هناك الآن حرب باردة بين جبهتين في مصر
رجال الحزب الوطني ووزارة الداخلية من جهه وهم متغلغلون في كل الجهات الحكومية والإعلام العام والخاص والوزارات والمؤسسات.
والشعب والجيش في الناحية الأخرى، والشعب كما تعلم ليست لديه في المرحلة الحالية إلا وسيلة ضغط وحيده هي العصيان المدني. أما الجيش فعينه على الشعب الذي سيصوت في الانتخابات القادمة، وفي نفس الوقت هو يخشى أن جبهة الداخلية والحزب الوطني ربما تعود وتقوى مرة ثانية بعد الانتخابات النزيهة. إذ من المنطقي جدا أن يأتي الناس بأحد رجال الحزب الوطني رئيسا وبالحزب نفسه حاكما.
الجيش إذا يقع بين شقي رحى، ورهانه الوحيد هو أن الجماهير التي ثارت ستأتي بسياسيين صالحين يستطيعون إدارة البلد إدارة صحيحة تحقق طموح الثورة. وهذا لن يتحقق إلا إذا مُنح الثوار (حوالي من 12 إلى 20 مليون مصري) الوقت الكافي لتنظيم أنفسهم سياسيا وستة أشهر لا تكفي لذلك مطلقا.
لذلك فالسيناريو الأفضل لإدارة الفترة الانتقالية من وجهة نظري هو
أولا:إبعاد كل وجوه الحزب الوطني القديمة من وزراء ورؤساء جامعات ومديري مؤسسات ...إلخ ممن كان يجري تعيينهم بأوامر مباشرة من أمن الدولة عن الساحة فورا... لأن موظفيهم يبتزونهم الآن بعد زوال من كان يحميهم. وتعيين آخرين حسب كفائتهم
ثانيا: إشراك مدنيين في المجلس العسكري الذي يحكم البلاد الآن، لأن توسيع دائرة المشورة سيجعل القرارات التي تتخذ أقرب إلى الحصول على رضا الناس.
ثالثا: تغيير الدستور وكل القوانين المكملة له وهذا لا يستغرق أكثر من شهرين ويجري استفتاء الشعب عليهم مباشرة.
رابعا: منح مهلة ستة أشهر لتنظم الأحزاب والهيئات نفسها وتنتخب هيئاتها وممثليها
خامسا: في الأشهر الستة الأخيرة تجري انتخابات رئاسية وبرلمانية. على أن تكون الانتخابات بالقائمة النسبية غير المشروطة وليس بالنظام الفردي. لكي يكون المرشح مسئولا عن شعب مصر كله وليس عن دائرته فقط.
بهذا يمكن القول أن الانتخابات ستفرز فعلا حكاما يرضاهم الشعب. أما إجراء الانتخابات بعد شهور من الآن - وهو ما يضغط أقطاب الداخلية والحزب في اتجاهه - فسيلقى بالبلاد في أحضان أعضاء الحزب الوطني وكذلك أعضاء جماعة الإخوان المتمرسون بالفعل على العملية الانتخابية ومفاتيحها. وتخرج قوى الثورة من العملية السياسية وهو ما لا يتمناه أحد لأنهم سيعودون إلى ميدان التحرير ثانية.