أنشاء السيارات
يقدّم كثير من منتجي السيارات طُرُزًا جديدة كل سنة. ولكن التكاليف المرتفعة تمنعهم من إحداث تغييرات رئيسية أوإدخال طراز جديد تمامًا. ويقوم المنتجون في الأغلب بتغييرات ثانوية سنويًا تهدف إلى إضافة ميزات، أو مراعاة معايير جديدة، أو معالجة مشكلات ظهرت في الطُّرُز السابقة، أو إعطاء السيارات مظهرًا جديدًا وبالتالي جذب المشترين.
إن تطوير مركبة جديدة ـ سواء بإجراء تغيير رئيسي أو بإدخال طراز جديد تمامًا ـ مهمة تحتاج إلى أناس كثيرين، وعمليات وأجزاء كثيرة. وإنتاج السيارة بدءًا من الفكرة الأولية لما ستكون عليه وانتهاءً ببيع أول سيارة، يتطلب من ثلاث إلى خمس سنوات. ولذلك، يجب على المنتجين أن يحاولوا التنبؤ بأحوال السوق، وبأذواق المستهلكين، وبمنتجات منافسيهم لعدة سنوات قادمة، وذلك عند البدء بعملية تصميم سيارة جديدة وتطويرها.
استطلاع السوق
يستطلع المنتجون ـ خطوة أولى نحو تطوير سيارة جديدة ـ آراء مالكي السيارات وأناس من فئات العمر أو الدخل الذين تلائمهم المركبة المقترحة، وذلك لمعرفة ما يرغبون فيه وما يكرهونه. كما يحاولون التنبؤ أيضًا باهتمامات الناس في مجالات كالأمان والبيئة. وقبل كل شيء، يحاول المنتجون التنبؤ بحجم الطلب على الأنواع المختلفة من المركبات مثل السيارات الصغيرة والكبيرة، والشاحنات الثقيلة والخفيفة.
يقوم المصممون، والمهندسون وكذلك مسؤولو التسويق والمديرون، بدراسة استطلاع السوق. وإذا تبين أن سوقًا معينة ـ كأناس يرغبون في سيارات صغيرة اقتصادية أو سيارات كبيرة فاخرة ـ كبيرة إلى حد كاف لإنتاج مربح، فإنه يمكن لمجلس إدارة الشركة الموافقة على برنامج إنتاج السيارة الجديدة. ويمكن أن يكلِّف مثل هذا البرنامج مبلغًا قد يتراوح بين 300 مليون وثلاثة مليارات دولار أمريكي، وينفق المقدار الأعلى من هذا المال إذا تطلَّب الإنتاج مصانع تجميع ومحركات جديدة.
هندسة الإنتاج
يقوم فريق من مهندسي السيارات بتخطيط وتنسيق وإنجاز مواصفات السيارة الجديدة وتصاميم كل قطعة لازمة لها. وبالإضافة إلى مهندسي المنتج، يمكن أن يضم الفريق مهندسين من الشركات المورِّدة للقطع ومن شركات هندسية مستقلة.
ولا تحتاج بعض الأجزاء، مثل المحرك ومجموعة نقل الحركة، إلى تطوير من أجل المركبة الجديدة إذا كانت لدى المنتج التصاميم الملائمة. ولكن ثمة أجزاء كثيرة يتم ابتكارها من جديد؛ إذ يجب توصيف كل شيء من عجلات القيادة وعجلات الطريق إلى المصابيح الأمامية والخلفية. وتعالج الحواسيب في الوقت الحاضر جزءًا كبيرًا من الأعمال الهندسية اللازمة للسيارة. ويعتمد المهندسون على برامج الهندسة بمساعدة الحاسوب لتصميم ورسم الأجزاء، ولتجميع الأجزاء في عناصر مركبة، ولتجميع هذه العناصر في مجموعات السيارة. ففي الهندسة، بمساعدة الحاسوب، يتم رسم ماسحة كل خط ومنحنى على النموذج الصلصالي من خلال تجميع المعلومات المختزنة في الحاسوب. ويستخدم الحاسوب بعدئذ لإنتاج الرسوم الهندسية اللازمة لتصنيع القوالب - وهي الأدوات الدقيقة جدًا التي تشكل المعادن والمواد الأخرى اللازمة للأجزاء والعناصر المركبة. وعندما تتم هندسة القطع والعناصر المركبة، يحصل المنتجون على نماذج أولية للمركبة المجمعة لاختبار تصميمها وهندستها. ويمكن ألا تماثل هذه النماذج السيارة النهائية على الإطلاق. ويختبر المنتجون النماذج الأولية في ميادين اختبار في حالات الطقس الجاف والحار، والطقس الحار الرطب، والبارد جدًا. ويمكن لهذه النماذج أن تعدّل مرة بعد مرة إلى أن يرضى المنتج عن نوعية العناصر وتكاليفها.
ويستخدم منتجو السيارات النماذج الأولية أيضًا لاختبار مدى تحمل السيارة ولضبط الضخ تبعًا لما هو مخطط له. وتتضمن اختبارات ضبط الضخ تشغيل النماذج الأولية لمدة 24 ساعة يوميًا حتى تقطع مسافة 80,000 كم. ويمكن لاختبارات التحمل أن تقطع ضعف تلك المسافة. وتستخدم النماذج للتحقق من أمان المركبة أيضًا. وفي أثناء قيام المهندسين بتصميم الجسم، تبين الحواسيب مدى جودة السيارة في حماية الركاب عند التصادم. ولذلك، فإن السيارة المنتجة يجب أن تصطدم بالجدران للتأكد من مطابقتها للمعايير الحكومية الخاصة بالحماية من الصدمات. ويكلف تصنيع النماذج الأولية أكثر مما يكلفه إنتاج سيارة واحدة. وإذا أخفقت النماذج في تحقيق الاختبارات، فإنه يجب إعادة تصميمها وهندستها إلى أن تجتاز هذه الاختبارات بنجاح.
هندسة التصنيع
وتتضمن تطوير العمليات الإنتاجية وتوصيف التجهيزات اللازمة لصنع المركبة النهائية وتجميعها. ويمكن أن تساعد النماذج الأولية مهندسي التصنيع على تحسين عملية الإنتاج، إذ يكشف تجميع النماذج الأولية، في أحوال كثيرة، عن مشكلات التصميم التي يمكن معالجتها ليصبح التجميع النهائي للسيارة أكثر فاعلية.
