بداية أحب أن أؤكد على مصريتي وحبي الشديد لمصر وكل من يفكر أن يهين مصر فمكانه تحت الأحذية ولا كرامة له
كنت قد كتبت بعض الملاحظات على المبارة بين مصر والجزائر قبل مبارة السودان
والأن أود أن أطرح وجهة نظري بعد ما حدث في السودان
بدأت القصة من القاهرة عندما فاز المنتخب المصري على نظيره الجزائري وفي لحظة دخول الهدف الثاني في الجزائر وقفت جموع الوزراء والحزب الوطني في طابور ليهنئوا رئيس لجنة السياسات وكأن الفضل في فوز الفريق المصري يعود إلى توجيهات سيادته ورجال الحزب الوطني البواسل
وتفائل رجال الحزب الوطني بهذا الفوز واعتقدوا أن الفوز في السودان أسهل لنا من الفوز في القاهرة فأعدوا العدة لكي يضاف هذا الإنجاز العظيم إليهم كما أضافوا فوز مصر بكأس الأمم الأفريقية إلى قائمة إنجازات الحكومة الرشيدة
فسافرت جموع الحزب الوطني والفنانين إلى السودان بهدف إضافة الفوز المنتظر إلى قائمة إنجازات 2009
وكانت الأغاني الوطنية تذاع على القنوات المصرية ليل نهار وكأن مصرًا فازت بكأس العالم وتم شحن الشعب المصري بطريقة كبيرة لأجل هذه المبارة وأصبح شاغل جميع المصريين هو مبارة مصر والجزائر.
بعد المبارة وفوز الجزائر حدث هرج ومرج كبير جدًا في السودان وكثرت الأقاويل عما حدث للجماهير المصرية التي كانت في السودان والتي كان معظمها من الطبقات التي لم تذق خشونة الحياة فتكلفة السفر إلى هذه المبارة على الأقل 3000 جنيه وهذه التكلفة لا يقدر عليها إلا علية القوم من الممثلين والمغنيين ورجال الصحافة ورجال الحزب الوطني
وصلت إلينا أنباء من وسائل المصرية تفيد أن المصريين تعرضوا لإعتداءات شديدة جدًا من جانب الجزائريين في الخرطوم.
وبدأ الأعلام المصري في الرد .......
غريب جدًا أن ترى جميع المحطات الأخبارية العالمية بما فيها السي ان ان والبي بي سي تقول أن الفريق الجزائري ضحية للإعتداءات المصرية في القاهرة ولم نسمع منها كلمة واحدة عن ما حدث في الخرطوم وكأن الخرطوم في كوكب المريخ
بل إن الأعجب أن الإعلام السوداني والشرطة السودانية لم نسمع لهم أي تعليق يعبر حجم عن ما حدث
كما أنني كمصري أشعر باستغراب شديد من تكرار الحديث عن مذبحة تعرض لها المصريون في الخرطوم ، ثم تكون المحصلة الرسمية المعلنة عشرين مصابا يقول وزير الصحة المصري أن إصاباتهم سطحية ، وهم أقل من عدد الإصابات التي تحدث في أي مباراة عصيبة أخرى هنا بين الأهلي والزمالك أو الإسماعيلي
هل الأعلام المصري يكلم نفسه فقط دون أن يكون عنده حرفية في توصيل وجهة نظره إلى الطرف الأخر
نحن المصريين الأن هم فقط من نعتقد أننا تعرضنا لأهانة كبيرة وباقي العالم لم يرى منا إلا اسلوب فرش الملاية والشتيمة البالغة في شعب بأكمله فيه الشريف وغير الشريف فيه الطيب والخبيث
أعتقد أن الإعلام المصري توجه بالشحن إلى الإتجاه الخاطئ فبدلًا من أن يتم شحن المجتمع الدولي تجاه ما حدث لنا في الخرطوم شحنا في أنفسنا حتى أوشكنا على الإنفجار
إن أمثال مصطفى عبده وهتيف الدرجة الثالثة عمرو أديب وأمثالهم جعلوا صورة الإعلام المصري في الخارج مسخرة ومضرب الأمثال في الجنان الرسمي ، وكشفوا عن انحدار غير مسبوق في مستوى الثقافة المصرية ، الذين ألحقوا العار بمصر ليسوا هؤلاء البلطجية الذين صاحبوا المنتخب الجزائري في السودان ، ولكنهم هؤلاء أنصاف أو أرباع المثقفين الذين قفزوا في غمضة عين على الإعلام المصري واستولوا على أخطر منابره
