مقال كتبه الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، نُشر بجريدة المسلمون عدد 479 بتاريخ 27 شوال 1414هـ الموافق 1994م ، ليصد فيه الهجمة الشرسة على الإسلام تحت ذريعة محاربة التطرف ..
* * *
آخر المهازل !!
بقلم : الشيخ محمد الغزالي
نحن نحارب في جبهتين :
(( نحن نحارب في جبهتين :
- جبهة الجاحدين للإسلام .
- وجبهة الجاهلين به .
- وكلْتَا هما شرّ من الأخرى !
إننا نُريد عرض الإسلام الصَّحيح دون زيادة فيه أو نَقص منه .
إنَّ الزِّيادة تعنى : إضافات بشرية من البدع والخرافات .
والنَّقص يعني : حذف عَنَاصر مِن حقيقة الوحي قد تُعَطِّل الأثر المنشود منه ، وتسلِّط الهوى على الهُدَى .
أيَّاما ماكان الأمر فلن نتزحزح قَيْد أَنملة عن هذا الموقف !
والتَّدين الفاسد لن يُصْلِحُه إلاَّ التَّدين الصَّحيح .
علاج الإفراط والتَّفريط أن نعود إلى حدّ الاعتدال .
وللجاحدين أحيانًا مَسَالك مُزرية ، فقد يَتَطاولون على الهداة ويُسْلقونهم بألسنة حِدَاد : كان أبو نواس شرِّيبُ خمر ، فلما نصحه أحد العلماء بتركها كان من إجابته :
فَقُل لمن يدَّعي في العِلم مَعْرِفة * * * حَفِظت شيئًا وغابت عنك أشياء !
وأَبُو نواس في جهالته لم يَذكر أنَّ الله أَبَاح الخمر ، أَو أَنَّ القرآن لم يرد به تحريمًا كما زَعم أَحَدُ القَانُونيين المحدثين الذين يَصِحُّ فيهم قول القائل :
وكُنت امْرءًا من جُند إِبليس فَارْتَقت * * * بي الحال حتى صار إبليس من جُندي
ولعل الأعجب من هذا كله : أن يُسْتَدعى هؤلاء لِعلاج الإرهاب والانحراف !
رأيت في التِّلفاز صورًا للرَّقص المفرد والمُزدوج ، وهي صور يَلعنها أهل العفة والاستقامة ، ولكن الممثلين والممثلات المُشَاركين في تلك المهرجانات الحيوانية جُنِّدوا في حملة على الحجاب والحِشْمة ! على أساس أَنَّ المتبرجات صواحب أَخلاق أمَّا غيرهن من أَرْبَاب الجلاليب الطويلة فأهل سوء ... !
هل الإِرهَابُ يُحَارَب بالممثلين والممثلات ؟
متى كانت زعامة الإصلاح الاجتماعي تَنْبُت في هذه البِيئة ؟
أين المفكرون والمربُّون والعلماء ؟
إِنَّ الفتنة لا تُطفأ بهذا المَسْلك ، إنَّها تزداد اشْتعالاً ، كما تعلو النار إذا صُبَّ عليها النفط .
إنَّ الجماهير غضبت لدِينها عندما تحدث هؤلاء الفَنَّانون في الدِّين ، وهم بأحكامه جهال !! .
ولا عجب ! ففاقد الشيء لا يعطيه .
ومن المضحك أن يُسْتدعى فخامة (( الولد سيد الشغال )) لِيُحارب الإِرهاب ويُنَاصر رِجال الشُّرطة في مُهِمّتهم الصَّعبة .. !!
إذا كانت ثقافة بعض المتدينين مَغْشُوشة ، فالذي يُصَحِّحُها العلماء الرَّاسخون لا الفنانون الهزليون !
ربما استطاع (( شارلي شابلن )) في انجلترا أن يدفع النَّاس إلى الضحك بذكائه وحركاته ، فهل يلغى هذا الممثل دور الأدب والفلسفة والدِّين والمؤسسات الكبرى في حراسة الحق والخير ودَعم رسالة الأمة ؟ !! .
محمد الغزالي
منقول عن جريدة المصريون
رحم الله الشيخ العزيز الذي ندر وجود امثاله فى هذا الزمن