شراء المواد
ويتضمن ذلك شراء المواد الخام والأجزاء والعناصر المركبة اللازمة لإنتاج السيارة من الموردين. ويعد منتجو السيارات مواصفات الفولاذ والمطاط والمواد الخام الأخرى. ويمكن للمنتج أن يزوِّد المورِّد بنسخ من تصاميم القطع والعناصر ليقوم بتصنيعها. أو يمكن للمنتج أن يوصِّف وظيفتها وأبعادها العظمى ويترك للمورد مهمة تصميمها. ويكون الموردون، في أحوال كثيرة، من أقسام التوريد التابعة للشركة المنتجة. وتشترك هذه الأقسام مع الموردين الخارجيين في تقديم عروض أسعار للعمل المطلوب. ويسهم الموردون الخارجيون بنحو 50% من قيمة السيارات الأوروبية وبما يصل إلى نحو 75% من قيمة السيارات اليابانية. أما بالنسبة للسيارات الأمريكية، فإن القيمة التي يسهم بها الموردون الخارجيون تتراوح بين 50% و75%، بحسب الشركة المنتجة.
التصنيع
يشتمل التصنيع على صناعة الأجزاء والعناصر المكونة للسيارة الجديدة وتجميعها. وتؤدي الحواسيب في الوقت الحاضر دورًا مهمًا في تصنيع السيارة. ففي التصنيع بمساعدة الحاسوب تشغل الحواسيب آلات التشغيل التي تصنع الأجزاء والعناصر المختلفة. كما تعطى التعليمات للروبوت الذي يقوم بلحام وطلي جسم السيارة، ويؤدي مهام أخرى في تجميعها.
يتطلب تصنيع السيارة عمليات مختلفة لإنتاج أجزاء مختلفة. ففي عملية كبس المعادن تشكل المكابس المعدن في أشكال محددة بوساطة القوالب. وتشكل المكابس الصغيرة قطعًا مثل الكتائف. وتشكل المكابس الضخمة صناديق الأمتعة بمختلف أحجامها وأبواب الركاب والأرضيات والأسقف وأغطية المحركات. وفي عملية الصب، يُسكب المعدن المنصهر في قالب الصب. وتعد كتلة المحرك القطعة الرئيسية المصبوبة. وفي عملية التشكيل بالحدادة، يتم تشكيل الفولاذ أو الحديد بالتطريق وفق الأشكال المطلوبة. ويمكن تشكيل أعمدة المرفق وبعض أجزاء مجموعات التعليق بالحدادة. وتشتمل عملية التشغيل الآلي على استخدام أدوات متنوعة لقطع الأجزاء الدقيقة وجلخها وتشكيلها، كالأجزاء المكونة للمحركات ومجموعات نقل الحركة. كما تستخدم عمليات عدة لتشكيل التجهيزات اللدائنية في السيارة.
وبعد أن يتم تصنيع القطع والعناصر، يمكن تجميع السيارة على خط التجميع، الذي يمكنه إنتاج ما يصل إلى 75 سيارة في الساعة. ويشتمل التجميع النهائي على لحام أجزاء الجسم وربطها بالمسامير الملولبة، وعمليات الطلاء، وتركيب المحرك، وتركيب الأجزاء الداخلية، وإضافة التجهيزات الاختيارية. وقد ازداد استخدام الحواسيب في خطوط التجميع على نحو كبير، وذلك من خلال قيام الروبوت بمهام كثيرة، وقيام أجهزة التصوير والليزر بأداء عمليات الفحص. ومع ذلك، مازالت مصانع التجميع تحتاج إلى الأيدي العاملة للتأكد من أن جميع القطع والعناصر ـ والتجميع أيضًا ـ هي من أعلى نوعية.
صناعة السيارات
أصبحت صناعة السيارات منتشرة عالميًا على نحو متزايد، إذ كانت تسيطر عليها الولايات المتحدة؛ فكانت تنتج نحو 90% من السيارات في العالم في أوائل العشرينيات من القرن العشرين، ولكنها أصبحت بمنتصف تسعينيات القرن العشرين تنتج نحو 20% فقط. ومع ذلك، فقد ارتفعت كمية الإنتاج في الولايات المتحدة منذ العشرينيات على وجه عام. والسبب في ذلك هو نمو الإنتاج العالمي نموًا كبيرًا - من نحو 10,5 مليون مركبة آلية في عام 1950م إلى أكثر من 50 مليوناً في أواخر تسعينيات القرن العشرين.
الدول والشركات المنتجة الرئيسية. إذا قيست صناعة السيارات بحسب قيمة منتجاتها، فإنها تتصدر جميع الصناعات الأخرى في كلّ من اليابان والولايات المتحدة وفي عدد من الدول الأخرى. وتنتج معظم الدول الصناعية المركبات الآلية. وتنتج دول نامية كثيرة السيارات والشاحنات أيضًا أو تجمعها لمنتجي السيارات في دول أخرى.و ذلك بالإضافة إلى أن أكثر من مائة دولة تصنع القطع والعناصر المكونة للسيارات مثل كوريا ومصر وتركيا والبرازيل.
تُعدُّ اليابان والولايات المتحدة أكبر دولتين منتجتين للسيارات. وحلّت اليابان محل الولايات المتحدة في المرتبة الأولى لإنتاج سيارات الركاب في الفترة من 1980 إلى 1983م. ثم استعادت المركز الأول عام 1987م ولا زالت تحتفظ به. وتشمل الدول المنتجة الأخرى ألمانيا وفرنسا وروسيا وإيطاليا وأسبانيا وكندا وبريطانيا وكوريا الجنوبية. وعمومًا، فإن الدول الأكثر إنتاجًا للسيارات يكون لديها أوسع أسواق السيارات أيضًا. فلدى الولايات المتحدة أوسع سوق للسيارات. وتليها بفارق كبير كلّ من اليابان وإيطاليا وفرنسا. والواقع أن معظم الدول التي لديها صناعة سيارات ضخمة وسوق سيارات واسعة يكون لديها تجارة غزيرة في استيراد السيارات وتصديرها. وذلك باستثناء اليابان والولايات المتحدة؛ إذ تستورد اليابان جزءًا ضئيلاً من السيارات المباعة محليًا، وتصدر الولايات المتحدة جزءًا صغيرًا من إنتاجها فقط. يذكر أن شركتي جنرال موتورز وفورد للسيارات هما أكبر شركتين لإنتاج السيارات في الولايات المتحدة، وتعرف هاتان الشركتان بالإضافة إلى شركة كرايسلر بالكبار الثلاثة. وفي عام 1998م، اندمجت شركة كرايسلر مع الشركة الألمانية ديملر - بنز لتكون شركة جديدة باسم ديملر - كرايسلر أ.ج.
