بلومبيرغ وبزنسويك تشيران إلى احتمال مؤامرة حكومية ضد تويوتا
24 مارس/الأربعاء 2010 (GMT)

يشكك البعض احتمال المؤامرة من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما ضد شركة تويوتا. ولكن المزيد من الحقائق بدأت تكشف بأن الرئيس الذي تملكت حكومته 61 من أسهم جنرال موتورز قادت إدارته تلك المؤامرة ضد تويوتا رغبة منها برفع قيمة الأسهم التي تمتلكها في جنرال موتورز وإرضاء لاتحادات العمال الأمريكية التي تقدم دعما هائلا لـ أوباما وحزبه.

مؤخرا نشر موقع بلومبيرغ الاقتصادي الشهير وبالتعاون مع مجلة بزنسويك شرحا وافيا لاحتمالات المؤامرة من إدارة الرئيس الأمريكي ضد تويوتا، وهي لم تخرج كثيرا عن إطار توضيحاتنا السابقة في موقع الموتورنيوز، ولكن الوقوف عند تقرير بلومبيرغ يعزز الاعتقاد بوجود المؤامرة التي بدأت تكتسب زخما كبيرا بين وسائل الإعلام الأمريكية بعد أن أظهرت التحقيقات الرسمية زيف ادعاءات بعض العملاء ضد تويوتا لأسباب مختلفة.

السؤال الأهم

هل فعلا سيارات تويوتا وحدها واجهت شكاوى حول التسارع الغير مقصود؟ لننظر إلى الإحصائيات قليلا.

على مدى السنوات العشر الماضية جرى تقديم 15,174 شكوى إلى الإدارة الوطنية لسلامة الطرقات السريعة NHTSA في الولايات المتحدة فيما يخص التسارع الغير مقصود، وهي شكاوى ضد كافة صناع السيارات وليس تويوتا وحدها، وبناء على ذلك ومنذ 1980 فتحت NHTSA ملفا شمل 141 تحقيقا، أغلقت 112 منها بعد توصل التحقيقات بأن المشاكل ناجمة عن أخطاء ارتكبها العملاء.

وفي إحصائية جديدة لـ251 حالة تسارع غير مقصود تم تسجيلها لسيارات السنة الطرازية 2009، بلغت حصة تويوتا 7.5 بالمائة من الشكاوى، وحصة فولكسفاجن-وأودي 11.5 بالمائة، وحصة بي أم دبليو 5.8 بالمائة. ولسنا هنا بصدد تهويل الأمر ضد الماركات الألمانية، لأن الشكاوي شيء ونتائج التحقيقات شيء آخر، ولعلمنا أن معظم شكاوى التسارع الغير مقصود تكشف التحقيقات لاحقا بأنها ناتجة لخطأ من السائق، لذلك لا يجب التسليم بأن الشكاوى صحيحة.

ولننظر أيضا إلى فورد، حيث يُعتقد بأن حالات التسارع الغير مقصود لبعض من سياراتها ربما تسببت في 20 حالة وفاة، وكرايسلر التي يُعتقد بأن سياراتها ربما تسببت في 12 حالة وفاة لنفس المشكلة. ونركز هنا على كلمة «يُعتقد» لأن معظم التحقيقات لم تجزم بأن تلك الحوادث سببها تسارع غير مقصود. وهو ما نوهنا إليه من قبل بأن حالات الوفاة المرتبطة بسيارات تويوتا «يُعتقد» بأن أسبابها التسارع الغير مقصود ولكن لم تتوصل التحقيقات إلى هذه النتائج بشكل قطعي ونهائي.

ونسرد هذه الإحصائيات لتوضيح أن الحكومة الأمريكية لم تدفع نحو تهويل عمليات استدعاء شعبية وإعلامية واسعة ضد فورد وكرايسلر كما فعلت ضد تويوتا.

نظرية المؤامرة

بالعودة إلى نظرية المؤامرة ضد تويوتا، قالت بلومبيرغ وبزنسويك في افتتاحية تعليق للكاتب كيفن هاسيت: إذا كنت ترغب بلمحة عن المسار الذي تدفعنا إليه حكومة الرئيس باراك أوباما، أنظر إلى ما يحدث لـ تويوتا، إنها أكبر ضحية للحرب التي شنها الرئيس ضد الأعمال.

وقال هاسيت بأن إدارة أوباما رأت بأن أفضل طريقة تمكنها من رفع قيمة الأسهم التي تمتلكها في جنرال موتورز هو تنظيم حملة ضد الشركات المنافسة لها.

ولدى إدلاءه بشهادته في 24 فبراير الماضي ضمن جلسات للكونغرس الذي يقع تحت هيمنة الديمقراطيين قدم أكيو تويودا اعتذاره ولكنه دافع وبشدة عن أداء شركته فيما يخص الاستدعاءات.

