(1)
من أكبر مزالق الفكر وحيل النظر أن يضع المتكلم نفسه (أو يضعك أنت) بين خيارين لا حيلة لك سوى في الاتجاه صوب أحدهما،
ويوهمك أن ليس في الإمكان سوى أحد الخيارين ليقودك للتسليم برأيه،
بينما الواقع أو الممكن أو الشرع فيه من الخيارات ما هو أوسع وأكثر..
وتستخدم هذه الحيلة هذه الأيام بكثرة،حين يناقش البعض مستقبل البلاد من زاوية (إما خلافة على منهاج النبوة وإما نجلس في البيوت أو نحبس أنفسنا في المساجد بلا مشاركة في السياسة)..
ومثل هذه الطريقة فوق أنها خطأ فهي تدل على ضعف ظاهر في الملكة الفقهية،ونقص لاشك فيه في فهم أصول السياسة الشرعية..
وأصول الشرع ونصوص المجتهدين دالة على أن الميسور لا يسقط بالمعسور
وأن تقليل الشر واجب وأن ارتكاب أخف الضررين مباح،
وقد نقلتُ نصوصاً كثيرة عن ذلك ،وأحب الآن أن أضيف هذا النقل لسلطان العلماء :
يقول العز بن عبد السلام : ((لَوْ عَمَّ الْحَرَامُ الْأَرْضَ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ فِيهَا حَلَالٌ = جَازَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ،
وَلَا يَقِفُ تَحْلِيلُ ذَلِكَ عَلَى الضَّرُورَاتِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهَا لَأَدَّى إلَى ضَعْفِ الْعِبَادِ وَاسْتِيلَاءِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ،
وَلَا يَقْطَعُ النَّاسُ عَنْ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ وَالْأَسْبَابِ الَّتِي تَقُومُ بِمَصَالِحِ الْأَنَامِ)).
منقول و يتبع باذن الله