أستراليا
ترتبط صناعة السيارات في أستراليا ارتباطًا وثيقًا بصناعتها في الولايات المتحدة واليابان. ففي عام 1926م، افتتحت شركة جنرال موتورز خط تجميع بالقرب من ملبورن، بجوار الخط الذي أنشأته شركة فورد للسيارات قبل عام واحد. واندمجت جنرال موتورز في شركة صناعة السيارات الأسترالية هولدن في عام 1931م. ونمت صناعة السيارات في أستراليا نموًا كبيراً خلال فترة الازدهار الاقتصادي في الخمسينيات. ففي هذه الفترة، توسعت شركة جنرال موتورز هولدن بسرعة، وكذلك فعلت شركة فورد للسيارات. كما أنشأت شركة أمريكية أخرى، وهي كرايسلر، مصانع مختلفة في أنحاء أستراليا.
وبدأت شركة صناعات السيارات الأسترالية بتجميع سيارات تويوتا في عام 1963م. وفي أوائل السبعينيات، بلغت مبيعات سيارات تويوتا أكثر من 12% من المبيعات السنوية للسيارات الجديدة في أستراليا. وأنشأت نيسان، وهي شركة يابانية أخرى، مصنعاً في ملبورن عام 1968م. وفي أواخر الثمانينيات، كانت اثنتان من الشركات الرئيسية المنتجة للسيارات في أستراليا أمريكيتين، بينما كانت الشركات الثلاث الأخرى يابانية.
بريطانيا
السيارة البريطانية المتميزة هي الرولزرويس، ويتم إنتاجها منذ عام 1904م. وكان وليم موريس أول صانع سيارات بريطاني يقلد أسلوب هنري فورد في الإنتاج الكبير. ونجم عما قام به موريس، انخفاض أسعار السيارات بنسبة الربع بين عامي 1922 و 1929م، وبالتالي توقفت شركات كثيرة عن العمل. وبحلول عام 1929م، بلغ إنتاج ثلاث شركات، هي أوستن وموريس وسنجر، ثلاثة أرباع جميع السيارات المباعة في بريطانيا.
وبدأت شركة فورد بإنشاء مصنعها الضخم في داجز في إسكس عام 1925م. وفي العام نفسه اشترت جنرال موتورز شركة فوكسهول للسيارات. وبحلول عام 1939م، كان عدد الشركات المنتجة المستقلة عشرين شركة فقط.
وبعد الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م)، زاد اقتناء الناس للسيارات، وازداد نمو الصناعة. وفي عام 1951م، اندمجت شركتا أوستن وموريس لتكوِّنا شركة بريتيش موتورز؛ إذ تستطيع المجموعة الكبرى أن تنتج سيارات أكثر عدداً بتكلفة أقل. وبحلول عام 1954م، بلغ إنتاج صناعة السيارات أكثر من مليون مركبة آلية في السنة.
وخلال السبعينيات، تم تأميم كل من بريتيش لِيلاند، المسماة الآن مجموعة روفر، ورولز رويس. وفي عام 1980م، اندمجت رولز رويس في شركة صناعة الأسلحة فيكرز. والواقع أنه، منذ الستينيات وما بعدها، بدأت صناعة السيارات البريطانية عمومًا تلقى منافسة شديدة من السيارات المستوردة. فتقلصت شركات بريطانية كثيرة. وقد تم تأميم قسم كبير من الصناعة بسبب خسائرها.
طرأ تحسن في الثمانينيات من خلال التعاون مع الشركات الأجنبية. والمثال على ذلك شركة بريتيش لِيلاند التي تعاونت مع الشركة اليابانية هوندا في إنتاج سيارات مثل ترايومف أكليم. وفي أواخر الثمانينيات، شملت الشركات البريطانية الناجحة نيسان وفورد وروفر.
أيرلندا
لم يبدأ تجميع السيارات في أيرلندا قبل عام 1933م. وكانت أوستن وفورد وموريس من بين شركات التجميع الرائدة. ولكن صناعة التجميع تدهورت تدريجيًا، وفي أواسط الثمانينيات أُغلقت جميع مصانع التجميع الأيرلندية.
فرنسا
يوجد في فرنسا ثلاث شركات رئيسية لصناعة السيارات، اندمجت اثنتان منها في عام 1974م عندما ضَمّت شركة بيجو إليها شركة ستروين وكونت مجموعة بيجو ـ ستروين. وفي عام 1979م، اشترت هذه المجموعة أسهم شركة كرايسلر في أوروبا. والشركة الفرنسية الرئيسية الصانعة للسيارات هي الشركة المؤممة رينو. بدأت رينو الإنتاج بالجملة للسيارات خلال العشرينيات، ولكن الألمان استولوا عليها خلال الحرب العالمية الثانية. وأصبحت رينو شركة مؤممة منذ عام 1945م.
ألمانيا
تدين ألمانيا بمقدار وافر من نجاحها في السوق العالمية لإنتاج سيارة الفولكسواجن. ففي عام 1960م، تجاوزت ألمانيا كلاً من بريطانيا وفرنسا لتصبح ثانية أكبر منتج للسيارات في العالم. وقد حافظت ألمانيا طوال الثمانينيات على مركز قوي في السوق العالمية، بسبب نجاح شركات مثل بي. إم. دبليو ومرسيدس بنز بالدرجة الأولى. وكانت الدولتان المنافستان الرئيسيتان لها هما إيطاليا واليابان.