أتسائل منذ متى كان لاعبي الكرة يتكلمون في السياسة ؟؟؟
صحيفة رخيصة مثل الشروق لم يكن يسمع عنها أحد شئ أصبحت الأن ملئ الأفاق بفضل الإعلام المصري الذي أهداها شهرة لم تكن تحلم بها فكل يوم نسمع في الإعلام المصري ردودًا على الشروق الجزائرية
عندما حدث ما حدث للفريق الجزائري في القاهرة لم تقم القاهرة بالاعتذار عن ما حدث للجزائريين والأن نطالب الجزائريين بالإعتذار عن ما حدث لنا في السودان أعتقد أنه يجب علينا أن نعتذر أولاً حتى يعتذروا لنا
جانب أخر من الأزمة وهو العروبة
بعض الناس كفر بالعروبة وكأن العروبة هي السبب في حدث لنا وكأن مصر لا يجمعها بالجزائر إلى العروبة فقط . ياسادة مصر يجمعها بالجزائر قارة أفريقيا فلم لا نتبرأ من الأفريقية كما تبرأنا من العروبة
ما يجمعنا بالجزائريين أكبر من العروبة والأفريقية ما يجمعنا بها هو الأخوة في الدين التي فرضها ربنا عليها سواء رضينا أم أبينا قال الله إنما المؤمنون إخوة. فمن على وجه الأرض يستطيع أن يزيل هذه الأخوة التي أقرها رب العزة في كتابه ؟؟؟
جاءت هذه الأية قبل الآية التي توضح أن الإخوة يمكن أن يتقاتلوا لأنهم بشر إلا أن هذا التقاتل لا ينفي صفة الإخوة بينهم مهما حدث
أكثر ما يحزن.. وجود هؤلاء الأشخاص غير المؤهلين تربويا وأخلاقيا وفكريا وثقافيا للجلوس أمام كاميرات الفضائيات ليصوروا لشباب اختلطت عليه خطوط العداء والصداقة أن الجزائر أصبحت عدوة مصر "الأولى"...
مصائر الشعوب "يا سادة" ليست تحت أقدام لاعبي الكرة لتحقيق نصر كاذب في معركة مزيفة .. وحديث عن فائض الأموال الذي يظهر فجأة وبالملايين كمكافأة لمن يضرب الكرة ولا تظهر هذه الأموال "أبداً" لبناء الجامعات والمدارس ومساعدة من يعيشون في العشوائيات تحت رحمة صخور "الجبل
شئ أخير
الكرامة لا تتجزأ.. فكرامة المصري في بلده "مصر" جزء من كرامته في الخارج، وكما يقولون فاقد الشيء لا يعطيه"!..
"كرامة" المصريين وآدميتهم باتت سعلة للمتاجرة .. ومطية لبلوغ المراد من أهل البلاد: العرش للعريس.. والجري للمتاعيس .. وحسابات في البنوك لنجوم اعلامه التافه والرخيص.. كل شيئ في مصر بات مستباحا ومادة خاما لتوظيفه وبيعه قطع غيار لأن يبقى حلم "التوريث" حيا وعفيا.. ولا مانع من ترك "الفتات" لإعلامي "الموائد" و"الموالد".. وبائعي "الأفيون" و"حبوب السعادة" للجماهير.
فجأة افتكرنا أن لنا "كرامة".. والبعض طالب بمواجهة عسكرية بين الجيشين المصري والجزائري!.. فعلا "نكتة".. وكأن للمصري كرامتين: الأولى "محلية" تتساهل مع ضربها بالجزمة في الداخل، والثانية "خارجية" لا يقبل النظام ان يداس لها على طرف
!
أنا لا أدري ـ مثلا ـ الفارق بين اختطاف رضا هلال واختفائه في مصر.. وبين اختطاف واختفاء سفير مصر في العراق إيهاب الشريف في العراق!.. في تقديري أنه لم يكن لتحدث الثانية لو كان لـ"المواطن" رضا هلال "كرامة" في مصر.. هل نسينا ما يحدث في مقار الشرطة.. هل نتذكر "عماد الكبير" !.. هل نسينا كيف اختطف الراحل الكبير عبد الوهاب المسيري وزوجته ورميه في صحراء السويس.. هل نسينا الصحفية الراحلة "نوال" التي تحرشت بها جنسيا مليشيات الوطني أمام نقابة الصحفيين المصريين؟!
أم أن كرامة رجال الجزب الوطني ورموز الحكومة شئ وكرامة الشعب المصري شئ أخر. أشعر أن سبب هذا الرد العنيف سببه هو وجود رجال الحزب الوطني في المبارة
فهل لو كان جمهور المبارة من عامة الشعب سيكون الرد مثل هذا الرد ؟؟؟
تحياتي
المفضلات