وائل قنديل يكتب : البرادعى والمجلس العسكرى لا يستطيع أحد أن ينفى العلاقة العضوية بين الدكتور محمد البرادعى وثورة الخامس والعشرين من يناير، ولا يكابر إلا جاهل أو جاحد فى أن الشباب الذى أطلق الثورة هو حصاد ما زرعه البرادعى فى التربة السياسية المصرية. بغض النظر عن جاهل وجاحد (لأن الجهل هو إتهام الأخر بالجهل لاختلاف الرأي)، البردعي زرع إيه بالضبط؟ ولا هو كلام و خلاص
وعليه لا يمكن تصور أن يجرى حوار وطنى بشأن مستقبل مصر ولا يشارك فيه البرادعى أو يدعى إليه، خصوصا وأن الرجل فى زعمى هو الأكثر امتلاكا لرؤية شاملة وموضوعية لمصر الجيدة.
لا يمنكن تصور: لا، يمكن تصور، وأكثر من صورة، لا تكن ضيق الأفق، "زعمي" إذا هو رأي فردي والوقت وقت الجماعة وليس الفرد
إن الرجل لايزال يتعرض لضربات عنيفة فى إطار حملة لا تتوقف لإقصائه عن المشهد السياسى.
الكثير يتعرض لحملات سواء فاسد أو صالح
والغريب أن البرادعى لم يعلن أنه طامح فى أى دور أو منصب رسمى، فقد قالها أكثر من مرة إنه لا يسعى إلى الرئاسة ولا يعتزم ترشيح نفسه للانتخابات المقبلة.
حسني مبارك أيضا لم يعلن عن رغبته في إمتلاك البلد
يذهب البرادعى دائما إلى أنه يفضل أن يكون رمزا للتغيير وداعيا له، ولا يهمه أن يكون رئيسا للبلاد.
التغير لا يرمز له أبدا بشخص، لا يهمه رئاسة البلاد إذا يشارك كفرد من الشارع لا كحزب
وعلى الرغم من ذلك يتعامل بعض القناصة مع البرادعى وكأنه يوشك أن ينقض على منصب الرئاسة غدا، حتى إن البعض اعتبر فى التعديلات الدستورية الأخيرة قتلا لأية فرصة للبرادعى فى الترشح للرئاسة، على أساس أنهم جزموا بأن الشروط لا تنطبق عليه.
تقصد من بالقناصة؟
ولو راعى هؤلاء الحد الأدنى من القيم المهنية والأخلاقية لعرفوا أن البرادعى مصرى من أبوين مصريين ولا يحمل جنسية أجنبية وغير متزوج من أجنبية، اللهم إلا إذا تصور بعضهم أن كفر الدوار بلد زوجته انضمت للاتحاد الأوروبى.
ليس الحوار مكان للتهكم، ولكن جد فجد، مصريون كثيرون من أب وأم مصريين ومتزوجين من مصريات، لا تضيف إلي الشخص شيء
لكن دلالة استهداف البرادعى فى كل مناسبة أن الرجل يمثل رقما صعبا وأساسيا فى كل المعادلات الخاصة بالمستقبل.
ما هو الرقم الصعب؟ وإن كان هناك معادلات بها البرادعي فالأولى إعادة النظر في من قرر هذه المعادلات
غير أنه لا يمكن تفهم مسألة تجاهل الدكتور البرادعى فى كل الحوارات والنقاشات التى تدور حول استحقاقات المرحلة الانتقالية المقبلة.
لأنه غير ومعروف ولا يمثل إلا مجموعة محدودة من الشعب
وإذا كان المصريون يعرفون فضلا لمؤسسة العسكرية فى حماية هذه الثورة واحتضانها فإن القطاع الأكبر من الضمائر الوطنية النظيفة يعترفون بفضل البرادعى على تكوين ونمو هذه الثورة إلى الحد الذى جعل الشعب المصرى يخرج بالملايين موقنا أنه يستطيع إحداث التغيير.
هل انت نائب عن الضمائر الوطنية للتكلم على لسانها؟
وإجمالا فإنه فى صالح مصر بجميع أطيافها أن يجرى حوار بين المجلس العسكرى وبين الآباء الروحيين لهذه الثورة؛ وفى مقدمتهم محمد البرادعى ومحمد غنيم وقائمة طويلة من عقول مصر النقية، يبدو أن هناك من يصر على إقصائها من المشهد الراهن.