نسّم علينا الهوا http://dostor.org/ar/templates/hood_...rintButton.png http://dostor.org/ar/templates/hood_...mailButton.png منتهي السعادة
عمر طاهر
أن تفتح الراديو بالصدفة فتجد أغنية تحبها في أولها (اتعودت عليك يا حبيبي..شادية)، أن تتسلل إلي البلكونة في ليلة حارة هاربًا من الأرق فتهب عليك نسمة رقيقة خفيفة الظل بها رائحة من ليالي الحب الأول تجعلك تأخذ نفسًا عميقًا وتخرجه مصحوباً بلفظ الجلالة، أن تلبي طلبًا بسيطًا لأمك (ناولني كوباية ميه) تناولها كوب الماء المشبر فتهبدك دعوة صادقة (ربنا يبل ريقك ويسعد قلبك)، أن تصحو فتجد زوجتك في المطبخ تاركة طفلتك نائمة إلي جوارك تفتح عينيك فتفتح البنت عينيها في اللحظة نفسها ثم تبتسم فجأة في وجهك، أن تتوقف عند عربية الفول في اللحظة نفسها التي يصل فيها الولد بالخبز الطازج الساخن علي دراجته، أن يفوتك المترو فتجد الذي يليه رائقاً للدرجة التي تجعلك تجلس إلي جوار النافذة، أن تقابل أبو تريكة صدفة في الشارع، أن تشعر بالوحدة فتفتح التليفزيون فتجد مسرحية العيال كبرت، أن تكون جالسًا مع أقرب قريب لك تسترجعان أيام الطفولة في بيت العائلة فينقطع التيار الكهربائي، أن تصلي الفجر في المسجد المجاور لمنزلك ثم تضع السماعات في أذنيك وتمشي قليلا لتستقبل أولي درجات النور علي أنغام الموسيقي وطبطبة الهواء النظيف علي شعبك الهوائية، أن تعرف مصادفة أن هناك شخصًا يحبك من زمان من بعيد دون أن يخبرك أبداً، أن تفتح حظك اليوم في نهاية اليوم فتجده يعطيك مبررًا مريحاً لهذا اليوم الفاكس بأن الشمس ليست في مجالك اليوم ،مبرر فاكس أيضا لكنه يجعلك تلتقط أنفاسك وتستريح، أن تصل إلي مقر عملك بسيارتك فتجد مكانًا بدون مشقة، بدون سايس، بدون أن تسيب المفاتيح بيقولك اركن،أن يرتمي شخص تحبه في حضنك بلا مبرر، بلا مقدمات ، أن تخطف ساعة نوم «الضهرية» فتصحو وقد زال عنك بلا سبب الصداع الذي أفسد نهارك، أن تجد نفسك خرمانًا بعد منتصف الليل وعلبة سجائرك فارغة تقلب العلب المتناثرة هنا وهناك فتجد بالصدفة سيجارة وحيدة في واحدة منها، أن تدخل الحمام وأنت مستعجل فتجد في الداخل مصادفة جريدة قديمة تؤنس وحدتك، أن تصحو براحتك يوم أجازة أكتوبر فتسمع قادمًا من الصالة صوت وردة تغني في التليفزيون (حلوة بلادي)، أن تنجح في إصلاح حنفية المطبخ اللي بتنقط بقالها يومين دون أن تستعين بسباك، أن تخرج البالطو من الدولاب في بداية الشتاء فتجد في جيبه ورقة بعشرة جنيهات، أن تجد صديقًا من أيام الدراسة علي الفيس بوك (الفيس بوك يساعدك علي التواصل مع كل حبايبك من أيام الجيزة)، أن تخرج من بيتك متأخرًا دون أن تلحق أن تحلق ذقنك فيقابلك أول شخص قائلاً إن (دقنك حلوة وهيه طويلة)، أن تفكر في شخص ما فتجده يتصل بك أو تتصل بشخص فيقول لك فيك شيء لله كنت علي بالي، أن يستعيد اللاعب الذي تحبه مستواه ويحرز هدفا جميلا، أن تجد وسط كراكيب البيت شهادة تخرجك في الحضانة وبها صورتك وأنت طفل وجملة تعبر عن تقييم مدير الحضانة لشخصيتك ( سريع البديهة ومتعاون مع أصدقائه ) فتكتشف أنك لم تفقد بعد ما كان يميز طفولتك.
سألني أحد الأصدقاء في إيميل «ما تعريفك لمنتهي السعادة؟»، أرجو أن أكون قد أجبت عن السؤال.