كواليس اعتصام «خبراء العدل»: أحدهم رزق بطفل والآخر يقضى حاجته فى محطة سكة حديد..
كتب هبة عبدالحميد ٢٤/ ٧/ ٢٠٠٩
أمام مبنى وزارة العدل عاش ١٢٠٠ خبير من المعتصمين طوال أكثر من ١٨ يوماً حياة طبيعية، فهم فى النهار يقفون على سلالم الوزارة أمام عدسات المصورين وكل منهم يحمل لافتة دون فيها مطالبه، وفى الليل يتناوبون المبيت على الأرض، لأن المكان لا يسع أعدادهم الكبيرة لذلك يقسمون أنفسهم على جزءين، الأول ينام والثانى يتولى حراسة الباقى أثناء الليل.
ارتفاع درجة حرارة الجو لم يمنع «خبراء العدل» من التواجد بكامل هيئتهم المعتادة: بالبدلة والكرافتة، وأثناء النوم يخلعون الجواكت والأحذية ويعلقونها فى شماعات وضعوها خصيصاً لهذا الغرض على جدران الوزارة وأبوابها الزجاجية والتى تحولت إلى دواليب، أمام الأرض فوضعوا عليها مراتب إسفنجية و«كوفرتات».. لزوم النوم، أكبر مشكلة تواجه المعتصمين حالياً هى عدم وجود دورات مياه، فالوزارة تغلق أبوابها أمامهم وتمنعهم من استخدام دورات المياه، الأمر الذى يضطرهم إلى اللجوء للمساجد كما أكد الدكتور محمد فتحى خبير من مكتب المنيا قائلاً: منذ يومين أصبت بوعكة صحية بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
كما أن نومى على الأرض أصابنى بنزلة معوية، اضطرتنى إلى دخول الحمام باستمرار، ولأننى لم أجد مساجد مفتوحة فى ذلك الوقت اضطررت إلى ركوب مترو الأنفاق حتى محطة رمسيس، وقضيت حاجتى فى دورة مياه محطة السكة الحديد.
أما محمد جمال فتعرض لموقف طريف حيث استيقظ من نومه فلم يجد حذاءه إلى جواره فاعتقد أنه سرق لكنه اكتشف بعد ذلك أن الكلاب تسرق الأحذية وتلقى بها بعيداً.
«المصائب لا تأتى فرادى».. هكذا علق خبير طلب عدم ذكر اسمه قائلاً: اضطررت إلى رفع قضية على ممدوح مرعى وزير العدل بسبب التصريحات لتى أعلنها فى إحدى البرامج رداً على اعتصامنا حيث قال إننا نحصل على راتب شهرى يتراوح بين ٧ و١٤ ألف جنيه فى حين أن راتبى الفعلى لم يتعد ٧٠٠ جنيه، الغريب أن هذه التصريحات دفعت طليقتى إلى رفع دعوى قضائية ضدى لطلب نفقة أعلى طبقاً لتصريحات الوزير.
تصريحات الوزير تهدد أيضاً محمد صديق «خبير من أسيوط» بفسخ خطوبته التى استمرت أكثر من عامين بسبب شك أهل خطيبته فى الراتب الذى يتقاضاه وقال: كنت أجهز شقتى وأثاث منزلى على قد حالى، وكان أهل خطيبتى متعاونين معى لكننى فوجئت بهم يطالبوننى بتقديم وقت الزواج، واشترطوا على أن يكون فى قاعة فاخرة تليق براتبى الذى يزيد على ٧ آلاف جنيه.
«الحياة فى الشارع صعبة والميزة الوحيدة أننا تجمعنا لأول مرة فى مكان واحد وعلى قرار واحد».. هكذا تحدث محمود عبدالعزيز رئيس الخبراء الزراعيين فى الدقهلية قائلاً: طول مدة الاعتصام جعلنا ننسق مع بعضنا داخل كل مكتب فى كل محافظة، حيث إننا قسمنا أنفسنا إلى قسمين: الأول يستأنف الاعتصام والثانى يعود إلى بيته ليغير ملابسه ويطمئن على أسرته ويعود ومعه أكل وشاى وسكر للحاضرين، ثم يسلم للقسم الثانى وهكذا.
المكان الذى غلفه اليأس من تحقيق هدف الاعتصام امتلأ ذات يوم بصرخة أحد المعتصمين فرحاً بعد أن تلقى اتصالاً هاتفياً يقول مضمونه: «مبروك جالك ولد».. الغريب أن محمد الذى أصبح أباً لأول مرة لم يترك الاعتصام ليطمئن على زوجته فى الإسكندرية لكنه انتظر عودة أصدقائه من نفس المكتب ليسلم لهم ورديته ثم يسافر لرؤية مولوده.
المصري اليوم