أعلم الناس بالسياسة هم العلماء (يقصد الفقهاء)..


قالها أحد الأفاضل ،ولا زلتُ أحاول فهم وجهها فلا أجده..


وحرتُ هل أصدق صاحبي أم أصدق ابن خلدون حين قال إن الفقهاء من دون الناس هم أبعد الناس عن إتقان السياسة ؟!!




والحق أن كلا الإطلاقين باطل..



فالسياسة علم مستقل له أصوله ومعالمه وقضاياه وقواعده ،وكل ذلك واجب الاستيفاء لمن أراد إتقانه ،فضلاً عن وجوب توفر الموهبة والاستعداد الفطري لديه..




هل يمكنني أن أقول : العلماء أعلم الناس بالطب ؟!!


أو : العلماء أعلم الناس بالهندسة ؟!!


لا يقول عاقل إن ذلك يمكن..




الفقه هو مرجعية لمعرفة حكم الشرع في التصرفات التي قد تقع من السياسي ،


أما العمل السياسي نفسه كيف يكون وما هي أصوله وقواعده،وكيف ينبغي أن تجري تلك التصرفات التي يطلب حكمها الشرعي أصلاً .


كل ذلك علم مستقل لا دخل للشرع من الناحية المرجعية الحاكمة في وضع أسسه وقواعده أو رسمها(وإن كان يستفاد من تصرفات الأنبياء والخلفاء فيه كما يستفاد من تصرفات غيرهم من الساسة وهم أولى خاصة فيما كان عن وحي)..




وعلاقة السياسة بالشرع هي كعلاقة الطب به ،


فيتقاطعان حين يُراد معرفة حكم الشرع في تصرفات السياسي أو الطبيب

وينفرد الشرع بأبوابه الأوسع من النطاق السياسي ،وتنفرد السياسة بأسسها ومعالمها التي يطلب لها حكم الشرع..




وبين جداً أن معرفة الفقيه بحكم نقل الأعضاء = لا يعني قدرته على إجراء عملية جراحية لنقل عضو .




وبين جداً أن رجوعنا للفقيه كوسيط اجتهادي ينظر في الوحي لتقرير أحكام الشرع في تصرفات السياسي .... لا يعني قدرة الفقيه على ممارسة العمل السياسي..





فهل يمكن أن يوجد الفقيه السياسي ؟

الجواب : نعم ولاشك،ولكنه قليل نادر ليس قاعدة يبحث عنها فتوجد على طرف الثمام..



وإذا كان وجود من يجمع بين القدرة على التنظير السياسي وبين الممارسة السياسية = قليل،فما بالنا بالجمع بين الفقه والسياسة؟!




ومن الأخطاء الكبار المتوقعة في المرحلة القادمة = أن يتم الخلط بين القيادة الفقهية أو الدعوية وبين القيادة السياسية ،وتنصيب الفقيه أو الداعية منصب السياسي؛لمجرد شرف فقهه ومكان دعوته وربما عبادته..




وكل ذلك خلل في التصور،وحيدة تامة عن منهاج النبوة في الولايات ومراعاة خصائص الرجال وكيفية استصناعهم والاستفادة من مواهبهم..








ونظرة واحدة للمبايعات التي على شاشة القنوات والمقترحات التي على صفحات المنتديات = تثير الوجل من إمكان شيوع هذه الطفولية وخطورة أن تسول لها أوهامها أن تبحث لها عن مكان على أرض الواقع في الأيام القادمة..


منقول