الادعاءات ضد بريوس البريئة

وعلى الرغم من أن عمليات الاستدعاء لم تشمل طراز الدفع الهجين الأكثر بيعا في العالم «بريوس»، فقد قام جيمس سايكس في سان دييغو بولاية كاليفورنيا بفبركة قصة حول تسارع غير مقصود لسيارة بريوس يقتنيها بالتأجير، وهي قصة ركزت عليها وسائل الإعلام كقضية أساسية لمادتها الإخبارية على مدى أسبوع كامل قبل أن تكشف التحقيقات الفنية أن لا خلل في السيارة.

وكانت الصدمة أكبر بفشل الوسائل الإعلامية العملاقة في تغطية الأحداث على نحو محترف كما فعلت مواقع إلكترونية للهواة كشفت بأن سايكس يعاني من مشاكل مالية كبيرة بعد مصادرة كل ممتلكاته كنتيجة لإفلاسه وأنه اختلق قصته التي عرفت بـ«البريوس الهاربة» طمعا في الحصول على سيارة بديلة مجانا خاصة وأن عقد تأجير السيارة التي بحوزته شارف على الانتهاء، وبتسليمها سيبقى بلا سيارة.

ثم افتعلت امرأة في الخمسينيات من عمرها قصة مشابهة في نيويورك وادعت بأن سيارتها البريوس تراجعت بشدة إلى الخلف لتقطع شارعا مزدحما قبل أن تصطدم بحائط. ومرة أخرى كشفت التحقيقات الفنية الكاملة أنها بالأصل لم تستخدم الفرامل وأنها ضغطت على فرملة البنزين بشدة، وها هي شرطة نيويورك تقر اليوم بأن تحقيقاتها كشفت عن ارتكاب المرأة لخطأ شخصي منها وأن لا عيب في السيارة.

إذا لا مشكلة في الـ بريوس.. ولكن العملاء يشتكون لتحقيق أطماع ذاتية.

أودي واجهت نفس الحرب

أعادت بلومبيرغ وبزنسويك إلى الذاكرة أزمة مشابهة لأزمة تويوتا واجهتها أودي منتصف الثمانينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة وأدت إلى تهميش مبيعاتها بشكل كبير وقيامها بخمس عمليات استدعاء، لتثبت التحقيقات المكثفة من قبل NHTSA فيما بعد صدق ما أكدته أودي من البداية بأن الشكاوى تعود إلى أخطاء من العملاء بعدم الضغط على دواسة الفرامل عند تحريك ذراع ناقل الحركة، بل على العكس كانوا يضغطون على البنزين في سوء استخدام صارخ يبين كيفية استخدام العملاء للسيارات في السوق الأمريكية.

فابتكرت أودي قفلا يمنع تحرك ذراع الناقل قبل الضغط على الفرامل. وهو نظام طبقته كافة مصانع السيارات فيما بعد لتحمي نفسها ضد ادعاءات العملاء.

وقالت بلومبيرغ في تقريرها بأنه وفقا للبروفيسور ريتشارد شميدت المتخصص في علم النفس والمتقاعد من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس والذي كان أحد المستشارين في أزمة أودي حينذاك، بررت أودي حدوث مشكلة التسارع الغير مقصود لخطأ من العملاء وليس لعيب في سياراتها، وعززت اعتقادها بإحصائيات أثبتت بأن المشكلة أكثر شيوعا بين كبار السن والسائقين الأقل خبرة في قيادة السيارات مثل العاملين في محطات غسيل السيارات.

ومما سبق، يتضح أن هناك الكثير من التشابه بين قضية تويوتا وقضية أودي، ولعل أهمها وأنه بعد أن أخذت القضية صدا واسعا بين وسائل الإعلام ضدهما، بدأ المحامون ينظرون إليهما كمنجم للذهب، فأخذوا يحثون العملاء على تقديم قضايا جماعية على الرغم من عدم اكتمال التحقيقات الفيدرالية سواء في أزمة أودي آنذاك أو أزمة تويوتا حاليا، فتهافت العملاء على تسجيل الشكاوي ضد تويوتا كما فعلوا ضد أودي من قبل.. وهو ما يؤكد أن السيارات لم تعان من مشاكل قبل الجلبة الإعلامية التي حدثت.

وكما حدث لـ أودي، سارعت العديد من الجهات الحكومية لرفع دعاوي قضائية ضد تويوتا على الرغم من عدم اكتمال التحقيقات وعدم توصلها إلى نتائج نهائية ضد الشركة.

الاستدعاءات إجراء تقليدي

قالت بلومبيرغ وبزنسويك بأن الاستدعاءات لعيوب مصنعية هو إجراء تقليدي ويحدث دائما وكثيرا ما يقترن بمشاكل جسيمة، ففي 1996 استدعت شركة فورد 7.9 مليون سيارة بسبب مشاكل محتملة في نظام الإشعال للمحرك.

