و ادى القصة ........ منقولة ...........
حينما عاد جلفر الى بلاده أصبح في نظر الناس بطلا. لأنه كان أول رجل عاش بين الآقزام , ولأنه أثبت بما أحضره معه من أشياء أن هؤلاء الآقزام كانوا حقيقة لا خيالاً . ولم يمكث جلفر في بلاده غير بضعة أشهر ثم قرر القيام برحلة جديدة لأنه كان مولعاً بالرحلات . وبعد أن هيأ لزوجته وعائلته بيتاً جميلاً , ترك لهم مبلغا من المال يكفيهم , ثم غادرهم على سفينة متجهة الى الهند . ومرة أخرى كانت بداية الرحلة حسنة , ثم ما لبثت السفينة أن تعرضت لعاصفة شديدة حطمتها , ووجد جلفر نفسه وقد قذفت به الآمواج الى شاطىء مجهول . ولكنه هذه المرة أحس بالخوف يملأ قلبه لأنه بدلاً من أن يجد نفسه بين أقزام , تبين أن الآمواج قد حملته الى أرض كل سكانها من العمالقة . وعرف فيما بعد أن اسم هذه البلاد هو بروبد نجناج . وأخذ العمالقة الذين وجد جلفر نفسه بينهم ينظرون إليه كما كان هو نفسه يننظر الى الآقزام : وكانت حدائقهم تشبه الغابات كما كانت الآبقار والخيول بحجم الفيلة ، وحينما كان هؤلاء العمالقة يتكلمون كانت أصواتهم كأنها قصف الرعد . وفجأة وجد جلفر نفسه واقفاً في يد أحد هؤلاء العمالقة , وبغير تفكير قفز الى الآرض وهرب الى أقرب مكان يمكن أن يختفي فيه . ولم يكن ذلك المكان سوى حقل قمح , كانت سوقه في ارتفاع الآشجار وضخامتها . وبينما كان مختبئاً بين القمح سمع صوتاً مرعباً ورأى سكيناً ضخمة جداً تحصد ما فوق رأسه وعندما أيقن أن العمالقة يحصدون القمح صرخ من شدة الخوف , وسمع أحد العمالقة يقول لرفيقه : أظن أن هنا فأرا لآنني سمعت صوتاً . وقبل أن يتحرك من مكانه التقطه أحد العمالقة ووضعه في يده وصاح : من أين جاء هذا المخلوق الصغير؟ ونادى رفاقه ليريهم ما وجد . وتجمع الحصادون حوله بسرعة وراحوا يضحكون ويمرحون , ووضعوه على منضدة صار يركض فوقها ذهاباً واياباً بأقصى سرعة . ولما انتهوا أخذه أحدهم ووضعه في جيبه , وذهب به الى بيته وأعطاه لابنته الصغيرة التي سرت كثيراً بهذه اللعبة الجديدة , وخصوصاً حينما حياها جلفر بانحناءة
وأحب جلفر ابنة المزارع لأنها كانت جميلة ولطيفة ولأنها كانت تعنى به كثيراً وتنقذه من المتاعب والصعوبات التي كان يقع فيها , كما كانت تروي له كل يوم كيف يعيش العمالقة , وتسأله عن بلاده وكيف يعيش أهلها . وبالرغم من ذلك صمم جلفر على الهرب ولو أنه كان يعرف أن ذلك ليس سهلاً , لأنه يجهل أين هو , ولا كيف يجد وسيلة للهرب , براً أو بحراً . وقد تعرض جلفر مرة للخطر حين هاجمه فأر في حجم الآسد , ولو لم يكن يحمل سيفه ويدافع به عن نفسه لقتله الفأر . ومرة هاجمه كلب ابنة المزارع المدلل وحمله في فمه وكانت هي تطل من نافذتها فأسرعت وأنقذته من بين أبياب الكلب قبل أن تطبق عليه . ومرة ثالثة كاد يشرف على الغرق حينما سقط في وعاء للحساء , ولولا استغاثته لما جاءت ابنة المزارع وأنقذته . وبعد أيام ركب قارباً صغيراً ليتنزه به , ولكن ضفدعاً كبيراً كان يستريح في ركن القارب هجم عليه فأمسك جلفر بالمجداف وراح يضرب به الضفدع أكثر من ساعة حتى استطاع أن يدفعه الى الماء . وكان جلفر مغرماً بالموسيقى , ووجد في بيت المزارع بيانو كبيراً ولكن جلفر لم يستطع أن يعزف عليه بيديه . فصعد الى مكان المفاتيح وأخذ يسير عليها ذهاباً واياباً , ويضرب عليها بمطارق كبيرة صنعها لهذا الغرض , وصارت ابنة المزارع تدعوه الى العزف للترفيه عن الضيوف . وأعطت الفتاة العملاقة البيت الصغير الذي كانت تضع فيه دميتها لجلفر ليعيش فيه . وفي أحد الآيام بينما كان جالساً في هذا البيت يفكر في عائلته سمع صوت ريح قوية أخذت تشتد شيئاً فشيئاً الى أن اقتلعت البيت وقذفت به في الجو فوق بيوت المزارعين , وجلفر قد تملكه الخوف لأنه لم يكن يعرف أين سيهبط به البيت : ورويداً رويداً هبط البيت في البحر بالقرب من سفينة كبيرة . ولما كان البيت مصنوعاً من الخشب فقد طفا فوق الماء , واستطاع جلفر أن يلوح بمنديله الى أن راه أحد بحارة السفينة التي اقتربت منه والتقطه رجالها , وكاد جلفر يطير من الفرح عندما علم أن السفينة مسافرة الى انجلترا . وروى جلفر للبحارة قصته في بلاد العمالقة , ولكنهم لم يصدقوه , وظنوا أنه يقص عليهم قصة من قصص الجن , ولكنه ذهب وأحضر من بيته الصغير الذي كان قد رفع الى ظهر السفينة ابرة وخيطاً وكستبانا كانت ابنة المزارع قد تركتها فيه . وكانت الابرة بحجم قضيب من الحديد , والخيط بسمك حبال السفينة . أما الكستبان فقد كان بحجم جرس الكنيسة . وصدقه البحارة ولما رجع الى بلاده أصبح مرة أخرى بطلاً , لأنه كان الرجل الوحيد الذي عاش مع العمالقة , كما عاش من قبل مع الآقزام
المفضلات