياته المختلفه ومنه يتم تصنيع رغيف الخبز .
8/ التواجد العربي في أوغاندا لايتعدي العاملين في السفارات باستثناء الأنشطة الخيرية التي ترعاها الجماهيرية العربية الليبية من خلال بناء المدارس والمساجد ودور الأيتام والمصحات التي تشرف عليها مؤسسة القذافي الخيرية . وفي المقابل نشاط غير طبيعي وملموس لاسرائيل من خلال دعم الأنشطة في مجالات عديدة ومنها الميكنة الزراعية واستثمارات أخري تتمثل في تصنيع وتعبئة الفواكة والدفع بها الي بلاد شتي وقد قيل أن هذا النشاط الصهيوني بدا منذ بداية السبعينيات وهو في ازدياد دائم وأخيراً اهتديت الي الاجابة عن سؤالي كيف استطاع الاسرائليون تحرير رهائنهم