إيطاليا
أضخم شركة صانعة للسيارات في إيطاليا هي فيات التي بدأت بالتصدير إلى إنجلترا وفرنسا عام 1903م. وقد عقدت عام 1966م اتفاقًا مع الاتحاد السوفييتي السابق لإنشاء مصنع لإنتاج سيارات لادا في روسيا. واستولت فيات على شركة لانسيا وسيطرت على 50% من شركة فيراري عام 1969م. وفي عام 1986م، اشترت شركة ألفا روميو بقصد دمجها في لانسيا. وفي أواخر الثمانينيات، أصبحت فيات أضخم منتج للسيارات في أوروبا. وقد أدى نجاح هذه الشركة إلى الازدياد السريع في إنتاج إيطاليا من نحو 500,000 سيارة في عام 1960م إلى 1,5 مليون سيارة سنوياً خلال السبع السنوات التالية. وكانت اليابان المنافِس الرئيسي لتقدمها خلال الستينيات.
اليابان
أهم الشركات الرئيسية الصانعة للسيارات في اليابان هي هوندا التي بدأت بإنتاج الدراجات النارية ثم أنتجت السيارات عام 1962م، ومازدا التي بدأت عام 1931م، وميتسوبيشي التي ضَمَّت إليها شركة كرايسلر عام 1982م، ثم نيسان وتويوتا. وقد أنشئت شركة نيسان عام 1915م، ولكنها حتى عام 1931م، كانت تنتج الشاحنات فقط.وفي عام 1986م، أصبحت نيسان الشركة اليابانية الأولى التي تنتج السيارات في أوروبا، وذلك عندما افتتحت مصنعها في سندرلاند في بريطانيا. وأنشأت شركات يابانية أخرى مثل ميتسوبيشي، مصانع في دول أخرى كأستراليا مثلاً. وبدأت تويوتا الإنتاج في عام 1935م. وقد توسعت تويوتا إلى حد كبير فأصبحت عام 1980م ثالثة أضخم شركة منتجة للسيارات في العالم بعد جنرال موتورز وفورد.
الولايات المتحدة الأمريكية
الشركات الثلاث الكبرى الصانعة للسيارات في الولايات المتحدة هي جنرال موتورز وفورد وكرايسلر، ويبلغ عدد أهم الشركات المغذية لها نحو 200 شركة كبيرة، وثمة آلاف من الشركات المغذية الأصغر. وتنتج كل من هذه الشركات الثلاث، تحت أسماء تجارية مختلفة، تشكيلة من السيارات والشاحنات الخفيفة.
الأهمية الاقتصادية
تمتد الأهمية الاقتصادية للسيارة إلى مدى أبعد من صناعة السيارات. فصناعة المركبات الآلية وحدها توفر ملايين الوظائف على النطاق العالمي، إلا أن الصناعات المغذية لها توفر أيضًا وظائف أكثر مما يوفره التصنيع. وثمة ملايين أكثر تعمل في الأعمال المرتبطة بصناعة السيارات، مثل محطات الوقود وورش الإصلاح ووكالات السيارات.
وتوفر وظائف صناعة السيارات أجورًا عالية بوجه عام، و تمنح خدمات جيدة فيما يتعلق بالإجازات والتأمين والتقاعد. ففي الدول الصناعية، يكسب عمال إنتاج السيارات أعلى الأجور ويحصلون على أفضل الخدمات. أما في الدول النامية، فإن العاملين في إنتاج السيارات يكسبون أكثر من ضعفي أو ثلاثة أضعاف أجور العاملين في الأعمال الأخرى من الإنتاج الصناعي.
وتساعد صناعة السيارات أيضًا اقتصاد عدة دول عن طريق الاستهلاك الضخم لمنتجات الصناعات الأخرى. فمثلاً، تحتاج السيارة النموذجية إلى أكثر من 680كجم من الصلب، و230كجم من الحديد و90كجم من اللدائن، و45كجم من كل من المطاط والألومنيوم.
ويمكن لصناعة السيارات أن تحفز النمو في الدول النامية لأنها تحدث مجالاً واسعًا من الأعمال وتدعمها. ولذلك، تسعى دول نامية كثيرة إلى إنشاء صناعة سيارات، على أمل أن تصدر المركبات أيضًا لتكسب الأموال التي تمكنها من استيراد السلع الضرورية. وقد حاولت كل من كوريا الجنوبية ويوغوسلافيا (السابقة) أن تصبحا مصدرتين رئيسيتين للسيارات في الثمانينيات. لكن كوريا الجنوبية أحرزت، عن طريق سياراتها هيونداي، نجاحًا أكبر بكثير مما حققته يوغوسلافيا (السابقة) بسياراتها من طراز يوغو. وفي أواخر الثمانينيات، صدَّرت كوريا أكثر من نصف إنتاجها من السيارات، وكان معظمه إلى الولايات المتحدة.
القيادة ومسئولياتها
القيادة الآمنة
يجد معظم الناس أن قيادة السيارة أمر سهل، إلا أن تشغيل السيارة مهمة معقدة تتطلب عناية فائقة؛ والقيادة الآمنة ليست سهلة.
الأمور الضرورية للقيادة الآمنة
1- اربط حزام الأمان قبل تشغيل السيارة.
2- قُد السيارة وفي ذهنك وقايتها، التوقع المسبق ضروري دائمًا.
3- امتثل لجميع قواعد المرور.
4- سر بسرعة مأمونة.
5- خفض السرعة أثناء الليل أو الطقس السيء أو أثناء حركة المرور الكثيفة.
6- أفسح الطريق لمركبات الطوارئ التي تومض مصباحًا أو تصدر صوت إنذار. حينذاك، قُد السيارة إلى جانب الطريق وتوقّف.
7- لا تتجاوز خطوط عبور المشاة إلا حينما تكون الإشارة خضراء. اسمح للمركبات التي تسير خلفك بالتجاوز عندما يشير السائقون إلى رغبتهم بذلك وعندما تكون أحوال التجاوز ملائمة.
8- أشر بيدك أو بالمصباح. استخدم الإشارة الكهربائية حين تريد الانعطاف أو التجاوز أو تعديل خط سيرك.
في ملتقى الطرق، تنبه إلى
1- المشاة.
2- السائقين الذين يسيرون أمامك.
3- السائق الذي يسير عن يمينك إذا وصلتما إلى الملتقى في الوقت ذاته.
