جلسة الاستماع الأولى ضد تويوتا: أصل الصراع جمهوري-ديمقراطي
24 فبراير/الأربعاء 2010 (GMT)

واشنطن – خاص الموتور نيوز: توجهت الأنظار اليوم إلى شاشات التلفزة في الولايات المتحدة وكندا لمتابعة أولى جلسات الاستماع التي نظمتها لجنة منبثقة عن مجلس النواب الأمريكي، وفيها اعتذرت الشركة اليابانية عن زلتها فيما يخص معايير السلامة وتركيزها عوضا عن ذلك على النمو السريع، وتعهدت بالاستجابة على نحو أسرع لشكاوى العملاء. وستكون المتابعة غدا أوسع بحضور أكيو تويودا رئيس تويوتا لجلسة الاستماع الثانية والأخيرة.

وقال جيم لنتز رئيس شركة مبيعات تويوتا بالولايات المتحدة في مستهل جلسة الاستماع الأولى «ندرك الآن بأنه يتوجب علينا التفكير بشكل مختلف عند التحقيق في الشكاوي، وأن نتواصل على نحو أسرع وأوثق وبكفاءة عالية مع عملائنا».

شكاوي لا يمكن تفسيرها

تحت وطأة استجواب علني على مدى ساعتين وربع، واجه خلاله تساؤلات صعبة من المشرعين الأمريكيين، أقر لنتز بأن 70 بالمائة من الشكاوى التي تلقتها تويوتا حول التسارع الغير مقصود لا يمكن تفسيرها، وأضاف «لربما من الإنصاف أن أقول هذا، فهناك عوامل عديدة يمكن أن تؤدي إلى ذلك».

وحضر لنتز إلى موقع الاستجواب بسيارة تويوتا هايلاندر 2010 فضية اللون، وهي واحدة من السيارات التي جرى استدعاءها مؤخرا بسبب دواسة البنزين التي يمكن أن تعلق في محلها بعد رفع الضغط عنها.

وقبل حضوره جلسة الاستماع المنتظرة غدا، قال أكيو تويودا في شهادة محضرة سلفا بأنه يشعر بالأسف الشديد للحوادث التي نتجت عن مشاكل السلامة لسيارات تويوتا، وكشف عن حزمة واسعة من الإصلاحات من ضمنها نقل قرار القيام بعمليات الاستدعاء عن المقر الرئيسي للشركة في اليابان إلى المكاتب الإقليمية.

وستعمل الشركة على إصلاح كافة العيوب المصنعية للسيارات التي جرى استدعاءها مؤخرا وزاد عددها عن 8.5 مليون سيارة وتتعلق بمشاكل التسارع الغير مقصود مضافا إليها البرمجة الإلكترونية لسيارة الدفع الهجين بريوس.

مراجعة شاملة

وأكد كل من تويودا ولنتز أن الشركة تخضع لمراجعة شاملة على كافة المستويات، وأنها تعمل بصدق لإصلاح كافة مواطن الخلل التي أخرجت الشركة عن مسارها التقليدي.

وأظهر المشرعون الأمريكيون خشيتهم من أن عمليات الاستدعاء الأخيرة قد لا تفي بحل مشكلة التسارع الغير مقصود وبشكل كلي، حيث استدعت تويوتا الملايين من سياراتها لاستبدال غطاء السجاد الأرضي الذي يمكن أن يؤدي إلى انحباس دواسة البنزين ما لم يثبت جيدا، واستدعت ملايين أخرى لإضافة قطعة معدنية لمنع التصاق الدواسة وضمان عودتها بعد رفع القدم عنها.

وتناولت عمليات الاستدعاء أيضا سيارات الدفع الهجين بسبب خلل في برمجة النظام الإلكتروني للتحكم بالفرامل.

