من تشبه بقوم فهو منهم....اللهم اغفر لنا غفلتنا
هو رجل أمريكي , بدين الجسم عريض المنكبين تجاوز الخمسين من عمره ويتمتع بصحة جيدة
وحيوية ونشاط.. يعيش في بلدة صغيرة شمال مدينة واشنطن، ورغم المغريات المادية في
المناطق الأخرى إلا أنه أحب بلدته وأصر على العيش فيها حيث يقضي نهاره في عمله
التجاري متنقلا بين أطراف المدينة وإذا أمسى النهار عاد إلى دوحته الصغيرة مستمتعا
بالهدوء والراحة مع زوجته وابنتيه وابن شاب تجاوز مرحلة الدراسة الثانوية وبدأ يخطط
للالتحاق بالجامعة.
لما أقبل شهر ذي الحجة.. بدأ هو وزوجته وأبناؤه يتابعون الإذاعات الإسلامية لمعرفة
يوم دخول شهر ذي الحجة.. وتمنوا أن يكون لديهم رقم هاتف سفارة إسلامية للاتصال بها
لمعرفة يوم عرفة ويوم العيد فلقد أهمهم الأمر وأصبح شغلهم الشاغل.. فالزوج يستمع
للإذاعة والزوجة تتابع القنوات والابن يجري وراء المواقع الإسلامية في الإنترنت.
فرح وهو يستمع إلى الإذاعة لمتابعة إعلان دخول شهر ذي الحجة وقال: الإذاعة مسموعة
بوضوح خاصة في الليل ولما حدد يوم الوقفة ويوم العيد وتردد في الكون تكبير المسلمين
في أرجاء المعمورة. شمر عن ساعده وأحضر مبلغا كان يدخره طوال عام كامل.. وبعد
الظهيرة من اليوم التالي قال: عليَّ أن أذهب الآن لأجد الخروف الحي الذي لا يتوفر
سوى في السوق الكبير شرق المدينة، ساوم على كبش متوسط بمبلغ عال جدا ولما رأى أن
المبلغ الذي في جيبه لا يكفي بحث عن أقرب صراف بنكي وسحب ما يكفي لشراء هذا الكبش
فهو يريد أن يذبح بيده ويطبق الشعائر الإسلامية في الأضحية.. مسح على الكبش وحمله
بمعاونة أبناءه إلى سيارته الخاصة وبدأ ثغاء الخروف يرتفع وأخذت البنت الصغيرة ذات
الخمس سنوات تردد معه الثغاء بصوتها العذب الجميل. وقالت لوالدها: يا أبي ما أجمل
عيد الأضحى حيث ألعب مع الفتيات دون الأولاد ونضرب الدف وننشد الأناشيد، سوف أصلي
العيد معكم وألبس فستاني الجديد وأضع عباءتي على رأسي، .. آه... ما أجمل عيد الأضحى
سنقطع لحم الخروف بأيدينا ونطعم جيراننا ونصل رحمنا ونزور عمتي وبناتها ! ياأبي ليت
كل أيام السنة مثل
يوم العيد.. ظهرت السعادة على الجميع وهم يستمعون للعصفورة كما يسمونها.
انفجرت أسارير الأب وهو يلقي نظرة سريعة إلى الخلف ليرى أن مواصفات الكبش مطابقة
لمواصفات الأضحية الشرعية فليست عوراء ولا عرجاء ولا عجفاء.. ولما قرب من المنزل
وتوقفت السيارة هتفت الزوجة يا زوجي.. علمتُ أن من شعائر الأضحية أن يُقسم الخروف
ثلاثة أثلاث: ثلث نتصدق به على الفقراء والمساكين، وثلث نهديه إلى جيراننا ديفيد
واليزابيث و مونيكا.. والثلث الآخر نأكله لحماً طرياً ونجعله لطعامنا في أسابيع
قادمة.
ولما قرب الكبش إلى الذبح في سوم العيد احتار هو وزوجته أين اتجاه القبلة! وخمنوا
أن القبلة في اتجاه السعودية وهذا يكفي.. أحدَّ شفرته ووجه الخروف إلى حيث اتجاه
القبلة وأراح ذبيحته، بعدها بدأت الزوجة في تجهيز الأضحية ثلاث أثلاث وكانت تعمل
بعجل وسرعة... فزوجها قد رفع صوته وبدا عليه الغضب وانتفخت أوداجه: هيا لنذهب إلى
اشهر البارات فاليوم هو يوم الاحد استمتعوا بوقتكم يا اولادي و لا تحملوا هم شيء
وكان انتهى حديث المتحدث وهو يروي هذه القصة عن هذا الرجل وسأله أحد الحضور: لقد
حيرتنا بهذه القصة هل هو مسلم أم ماذا؟!!.. قال المتحدث: بل هو وزوجته وابنه كلهم
لا يؤمنون باي ديانة و لا يؤمنون بالله و لا برسوله.. كثر الهرج في المجلس وارتفعت
الأصوات وأساء البعض الأدب وقال أحدهم: لا تكذب علينا يا أحمد.. فمن يُصدق أنه
وعائلته يفعلون ذلك! كانت العيون مصوبة والألسن حادة والضحكات متتابعة! حتى قال
أعقلهم: إن ما ذكرت غير صحيح ولا نعتقد أن غير مسلم يقوم بشعائر الإسلام! ويتابع
الإذاعة ويحرص على
معرفة يوم العيد ويدفع من ماله ويقسم الأضحية و...!
بدأ المتحدث يدافع عن نفسه ويرد التهم الموجهة إليه ! وقال بتعجب وابتسامة: يا
إخواني وأحبابي.. لماذا لا تصدقون قصتي؟! لماذا لا تعتقدون بوجود مثل هذا الفعل من
ملحد لا يؤمن بديانة.. أليس منا من يحتفلون باعيادهم! فلماذا لا يحتفلون بأعيادنا!
لم العجب؟ الواقع يثبت أن ذلك ممكنا بل وواقعا نلمسه.. أليس البعض يجمع الورود لعيد
الحب ويحتفل الآخرون هنا عيد شم النسيم وعيد.. وعيد.. وكلها ليست أعيادنا؟!! لماذا
يستكثر عليه هذا التصرف ولا يستكثر على أبناءنا وبناتنا مثل هذا؟!!
هز أحمد يده ورفعها وقال: عشت في أمريكا أكثر من عشر سنوات، والله ما رأيت أحداً
احتفل بأعيادنا، ولا رأيت أحداً سأل عن مناسباتنا ولا أفراحنا ! حتى عيدي الصغير
بعد رمضان أقمته في شقتي المتواضعة !
والأعياد من شعائر الإسلام الظاهرة ومن خصائص هذه الأمة. لقد هجرنا عبادة نتقرب
فيها إلى الله عز وجل وأغرقنا في الانهزامية والتبعية
وقال أحمد في صمت من الجميع: أطلبمن كل مسلم ومسلمة أن يسمعوا حديث الرسول صلى الله
عليه وسلم فلا يقع في قلوبهم: «من تشبه بقوم فهو منهم»،
نقلا عن اذاعة طريق الاسلام بتصرف يسيرً