حقائق جوهرية في انتفاضة القناوية
حقائق جوهرية في انتفاضة القناوية
جمال سلطان | 22-04-2011 22:15
هناك معالم أساسية في الأزمة المتفجرة في قنا يكون من التضليل تجاوزها أو القفز فوق دلالاتها ، لأنها تصنع لنا الصورة بكامل أبعادها ، وفي مقدمة تلك المعالم أن المحافظ الجديد الذي يراد فرضه على الأهالي هناك لا يملك أي تاريخ من الإنجازات التي تؤهله للمنصب سوى أنه "قبطي" وهو بالتالي لم يأت بطريق ديمقراطي صحيح فرفضه الأهالي وتآمروا عليه ، وإنما هو قرار لشخص ما ، أخطأ التقدير ، وبالتالي من حق الأهالي أن يرفضوا ذلك القرار الذي أتى به شخص لا نعرف سريرة نفسه في هذا الاختيار ، وأغلب الظن أن من اختار اللواء عماد شحاتة ميخائيل لقنا أراد أن يضع فخا للجيش وإحراجا للثورة ومسارها .
أيضا لا يمكن لعاقل أو وطني أن يطالب أهالي قنا بأن يقبلوا هذا المحافظ الجديد لمجرد أن يثبتوا أن مصر لا تعرف الطائفية ، فمثل هذا المنطق هو الذي يؤسس للطائفية ، الذين أصدروا قرار تعيين اللواء عماد شحاتة محافظا لقنا لم يجدوا في مواصفاته ولا تاريخه سوى أنه "قبطي" وبالتالي لا بد أن يقبل به الناس وإلا اتهموا بأنهم ضد الأقباط وأنهم طائفيون ، هذا هراء ، أن تأتي بأي حجر أو خشبة وتقول أن على الناس أن يسجدوا لها أو يطيعوها لأنها تنتمي إلى الكنيسة الأرثوذكسية مثلا ، فإذا أضفت أنه قد كان للناس هناك تجارب سابقة مع المحافظ القبطي السابق الذي أتى بمجاملة حكومية فأهدر مقدرات المحافظة وعطل مصالح الناس وأربك الحياة ولم يضف أي جديد لبنيتها الأساسية أو الخدمات أو الوظائف أو وجه الحياة في البلد ، فإن من حق الناس بالتالي أن ينتفضوا ضد منطق المجاملات الطائفية الذي لا يسنده أي عطاء وطني أو قيمة يمكن أن تجعل الناس تتسامح مع الاختيار .
لا يستطيع شخص واحد في الحكومة المصرية الآن أن يقدم أي "سي في" للمحافظ الجديد يقنع أحدا ، الصفة الوحيدة التي يقدمونها أنه "قبطي " ، وأتصور أن الصورة كانت ستختلف بدرجة كبيرة إذا كان هذا المواطن "القبطي" شخصية لها حضورها الإنساني الكبير أو تضحياتها الوطنية أو نضالها السياسي أو قبولها الاجتماعي أو كفاءتها الإدارية أو العلمية أو الاقتصادية المتميزة ، أما أن نلقي إليهم بشخص مغمور ولا يملك أي تاريخ من العطاء الوطني سوى عصا الجلاد في يده ، ونقول لهم "ابلعوه" وبالجزمة فوق رؤوسكم ، فهذا منطق لا يمكن لعاقل أو وطني قبوله أو فهمه .
إن هذا المحافظ الذي يراد فرضه بالقوة والقمع على أهالي المحافظة هو الذي من المفترض به أن يتعامل بشكل يومي مع مشكلات هؤلاء الأهالي المتشعبة والمعقدة ، فكيف يمكن له أن يتعامل أو يدير هذه الأمور في ظل رفض عارم من الأهالي له وكراهية لوجوده ، حتى أن بعضا من الأهالي الأقباط أيضا يرفضون وجوده ، من هذا الذي يمكن له استيعاب هذه الوضعية ، وكيف وجد بعض "الأفندية" في الصحف الحكومية من أنفسهم الجرأة على تحريض الأمن على قمع أهالي قنا لكي يقبلوا هذا الشخص ، والجزمة فوق رؤوسهم ، بدعوى رفض الطائفية ، رغم أن موقف هؤلاء "الأفندية" هو الطائفي بعينه ، لأن منطق قبول هذا الشخص كمحافظ محصور في كونه "قبطي" ، أي أن معيار الاختيار كان دينه ، فلماذا نلوم الآخرين على رفض هذا المعيار الوحيد لإدارة شؤون بلدهم .
أتمنى أن يكون للدكتور عصام شرف دوره الوطني في التعامل الحكيم مع هذه الأزمة ، وأن يكون للمجلس العسكري دوره في احتواء الأزمة بحوار جاد وإنساني مع أهالي قنا ، كما أتمنى أن يكون للوسطاء المأمونين والعقلاء الذين لا يرتزقون بأموال المعونات الأجنبية ودكاكينها دورهم في حل الأزمة ، كما أتمنى على أهالي قنا أن يحصروا انتفاضتهم في الاعتصام السلمي ، وأن يعيدوا الحركة للطرق وشبكة السكك الحديدية والمؤسسات الخدمية ، وأن يثقوا في أن أحدا لن يمكنه أن يفرض عليهم حاكما لا يقبلونه ، ولا يمكن أن يتعامل معهم أحد في مصر الآن بمنطق "بالجزمة" ، لقد ولى هذا الزمن ، وإن بقيت بعض أصواته الكئيبة والمتخلفة في الإعلام الحكومي .
5 ملايين جنيه خسائر السكة الحديد في خمسة أيام
كشف مصدر مسئول بهيئة السكة الحديد أن خسائر الهيئة وصلت الي 5 ملايين جنيه خلال الخمسة أيام السابقة بسبب أحداث قنا وتجمع المئات من أهالي المحافظة علي سكة القطارات اعتراضا علي تعيين اللواء عماد شحاتة ميخائيل محافظاً لقنا. وقيام المعتصمين بعمل "صوان" علي القضبان لاعتراض مسير القطارات بالاتجاهين.
أكد المصدر أن الهيئة تتكبد يوميا ما يقرب من مليون جنيه خسائر بعد إلغاء العديد من الرحلات وإعادة مئات الركاب تذاكرهم للسكة الحديد بعد أن اضطرت الهيئة لاعادة القطارات المتجهة لأسوان من محطة نجع حمادي دون استكمال رحلتها وكذلك القطارات المتجهة للقاهرة لتعود من محطتي الأقصر وقفط.