وطالب المشرعون بإدخال إصلاحات على طريقة عمل الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرقات السريعة NHTSA. وقالت روندا سميث وهي واحدة من الشهود في جلسة الاستماع الأولى بأن سيارتها الـ لكزس تسارعت إلى 160 كلم/س بدون تدخل منها وأن كل من تويوتا وNHTSA رفضا قبول ادعاءها بأن هناك خللا ما في إلكترونيات السيارة.

وقال رييه لحود وزير النقل اللبناني خلال جلسة الاستماع بأنه واثق من أن تويوتا تعمل لحل كافة المشاكل المتعلقة بالأمان.

وتتضمن الإجراءات ضد تويوتا الآن تحقيق جنائي من قبل جهات قضائية أمريكية، إضافة إلى تلقي الشركة طلبا في 19 فبراير الماضي لكي تسلم وبشكل طوعي مستندات ذات صلة بسياسات الإفصاح إلى مكتب لوس أنجلوس التابع للجنة البورصة والأوراق المالية.

تويودا يعتذر بشكل مباشر لـ سيلر

وفي شهادته المكتوبة، تقدم أكيو تويودا بالاعتذار إلى عائلة مارك سيلر الضابط الأمريكي ضمن دوريات الخطوط السريعة في ولاية كاليفورنيا الذي قضى هو وثلاثة من عائلته في حادث مثير للجدل تعرضت له سيارة لكزس بديلة كان يقودها في أغسطس 2009.

وكان الاعتذار الذي قدمه تويودا إلى العائلة شخصي ومباشر، وقد ظهر غير مرتاح في التعامل مع وسائل الإعلام.

وتم ربط مشكلة التسارع الغير مقصود بخمس وفيات من ضمنها الوفيات الأربعة من حادث الضابط سيلور في سيارة واحدة، ومازالت السلطات الأمريكية تحقق في 29 وفاة أخرى ولم تتمكن بعد من ربطها بمشكلة التسارع الغير مقصود.

تويوتا تؤكد عدم وجود خلل إلكتروني

وانتقد مشرعون أمريكيون في جلسة استماع اليوم تويوتا لرفضها التحقيق فيما إذا كانت هناك مشكلة في نظام الخانق الإلكتروني والذي يمكن أن يتأثر بالمجالات المغناطيسية، وأكدت تويوتا عبر اختبارات مكثفة أجرتها شركة مستقلة ومتخصصة أن تعريض النظام لأكثر من مجال مغناطيسي لن يؤثر على كفاءته.

وقال النائب الديمقراطي بارت ستيوباك عن ولاية ميشيغان التي تتمركز فيها مصانع السيارات الأمريكية والذي يرأس لجنة فرعية منبثقة عن لجنة الاستماع وتختص بالرقابة والتحقيق «لقد اتسمت قيادة تويوتا بالغموض فيما إذا استدعاءاتها الأخيرة ستفي بالغرض لحل مشكلة التسارع الغير مقصود».

واكسمان يناقض نفسه

ومن جهته طالب هنري واكسمان النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا والذي يرأس لجنة الاستماع بأن تويوتا مطالبة بإجراء عمليات إصلاح أساسية لقياداتها، وقال بأن إجراء إصلاحات على NHTSA سيتطلب تشريعا سياسيا. والمعروف أن تويوتا ستغلق مصنعها في كاليفورنيا وكانت تتشارك به مع جنرال موتورز.

وأضاف «لا توجد أدلة تؤكد بأن تويوتا وكذلك NHTSA تأخذان على محمل الجد التحقيق في احتمال أن يؤدي خلل إلكتروني إلى مشكلة التسارع الغير مقصود».

ولكنه ناقض تصريحه بنفسه لاحقا عندما قال بأن تويوتا بادرت إلى أجراء دراسة مستقلة على إمكانية حدوث الخلل من النظام الإلكتروني، وأن NHTSA ليس لديها مهندسين في الإلكترونيات والبرمجة للقيام بعمليات التحقيق.