4- حركة المرور إلى جهة أخرى إذا كنت ستنعطف من خلالها.
الأمور المحظورة أثناء القيادة المأمونة
• لا تتجاوز سيارة إلا إذا كانت أمامك مسافة وافرة من الطريق المكشوف .
• لا تتجاوز حافلة متوقفة بدون اتخاذ الاحتياطات اللازمة. قد ينزل أحد الركاب من مقدم الحافلة وتكون عرضة للاصطدام به.
• لا توقف سيارتك بحيث تعيق تدفق السيارات.
• لا تلجأ إلى تعشيق التروس في الوضع المحايد عند السير في منحدر.
• لا تسر على نحو متمايل من مسار إلى آخر.
• لا توقف المحرك في المنعطفات.
• لا تهمل إشارة ¸تَوّقَفْ• حتى لو لم يكن هناك أي حركة مرور، وحتى لو توقفت السيارة التي أمامك ثم انطلقت.
• لا تدخل إلى نطاق حركة المرور إلا بعد أن يصبح محركك سلسًا.
• لا تقف على نحو يعيق حركة المرور في الاتجاه المعاكس، ولا تُربك السائقين الآخرين.
• لا تستخدم الضوء الساطع عند اقتراب سيارات أخرى في الاتجاه المعاكس، أو عند ملاحقتك لسيارة أخرى.
تعلم القيادة
تنجم معظم حوادث السيارات عن السائقين الذين يخرقون قوانين السير، أو يفتقرون إلى مهارات القيادة الجيدة، أو يتجاهلون قواعد القيادة الآمنة أو يجهلونها. ولذلك، يتحتم على الشخص الذي يرغب الحصول على رخصة قيادة أن يجتاز اختبارات القيادة. والواقع أن هذا الاختبار يثبت أنَّ قيادته للسيارة آمنة، وأنه مدرك لمدلولات إشارات الطرق. وهذه المعلومات تتضمن قواعد السير في الطرق السريعة داخل كل دولة. وفي بعض الدول، يجب على السائقين أن يجتازوا اختبار النظر أيضًا. ويتعرض السائقون المستهترون، الذين يخرقون قوانين السير، لسحب تراخيصهم.
ويوفر المدرب المؤهل أفضل وسيلة لتعلم القيادة. وفي بعض الدول، يتعلَّم كثير من المراهقين القيادة عن طريق اتباع دروس القيادة في المدارس الثانوية.كما أن مدارس القيادة تعلم المبتدئين. وقبل تعلُّم القيادة، يجب على المبتدئ أن يحصل على رخصة قيادة خاصة أو مؤقتة، أو رخصة متدرِّب تمكنه من التدرب على القيادة. ويجب أن يرافق المتدِّرب سائقون مؤهلون وذوو خبرة. والواقع أن تعلم القيادة والتدرب عليها يساعدان المتدربين على شحذ مهاراتهم في القيادة، وعلى أن يتقنوا أساليب التحكُّم في السيارة المتحركة، ويتعرفوا على المسؤوليات التي تقتضيها القيادة.
مسؤوليات القيادة
تتضمن قيادة السيارة بعض المسؤوليات التي يجب أن يتحملها السائق تجاه نفسه وتجاه الآخرين. فقبل كل شيء، يجب على السائق أن يكون يقظًا أثناء قيامه بالمناورات المختلفة، مثل زيادة السرعة وخفض السرعة وتغيير المسارات والدوران والتوقف. وفي الوقت نفسه، يجب على السائق أن يكون متنبهًا للمركبات الآلية الأخرى، بما في ذلك الدراجات النارية، ومتنبهاً للمشاة وراكبي الدراجات وإشارات الطرق المختلفة ومخاطر الطرق، ذلك لأنه يجب اتخاذ القرارات الصحيحة على نحو سريع. ويقلل النعاس أو المرض من قدرة السائق على الاستجابة بسرعة لتغيرات أحوال السير. ومن هنا تعد القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات خطرة بصورة خاصة.
يركز السائق الجيد على شيء واحد فقط ـ أثناء القيادة ـ القيادة في ذاتها. ويتمتع السائق الجيد بالسلوك اللائق أيضًا؛ أي استعداده لأن يشارك الآخرين في الطريق ورغبته في أن يمتثل قوانين السير. الواقع أن السلوك العدواني،كالقيادة بسرعة فائقة، أو السير خلف مركبة أخرى قريباً جدًا منها أو تغيير المسار بسرعة، يمكن أن يؤدي إلى فقدان سيطرة السائق على السيارة أو إلى إثارة غضب السائقين الآخرين. ويكون السائق المهذب، على الأرجح، سائقًا موثوقًا به. وأخيرًا، يتحمل السائقون المسؤولية للتأكد من أن سياراتهم صالحة للقيادة السليمة.
القيادة الوقائية
القيادة الوقائية تعني توقع الخطر لتفادي الحوادث. يظل السائق متيقظًا لجميع الاحتمالات مثل قيام المركبات الأخرى بالتباطؤ أو بدخول الطريق أو التوقف فجأة. ويعدل السائق الحَذِر سرعة السيارة وموضعها بما يلائم نظره والطريق وأحوال السير، ويُبطئ قبل الدخول في منعطف، ويمنح حق المرور، ويعطي الإشارات المناسبة مُقدّمًا قبل الدوران أو تغيير المسار.
تاريخ السيارات
السيارات الأولى
في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، تقدَّم تطوُّر المحركات البخارية في أوروبا تقدماً سريعاً. وكان المخترعون يحلمون "بعربة بلا حصان"؛ أي مركبة يمكنها السير بقدرتها الذاتية. وقد بدا لهم أن البخار هو مصدر القدرة المنشود.
السيارة البخارية
قام نيكولاس جوزيف كوجنو وهو مهندس عسكري فرنسي، بإنشاء أول مركبتين ذاتيتي الحركة في عامي 1769 و 1770م. وقد صممت إحداهما لنقل الركاب، في حين صممت الأخرى جرارًا بخاريًا ثلاثي العجلات لجر المدافع. وفي عامي 1801 و1803م، قدم البريطاني ريتشارد تريفيثيك عرضاً لمركبات بخارية رباعية العجلات مخصصة لنقل الركاب. ولكنه كان يعوزه المال ليواصل عمله.