وبعد خمس سنوات عادت فورد واستدعت كل السيارات التي أنتجتها على مدى عشر سنوات سابقة من مركبتها النفعية الرياضية الأكثر بيعا لفئتها في ذلك الوقت «إكسبلورر» لمشكلة في الإطارات يمكن أن تؤدي لانقلابها، ويُعتقد بأن هذه المشكلة تسببت في 200 وفاة، وطالت هذه المشكلة شركة فايرستون المملوكة من بريجستون، ونشير هنا بأن مبيعات إكسبلورر السنوية كانت تزيد عن 400 ألف وحدة.

أما السيارة التي حظيت بأكثر عدد من عمليات الاستدعاء فهي شفروليه سايتيشن للسنة الطرازية 1980 والتي استدعيت 9 مرات.

الأدلة على المؤامرة

تأكيدا لحقيقة نظرية المؤامرة ضد تويوتا، قالت بلومبيرغ بأن الرئيس أوباما ومعظم أعضاء الكونغرس من الحزب الديمقراطي يستمدون قوتهم المالية من نقابات العمال الاتحادية، وتقدر مساهماتهم بأكثر من 100 مليون دولار لدعم الحزب.

وواحدا من أول القرارات التي اتخذها أوباما بعد تسلمه الرئاسة، هو استخدام أموال دافعي الضرائب لإنقاذ جنرال موتورز وكرايسلر لضمان استمرار دعم الاتحادات العمالية لحزبه. وهي خطوة جابهها الكثير من الخبراء الماليين بالرفض ولكن إدارة الرئيس أصرت عليها طمعا في إرضاء الاتحادات.

وبعد أن ثبت عدم قدرة جنرال موتورز على منافسة تويوتا أو مصانع السيارات الأخرى، وأنها مازالت تعيش في تخبط داخلي حتى بعد إعادة الهيكلة، اتجهت إدارة الرئيس إلى إضعاف الشركات المنافسة وأقواها تويوتا.

ولفت تقرير بلومبيرغ وبزنسويك إلى وجود ثأر كبير بين تويوتا واتحاد عمال السيارات الأمريكي، فكافة مصانع تويوتا يعمل فيها عمال لا ينتمون للاتحاد ويرفضون الانضمام له وقد حاول الاتحاد مرات كثيرة حثهم على الانضمام ولكن بعد التصويت بينهم كانت النتائج دائما سلبية، وهذا الأمر ينطبق على كافة المصانع الأجنبية في الولايات المتحدة وكندا والتي تنظر إلى اتحادات العمال كجهات معرقلة لتطور العمل ورفع الجودة وتكبيلا للقدرات المالية.

وبوجود أوباما على سدة الحكم وهيمنة الديمقراطيين على الكونغرس، يبدو أن اتحاد العمال استغل الفرصة لتصفية حساباته ضد تويوتا، فيما ارتأت الحكومة الأمريكية في ذلك فرصة لرفع قيمة أسهم جنرال موتورز.

وقال هاسيت بأن دليله على وجود المؤامرة ينطلق من إثارة الحكومة الأمريكية لجلبة شعبية وإعلامية واسعة ضد تويوتا قبل اكتمال التحقيقات ضدها. فحتى الفحوصات الفنية قد يكون من الصعب أن تتوصل لنتائج دقيقة فيما يخص التسارع الغير مقصود.

وقال هاسيت أن الحكومة لم تنتظر البيانات الخاصة بمقدمي الشكاوى ضد تويوتا والتي يمكن أن تكشف نمطا مشابها لما حدث لـ أودي مثل أن يكون معظمهم من كبار السن أو من ذوات القامات القصيرة أو أن لديهم مشاكل خاصة.

وأكد هاسيت في نهاية تقريره بأنه يتفق بأن الحكومة الأمريكية ما كان يجب السماح لها بأي حال من الأحوال تملك حصة الأسد في جنرال موتورز أو كما بدأ يسميها البعض حاليا Government Motors على سبيل التندر بالخصوصية التي تحظى بها من الحكومة الأمريكية.

وختم قائلا.. لا تندهش دُفعت هوندا إلى نفس مأزق تويوتا.

والمؤامرة ضد تويوتا لم تكن مفاجأة، فقد حذر منها في 3 يونيو 2009 الخبير الاقتصادي دانيال إيكنسون، مساعد المدير في مؤسسة Cato عبر رسالة صوتية قال فيها بأن حكومة الرئيس باراك أوباما ستلجأ إلى أساليب سياسية غير سوية ضد الشركات المنافسة لـ جنرال موتورز لتكون فوق المنافسة لأنها بالأساس معادلة خاسرة وقد تكون من أسباب إضعاف فرص فوز أوباما بولاية ثانية


تم تغيير اللون الاحمر الى الازرق
يرجى عدم استخدام اللون الاحمر في المشاركات حيث انه مخصص للمداخلات الاداريه (راجع قوانين المنتدى)
مشرف الياباني ١