قالت وكالة رويترز للأنباء إن العديد من النشطاء السياسيين يعتبرون أن التسرع في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، كما يريد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إضافة إلى بقاء عدد كبير من رموز النظام السابق- يشكلان تهديدا كبيرا للثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك بعد 18 يوما من الاحتجاجات التي أسفرت عن وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى.

وترى المعارضة أنه لا يزال يحكم مصر أشخاص عينوا في نظام حكم بحاجة إلى إصلاح كامل، في الوقت الذي يبدو فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي سلمه مبارك السلطة في 11 فبراير الماضي، حريصا على التخلي عن دوره في الحكم وتسليمه لسلطة مدنية في أسرع وقت ممكن، معلنا التزامه بالإشراف على انتخابات ديمقراطية.

ولكن المجلس يبدو أيضا مترددا في القيام بأكثر من ذلك على صعيد الإصلاحات، ويريد أن يترك أي تغييرات أخرى للحكومة التي ستتولى خلال الأشهر المقبلة، والوقت الضيق بالنسبة للانتخابات مصدر قلق لكثيرين ممن يعتزمون ترشيح أنفسهم.

وسبق أن أكد بيان للمجلس أنه لن يسمح بما سماه محتجون «ثورة مضادة» من بقايا النظام السابق، محذرا من استخدام تعبيرات سياسية تهدف إلى إحداث فتنة، في الوقت الذي عبر فيه محتجون في ميدان التحرير عن خشيتهم من «ثورة مضادة»، حيث يسعى مساعدون لمبارك للتسلل للعودة إلى السلطة ربما بإضفاء طابع جديد على الحزب الحاكم، وعبروا عن قلقهم من بقاء وزراء عينهم مبارك في القيام بأدوارهم.

ولعل تصريحات أحمد أبوالغيط وزير الخارجية في حكومة الدكتور أحمد شفيق تسير في نفس الاتجاه، حينما قال في تصريحات لـ«المصري اليوم» إن ثورة 25 يناير في مصر لم تحقق جميع مطالبها، مؤكدا أنها لم تحقق بعد إلا القشرة التي على السطح.

من جانبه، قال «عمرو حمزاوي» مدير الأبحاث في مركز كارنيجي الشرق الأوسط، الذي يتخذ من بيروت مقرا له- إن هناك مخاوف مشروعة بالنسبة للثورة نابعة من هؤلاء الذين يحاولون التربص بها والذين لديهم مصلحة في إخفاقها.

ورحبت المعارضة بخطوات الجيش تجاه إجراء انتخابات، ولكن الطريق السريع الذي رسمه على هذا المسار يسبب قلقا للمصريين الذين يقولون إن هناك حاجة لمزيد من الوقت كي تتعافى الحياة السياسية من عقود الاضطهاد.

وتلائم الانتخابات السريعة الساسة المرتبطين بالحزب الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه مبارك والذين نجوا من حملة على الفساد تستهدف شخصيات بارزة من عهده.

ويعبئ هؤلاء الأشخاص أنفسهم بالفعل من أجل الانتخابات البرلمانية التي قال الجيش إنه يأمل في إجرائها خلال ستة أشهر.

كذلك، فإن الإخوان المسلمين هم الجماعة الوحيدة الأخرى ذات الجذور العميقة التي تتلاءم مصالحها مع إجراء انتخابات سريعة، ويمكنها كجماعة إسلامية محنكة أن تكون مستعدة للانتخابات خلال أسابيع على الرغم من أنها لن تسعى إلى الحصول على أغلبية أو الترشح للرئاسة، بحسب ما أعلنته مرارا عقب نجاح ثورة 25 يناير.

الدكتور محمد البرادعي وهو المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، وهو شخصية بارزة في حركة المعارضة التي تجمعت للإطاحة بمبارك- يؤكد أن لديه كثيرا من التحفظات على الفترة الانتقالية في مصر والانتقال من دولة ديكتاتورية إلى دولة حرة مستقلة.

وقال البرادعي لقناة العربية إن المصريين بحاجة إلى وقت لتشكيل أحزاب سياسية وللاتصال بالناس وإن هذا لا يمكن أن يحدث خلال ستة أشهر.

وأضاف أن آخرين يقولون إن فترة الستة أشهر عادلة لأنها قصيرة بشكل متساو على الجميع.

ورددت تصريحاته آراء آخرين ومن بينهم حزب الوسط المشكل حديثا الذي دعا إلى سنة أو أكثر من الحكم الانتقالي قبل إجراء انتخابات.

ويقول دبلوماسيون في القاهرة إنه على عكس عام 1952 عندما شهدت مصر ثورة قادها الجيش يبدو الجيش غير راغب في البقاء في السلطة، بل يود العودة إلى دوره القديم في الدفاع، في الوقت الذي يحرس فيه المكاسب الاقتصادية التي تم تحقيقها على مدى سنوات ويبدو غير مستريح في الحكم.

ويبدو أن هذا هو السبب في تحركه بسرعة في الإصلاحات اللازمة من أجل الانتخابات، ولا يزال الجيش يتمتع باحترام كبير لالتزامه العلني بالوفاء بطموحات المصريين الذين ثاروا ضد مبارك في الوقت الذي يتواصل فيه مع الناس من خلال وسائل الإعلام، بما في ذلك صفحة على فيسبوك.

لكن دبلوماسيا غربيا قال إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يرأسه المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع لفترة طويلة في عهد مبارك، محجم على ما يبدو عن القيام بأكثر من مجرد الحد الأدنى من الإصلاحات.

وقال الدبلوماسي: «نعتقد أنهم يتطلعون للقيام بأقل ما يمكن على صعيد القرارات، وهم يعرفون أنه يتعين عليهم إجراء تعديلات دستورية وانتخابات حرة ونزيهة، وهذا في حقيقة الأمر كل ما التزموا به».

وقد تفسر هذه العقلية السبب في أن أحمد شفيق رئيس الوزراء الذي عينه مبارك في الأسابيع الأخيرة من حكمه لا يزال في السلطة، وربما تفسر أيضا سبب عدم إشارة الجيش حتى الآن إلى أي نية للقيام بإصلاح كبير في قوة الشرطة التي ساعدت سمعتها في ارتكاب أعمال وحشية على إشعال الانتفاضة