وقد أخفقت عدة محاولات في بريطانيا لتشجيع استخدام السيارات البخارية وتطويرها بسبب المنافسة التي تعرضت لها من شركات السكك الحديدية والمركبات ذات الأحصنة. وكانت السيارات البخارية البدائية تلحق أضرارًا بالطرق وتنفجر أحيانًا. كما كانت تصدر جلبة هائلة، وتلوث الهواء بالدخان وتُرعب الخيول. وفي عام 1865م، أوقف "قانون العلم الأحمر" أي تطور إضافي للسيارات في بريطانيا نحو ثلاثين عاماً. فوفقًا لهذا القانون، لم يكن في إمكان سيارة بخارية أن تسير بسرعة أكثر من 6كم في الساعة في الريف، ومن 3كم في الساعة في المدينة. كما كان يجب أن يمشي أمام المركبة رجل إشارة، يحذر من اقترابها بالتلويح بعلم أحمر في النهار وبفانوس أحمر في الليل.
وفي عام 1805م، عرض المخترع أوليفر إيفانز في الولايات المتحدة جرافة بخارية محمولة على قارب. وقد بنى إيفانز الجرافة لتعميق شاطىء فيلادلفيا وتنظيفه. ركب إيفانز القارب على عجلات، وقاد الآلة الضخمة، التي تزن نحو 18 طنًا متريًا عبر الشوارع إلى المرفأ ومن ثم إلى الماء. وفي ستينيات القرن التاسع عشر، طور مخترع أمريكي آخر، هو سيلفستر روبر، مركبة بخارية أصغر كثيرًا. وكانت تشبه إلى حد كبير السيارة في الوقت الحاضر. ولقيت مركبة روبر اهتمامًا شعبيًا وافرًا، حتى أنها عرضت في سيرك.
وفي أواخر القرن التاسع عشر، قام عدة مهندسين آخرين بتجارب على السيارات البخارية منهم الأمريكيون ج.ن. كارهارت وريتشارد دادجون ورانسم إيلي أولدز. وازداد عدد الشركات التي كانت تصنع سيارات بخارية بسرعة. وأسس الأمريكيان التوأمان فرانسيس وفريلان ستانلي واحدة من أكثر الشركات نجاحًا. وقاما ببناء السيارة البخارية الشهيرة ستانلي.
وقد كانت للسيارات البخارية عيوب رئيسية، منها أنها تحتاج إلى فترة طويلة لتسخين المرجل. وعندما تمكن المخترعون من حل هذه المشكلة، ظلت عيوب أخرى، إذ تبين أنه يجب أن تكون المحركات البخارية صغيرة لتناسب السيارات من الناحية العملية، وأن تكون المحركات عالية الضغط لإنتاج القدرة المطلوبة. ولكن تصنيع مثل هذه المحركات وصيانتها يكلفان كثيرًا. ونتيجة لهذه العيوب، تلاشت السيارة البخارية تدريجيًا. وفي عام 1924م، أفلست شركة الأخوين ستانلي وكانت إحدى الشركات الأخيرةالصانعة للسيارات البخارية.
السيارة الكهربائية
كانت السيارة الكهربائية في البداية أكثر نجاحًا من السيارات البخارية. وكانت تزود بالقدرة بوساطة البطاريات. ولاقت السيارات الكهربائية رواجًا شعبيًا سريعاً لأنها كانت هادئة، وسهلة التشغيل وخالية من الأدخنة الكريهة الرائحة، وفي عام 1900م، بلغت مبيعاتها 38% من جميع مبيعات السيارات. ولكن البطاريات كانت تحد من سرعتها أو من المسافة التي يمكن أن تقطعها. فكان عدد قليل من السيارات الكهربائية يمكنه أن يسير بسرعة أكبر من 32كم في الساعة، وكان يجب إعادة شحنها على الأقل كل 80كم. وبحلول عام 1905م، كانت مبيعاتها نحو 7% فقط من جميع السيارات المباعة في الولايات المتحدة.
السيارة ذات محرك البترول. نشأت السيارة التي نعرفها في الوقت الحاضر عن تطوير محرك الاحتراق الداخلي. وكانت محركات الاحتراق الداخلي الأولى تعمل بالغازات. ففي عام 1820م، صمم المخترع البريطاني وليم سيسيل محركًا يدار بانفجار خليط من الهيدروجين والهواء. وفي عام 1838م، صنع مخترع بريطاني آخر هو وليم بارنيت محركًا يضغط خليط الوقود.
وفي عام 1860م، سجّل جان جوزيف إتيان لانوار، وهو بلجيكي مقيم في فرنسا، براءة اختراع أول محرك احتراق داخلي ناجح تجاريًا. واستخدم لإدارته غاز فرن الكوك، وكان كثير الضجيج وغير فعال. إلا أن لونوار باع عدة مئات من المحركات التي اسْتُخدِمت لتشغيل مكابس الطباعة والمخارط ومضخات المياه. وقد ركَّب لانوار أيضًا محركًا في سيارة بدائية.
وفي عام 1885م، طور الألمانيان جوتليب ديملر وكارل بنز، كل على حدة، أول محركات بترول رباعية الشوط ناجحة. فاستخدم ديملر محركه لإدارة دراجة نارية بعجلتين. وركب بنز محركه في مركبة بثلاث عجلات. وبعد فترة قصيرة، صنع إدوارد بتلر، في بريطانيا، دراجة بثلاث عجلات تدار بمحرك بترول.
تم تطوير التصميم العام للسيارات الحالية في فرنسا. فقد صنع إميل لوفاسّور ورينيه بانار، الشريكان في شركة مركبات، سيارتهما الأولى في عام 1890م. وكانت تدار بمحرك ديملر. وفي العام التالي، أنتج لوفاسّور أول سيارة بترول مزودة بمحرك ديملر مركب في مقدمتها. وقد اسْتخدمت هذه السيارة والطرز البدائية الأخرى السلاسل (الجنازير) لنقل قدرة المحرك إلى العجلات الخلفية. وكانت هذه السلاسل مشابهة لتلك المستخدمة في الدراجات. وفي عام 1898م، استخدم لويس رينو عمود الإدارة بدلاً من السلسلة.