رفض جمهوري لشهادة البروفيسور غلبرت

وقال ديفيد غلبرت بروفيسور تكنولوجيا السيارات في جامعة كاربونديل في جنوب إلينويز بأنه وجد احتمالات أن تكون هناك مشكلة في نظام الخانق لسيارات تويوتا.

وأجرى تجربة على سيارة تويوتا أفالون عرضتها محطة ABC التي أوقفت تويوتا مؤخرا كافة حملاتها الإعلانية معها وفيها كشف في حال تعرض النظام الإلكتروني للصدأ يمكن أن يؤدي إلى التسارع الغير مقصود.

وسخر الخبراء من تجربة غلبرت لسببين وهما أن الوحدة الإلكترونية لكافة السيارات والتي تتحكم بالخانق تصنع ضمن علب محكمة الإغلاق ومن مواد لا تصدأ طوال عمر السيارة، كما وفشل غلبرت في وضع تجربته قيد المقارنة مع سيارات منافسة وفيما إذا كانت استجابتها ستختلف.

وفند النائب الجمهوري ستيف باير عن ولاية إنديانا التي تصنع فيها تويوتا كامري شهادة غلبرت وقال بأنها مرفوضة، وطالب بحذفها وعدم الأخذ بها لعدم حياديتها لأن غلبرت بالأساس جزء من قضية جماعية تنظر بها المحاكم الأمريكية ضد تويوتا، ويقوم بها بدور الخبير مقابل منفعة مالية وقدم شهادات عديدة شكك بها الكثير من الخبراء وبدقتها.

ودافع لنتز عن ادعاءات واكسمان بأن تويوتا لم تكن جادة نحو التحقيق في احتمالات مشاكل في النظام الإلكتروني للخانق قائلا بأن مهندسي الشركة في اليابان أجرو تحقيقات مكثفة ولم يكن هناك تقصير من الشركة نحو تلك المسألة. وأن الشركة قطعت شوطا إضافيا باستئجار شركة مستقلة هي إكسبوننت التي أكدت سلامة النظام الإلكتروني للخانق وصده لكافة المجالات المغناطيسية.

ورد واكسمان بأن ما قامت به إكسبوننت من تحقيقات لم يكن كاملا ولكنه فشل في توضيح أسباب هذا الاعتقاد.

الصراع بالأصل ديمقراطي-جمهوري

وبدا واضحا من جلسة الاجتماع أن هناك صراعا سياسيا بين الديمقراطيين والجمهوريين، وفيما لجأ الديمقراطيون إلى مهاجمة تويوتا بشدة وهو أمر متوقع نظرا لتواجد معظم مصانع الشركات الأمريكية في ولاياتهم ويشكل خاص جنرال موتورز، سعى الجمهوريون الذين تتواجد ولاياتهم معظم مصانع الشركات اليابانية والأوروبية والكورية من مغبة التحامل بشدة على تويوتا وأن ما تتعرض له الشركة اليابانية ليس من باب العدل.

وقال النائب الجمهوري مايكل بيرجس عن ولاية تكساس بأن تملك الحكومة الأمريكية لنصيب الأسد في أسهم جنرال موتورز سيورثها تضارب بالمصالح في تقييمها لمشكلة تويوتا وأي صانع آخر للسيارات.

وهذا ما أكدنا عليه من قبل في موقعنا الموتور نيوز، وما زلنا نعتقد أن تويوتا أول الخيط، لأن جنرال موتورز يجب أن تصل بقيمتها الرأسمالية إلى 80 بليون دولار لكي يصبح استثمار الحكومة الأمريكية فيها ذا جدوى اقتصادية، وهذا لن يتحقق بإزاحة تويوتا وحدها عن طريقها.