صنع الأخوان تشارلز وفرانك دورياي أول سيارة بنزين أمريكية ناجحة. أُنْجزت سيارة دورياي في عام 1893م، إلا أنها تعطلت في اختبارها الأول. وفي يناير 1894م، اجتازت السيارة أول اختبار سير بنجاح. وفي عام 1895م، أسس الأخوان دورياي أول شركة أمريكية لصناعة سيارات تعمل بالبترول. وفي العام ذاته، صنع جون نايت والأخوان لانشستر أول سيارات بريطانية. وبعد خمس سنوات، تم إنتاج أول سيارة طراز لانشستر.
وفي عام 1895م، صنعت شركة ميشلان، وهي شركة فرنسية لصناعة المطاط، أول إطارات مملوءة بالهواء المضغوط لاستخدامها في السيارات. وقد طورت ميشلان هذه الإطارات الهوائية بامتياز من شركة إنجليزية لصناعة إطارات الدراجات. ويعتقد أناس كثيرون أن السيارة صارت وسيلة نقل عملية بسبب اختراع محرك الاحتراق الداخلي أولاً، وتطوير الإطار الهوائي ثانيًا.
وعندما ألغي قانون العلم الأحمر في بريطانيا عام 1896م، وتمت زيادة السرعة المسموح بها في المدن من 3 إلى 23 كم في الساعة، احتفل المتحمسون بإقامة سباق الإعتاق من لندن إلى برايتون ـ وهي مدينة على الساحل الجنوبي. وما زال يُحْتَفل بهذا الحدث في نوفمبر من كل عام بإقامة هذا السباق، حيث يسعى فيه سائقو سيارات من طرز قديمة (صنعت قبل عام 1905م) إلى قطع مسافة السباق التي تساوي 85كم، في أقل من ثماني ساعات.
تأثير صناعة السيارات
كان لصناعة السيارات، منذ البداية، تأثير ضخم على اقتصاد الدول الغربية. وعندما ازداد إنتاج السيارات، ازداد الطلب باطّراد على الفولاذ والمطاط والزجاج وآلات التشغيل والسلع الأخرى. وفي الوقت ذاته، شرعت صناعة السيارات في تطوير أقسامها الذاتية الداعمة للمبيعات والخدمات والإصلاح.
صناعة السيارات في الولايات المتحدة. نمت صناعة السيارات في الولايات المتحدة بسرعة. وقد أثر عاملان تأثيرًا كبيرًا في هذا النمو السريع. الأول الانخفاض الحاد في سعر البنزين عقب اكتشاف حقول نفط ضخمة شرقي تكساس عام 1901م. فقد أدى البنزين الوافر والرخيص الثمن إلى تشغيل السيارات بكلفة منخفضة نسبيًا.
وكان العامل الثاني تطبيق تقنيات الإنتاج الكبير على صناعة السيارات. فقبل عام 1900م، استخدم منتجو السيارات حرفيين مهرة لتجميع كل سيارة على حدة. ولكن المنتجين الأمريكيين كانوا يستخدمون تقنيات الإنتاج الكبير منذ أواسط القرن التاسع عشر في صناعة منتجات كالأسلحة النارية وتجهيزات المزارع. لذا،كان من المحتم أن يطبقوا هذه العملية على صناعة السيارات. وما أن تَرَسَّخ استخدام الإنتاج الكبير حتى انخفضت أسعار السيارات الأمريكية إلى المستوى الذي مكّن أناساً كثيرين من شرائها. وفي أوائل القرن العشرين، كان بإمكان المشتري في الولايات المتحدة أن يختار من بين تشكيلة من السيارات التي يبلغ سعرها أقل من1,000 دولار أمريكي. وكان هذا يتباين بشكل حاد مع الطرز الأوروبية الأنيقة في ذلك الحين، التي كان معظمها مازال ينتج يدويًا وتباع بأكثر من 2,000 دولار.
ويَخُصُّ مؤرخون كثيرون طراز أولدزموبيل لعام 1901م بميزة أنه أول سيارة أنتجت على أساس الإنتاج بالجملة. وقد بنيت هذه السيارة، أكثر من أي سيارة قبلها، من أجزاء صنعها وكلاء خارجيون وشُحِنَت بعدئذ إلى مصنع التجميع. وتقدم الإنتاج الكبير خطوة مهمة في عام 1904م، عندما تولّى هنري م. ليلاند إدارة شركة كاديلاك للسيارات في الولايات المتحدة، وبدأ ببناء السيارات باستخدام أجزاء قابلة للتبادل. وقد أمكن استخدام الأجزاء القابلة للتبادل لتجميع أي سيارة من الطراز نفسه أو إصلاحها، إذ كانت معظم الأجزاء حينذاك تصنع لتلائم طرازًا معينًا واحدًا فقط.
ولكن الصناعي الأمريكي هنري فورد حسَّن الإنتاج الكبير للسيارات على نحو أكمل من أي إنسان آخر. ففي عام 1913م، أنشأ فورد خط إنتاج مستمر للسيارات في مصنعه، حيث كان يسحب هيكل السيارة بسلسلة عبر المصنع. ويقوم العمال على كل جانب بتجميع السيارة عن طريق إضافة الأجزاء التي كانت تُجْلَب إليهم بسيور ناقلة. وقد نتج عن هذه العملية انخفاض ضخم في زمن الإنتاج وتكاليفه.
رواد دترويت. أثناء تطور صناعة السيارات الأمريكية، سرعان ما أصبحت مدينة دترويت وضواحيها تعرف بعاصمة العالم للسيارات لأسباب عدة. ففي ذلك الحين، كانت دترويت تحتوي على كثير من المسابك وورش الآلات، وكانت مركزًا لصناعة أفران حديد الزهر وصناعة المحركات البحرية. كما كانت مدينة فلينت القريبة منها مركزًا رئيسيًا لإنتاج العربات والحافلات التي تجرها الخيول. وتقع دترويت أيضًا على نهر دترويت بحيث توفر منفذًا إلى موانئ البحيرات الكبرى. ولكن الميزة الرئيسية التي كانت تمتاز بها دترويت عن مراكز الإنتاج الأخرى هي وجود عدد كبير من رواد صناعة السيارات الناجحين.