مبادرة لطمأنة العملاء

وفي لفتة تهدف إلى طمأنة العملاء، قال لنتز في شهادته خلال جلسة الاستماع بأن تويوتا ستبدأ بتركيب نظام الفرملة المهيمنة على 3 من سياراتها المتواجدة حاليا بين العملاء في السوق الأمريكية، ويعمل هذا النظام على تحييد عمل دواسة البنزين بمجرد الضغط على دواسة الفرامل.

وقال بأن أنظمة الفرامل في هذه السيارات تقبل التحديث وإضافة خاصية الفرملة المهيمنة وتشمل:

البيك أب المدمجة «تاكوما»
2010 - 2005
العائلية الرياضية «فينزا»
2010 - 2009
النفعية الرياضية الكبيرة «سيكويا»
2010 - 2008
وتأتي هذه الخطوة تكملة لخطوة سابقة ومشابهة شملت السيارات التالية:

متوسطة الحجم «كامري»
2010 - 2007
الكبيرة «أفالون»
2010 - 2005
الفاخرة المتوسطة «ES350»
2010 - 2007
الفاخرة الرياضية «IS350»
2010 - 2006
الفاخرة الرياضية «IS250»
2010 - 2006

فشل الجهاز الإعلامي لتويوتا

ونتفق مع آرون براغمان المحلل في HIS العالمية بأن فشل تويوتا الأكبر جاء من ضعف تخاطبها مع وسائل الإعلام لتوضيح الحقائق، وأن الفريق الإعلامي الخاص بالشركة ضعيف وغير مؤهل للتعامل مع الأزمات الشعبية الكبيرة.

وبالفعل يحب على الشركات أن تأخذ باعتبارها أن القسم الإعلامي ليس الهدف منه إطلاق البيانات الصحفية وتنظيم المؤتمرات فحسب، بل خبرة في مجال المهنة لأي قطاع وعمق معلوماتي يساعد على تفنيد أي ادعاءات طارئة على نحو مقنع وسريع مع تزويده بأسنان لخدمة مصالحه بين وسائل الإعلام.

والمشكلة أن معظم الشركات تعتقد أن ما يحدث في الولايات المتحدة لن يحمل تأثيرا على منطقتنا أو على مناطق أخرى حول العالم، وأن توجه المستهلك مختلف. ولربما كان هذا صحيحا قبل عدة سنوات ولكن الآن بذوبان الحدود الجغرافية والثقافية والانطباعية بفضل التواصل عبر الإنترنت، وعبر القنوات الفضائية.

تويوتا ستنتعش

وهل ستنتعش تويوتا وتخرج من كبوتها؟ يقول مايك جاكسون المدير التنفيذي لشركة أوتونيشن AutoNation وهي واحدة من مئات وكلاء تويوتا الذين حضروا جلسة الاستماع لدعم الشركة بأن تويوتا ما أن تنتهي من عمليات الاستدعاء ستعود مبيعاتها إلى سابق عهدها.

وكانت أسهم تويوتا قد انخفضت 0.5 بالمائة في اليوم الأول لجلسة الاستماع وبورود أنباء عن التحقيق الجنائي في الولايات المتحدة وخطة تويوتا لتحديث أنظمة الفرامل. وفقدت أسهم تويوتا 19 بالمائة على مدى الشهر الماضي لكنها استقرت في الجلسات العشر الأخيرة.

وقال يوشيهيكو تابي المحلل في كازاكا للأوراق المالية «لا ينتاب المستثمرون القلق إزاء التكاليف الباهظة لإصلاح مشاكل تويوتا، فهي تكاليف غير متكررة. وبدلا من ذلك هم يرحبون بجهود تويوتا لاستعادة الثقة في منتجاتها وفي علاقاتها مع الحكومة الأمريكية بغض النظر عن التكاليف».

وعبر مسؤول بالحكومة اليابانية عن القلق إزاء التأثير المحتمل على صادرات اليابان من مشاكل تويوتا التي بلغت مبيعاتها في الربع الأخير من العام الماضي 58 مليار دولار.