رانسم إيلي أولدز. بدأ قبل سن العشرين، بالقيام بأعمال أولية مبكرة في تصنيع المحركات البخارية والكهربائية. وفي العشرينات من عمره، صنع سيارته الأولى وكانت سيارة بثلاث عجلات تعمل بالبخار. وشارك في تأسيس شركة أولدزموبيل للسيارت في دترويت عام 1899م. وفي عام 1901م، بدأت هذه الشركة بالإنتاج بالجملة للأولدزموبيل ذات المقدمة المنحنية، وهي سيارة بترول منخفضة التكلفة. وقد صنعت الأرضيات على شكل منحنٍ في المقدمة لتكون لوحًا واقيًا أنيقًا.
هنري فورد. عمل في شبابه ميكانيكيًا ومهندسًا في دترويت. وفي عام 1896م، صنع فورد سيارته الناجحة الأولى التي كانت تعمل بالبترول. و في عام 1903م، أسس شركة فورد للسيارات التي كانت شركته الثالثة، فقد أخفقت شركته الأولى، كما أنه بكل بساطة ترك شركته الثانية. وأنتج فورد سيارته الشهيرة طراز t في عام 1908م. وكان سعرها 825 دولارًا أمريكيًا. وتمكن عن طريق الإنتاج الكبير الذي يتميز بتكاليف الإنتاج المنخفضة، من تخفيض سعرها مرة بعد مرة. وكان مفتاح نجاح فورد هوخط التجميع المستمر الذي أدى إلى زيادة الإنتاج إلى ثلاثة أضعافه عما قبل ليصل إلى أكثر من 240,000 سيارة طراز t سنويًا. فانخفض سعر السيارة إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، إذ بلغ 290 دولارًا في عام 1924م. وقد فاقت مبيعات هذا الطراز جميع السيارات الأخرى لمدة 20 سنة تقريبًا.
وليم كرابو ديورانت أمريكي آخر أصبح مليونيرًا عن طريق تصنيع العربات. وسيطر عام 1904م على شركة بويك للسيارات التي أسسها ديفيد دنبار بو يك. وجعل ديورانت شركة بويك منتجًا رئيسيًا للسيارات عام 1908م. وفي نفس ذلك العام، أنشأ شركة جنرال موتورز بهدف إنتاج سيارات متنوعة الأحجام والأسعار. وفي غضون العامين التاليين، استولت الشركة التي سميت اختصارًا (g.m)، على شركات أخرى كثيرة لصناعة السيارات، ومنها كاديلاك وأولدزموبيل بالإضافة إلى عدة شركات مغذية. وفي عام 1910م، حلّ تشارلز ناش محل ديورانت في رئاسة شركة بويك. وأخيرًا أصبح والتر بيرسي كرايسلر، الذي عمل في شركة بويك، نائبًا لرئيس جنرال موتورز وأسس فيما بعد شركة كرايسلر، وهي شركة أمريكية رئيسية أخرى لصناعة السيارات. وفي عام 1911م، كّون ديورانت ولويس شيفروليه شركة شيفروليه للسيارات التي أحرزت سياراتها المنخفضة السعر نجاحًا مباشرًا. واستعاد ديورانت السيطرة على جنرال موتورز عام 1916م. أما ناش، الذي أصبح رئيسًا لشركة جنرال موتورز عام 1912م، فقد استقال وكون شركة ناش للسيارات.
الأخوان جون وهوراس دودج كانا ينتجان في الأصل الدراجات. وفي عام 1901م، افتتحا ورشة آلات ميكانيكية في دترويت، وسرعان ما قاما بتصنيع القطع لكل من أولدز وفورد. وجمع الأخوان دودج ثروة من عملهما وخصوصًا من مشترياتهما لأسهم فورد. وفي عام 1914م، بدأ إنتاج سياراتهما التي كانت من بين السيارات الأمريكية الأولى التي صنع جسمها كله من الصلب.وقد أحب المشترون سيارة الدودج الجديدة وسعرها إذ كان أعلى قليلاً من الطراز t.
التقدم التقني
حصل تقدم سريع في العلوم التقنية بعد نشوء صناعة السيارات، الأمر الذي ساعد على إنتاج سيارات أكثر أمانًا وأكثر راحة وأسهل تشغيلاً. ويعد مفتاح التشغيل الذاتي الكهربائي، الذي اخترعه تشارلز كترنج عام 1911م حلقة رئيسية في تطور صناعة السيارات. وقد ركَّبت شركة جنرال موتورز الأنواع الأولى منه في سيارات الكاديلاك لعام 1912م. وقد وضع مفتاح التشغيل الذاتي حدًا لتدوير المحرك يدويًا، إذ كان التدوير اليدوي صعبًا ومزعجًا وخطرًا أحيانًا.
الحرب العالمية الأولى (1914-1918م). أظهرت الحرب أهمية السيارات والمركبات الآلية الأخرى للأغراض العسكرية، وأثبتت أيضًا أهمية طرائق الإنتاج الكمي في صناعة السيارات.
في سبتمبر من عام 1914م، تقدمت الجيوش الألمانية نحو باريس، فاسْتُخدمت سيارات الأجرة في المدينة لنقل الجنود الفرنسيين نقلاً سريعاً إلى جبهة القتال. وقد ساعد "جيش سيارات الأجرة" على إيقاف تقدم الجيوش الألمانية في معركة المارن الأولى. فكانت هذه المعركة نقطة التحول الأولى في الحرب لأنها قضت على فرصة ألمانيا في إحراز نصر سريع. واستخدم الحلفاء الفوج الأول من الدبابات عام 1916م. وتم في هذا العام أيضًا إنقاذ فردان الفرنسية من استيلاء الجيش الألماني عليها بمساعدة جنود وإمدادات جديدة تم نقلها إلى جبهة القتال بالشاحنات.
وأنتجت شركات صناعة السيارات كميات ضخمة من المعدات العسكرية للحلفاء. فصنعوا آلاف الشاحنات والدبابات والكثير من السفن والإمدادات العسكرية الأخرى. وأسهمت شركات السيارات أيضًا في صناعة محركات الطائرات الحربية وتطويرها. وقد ساعد الدور المهم الذي قامت به صناعة السيارات في الحرب على ترسيخ السيارة بوصفها وسيلة نقل مألوفة.
يتبع
الرجاء عدم الرد
المفضلات