الموضوع: العقل البارد.... رجاء كلنا نقرا

لعقل البارد" كان هذا هو أشد الأشياء التي آلمتني في الأحداث الأخيرة التي مرت بها مصر. أن تبطش الشرطة بالمتظاهرين .. فهذا أمر ألفناه في العهد البائد و كنا نظن اننا تخلصنا منه. أن تنضم قوات الجيش الي الشرطة فهذا ما كنا نتوقعه منذ فترة و ان لم نتخيل هذه الوحشية في التعامل التي رأيناها. أما أن نري المدرعات تدهس المواطنين الغاضبين لأن اخوانهم حوربوا لأنهم يصلون بدون "تصريح" فننشغل بتفنيد دعوي هل معهم تصريح أم لا فهذه هي فعلا المأساة !!!؟؟. رد فعل التليفزيون المصري كان بالطبع فاجعا مفجعا في دعوته الصريحة الي الحرب الأهلية دون مواربة و لكن الأكثر ايلاما كانت ردود الأفعال علي الشبكة العنكبوتية "النت". كنت اشاهد جزءا من الأحداث مع زوجتي و أنا اراها تغالب البكاء و أنا أحاول أن أكون متماسكا فلا استطيع من الانفعال. أعادتنا الأحداث الي مشاهد 28 يناير و موقعة الخيل و الجمال و ما شابه ذلك. في هذه الأوقات (أوقات الثورة) كان الفضاء الافتراضي مشتعلا بالتعبيرات النارية و كنا نتحرك في كل اتجاه لمحاولة ايقاف ما يحدث. عندما نطالع تعليقات البعض علي ما حدث من صدام بين الأقباط و الجيش نري تعليقات متفاوتة. لن أتحدث عن التعليقات المستفزة للمتعصبين أو العوام ممن سارع الي الاتهام و الجلد و الدعوة الي الحرب و الجهاد مثلما فعل التليفزيون الرسمي و لكن أتحدث عن النخبة الاسلاماوية التي توارت خلف العقل البارد . .....يقولون أن الأقباط أخطأوا بالتظاهر و ربما كانوا محقين في ذلك و يقولون أخطأوا باستعداء الجيش و اانا اوافقهم علي أن هذا خطأ ... يتحدثون عن أهمية اقامة دولة القانون و لا شك في هذا و لا يرفضه عاقل او أن الأمر منذ بدايته كان خطأ لان المضيفة لم تكن كنيسة و لم تحصل علي تصريح و هو أمر لا أعلم صدقه و لا يعنيني كثيرا أو أن القس فلان كان مستفزا و محرضا أو أن الفلول هم السبب و الامر كله مدبر و ما الي ذلك و هو كله كلام جمبل عقلاني به جانب من الصواب لا شك و لكنه شديد البرودة ...تماما كبرودة أجسام الموتي الذين شاهدناهم في المشرحة. أنا لا أختلف مع كل هذه الأطروحات السابقة و لكنها أيضا لا تعنيني حاليا قد تكون تعليقات مناسبة منا لأحداث تحدث في اوكرانيا أو موزمبيق أو أي دولة أخري بعيدة عنا كل البعد و ليس لبعض من شبابنا يقتل أمام أعيننا و تدهسه مدرعات الجيش و نشاهد علي النت أفلاما لروؤس مدهوسة و أجسام مقطعة. قتلني هذا الهدوء الشديد و العقلانية المفرطة من كتابات من أعرف حماسهم الشديد و كلماتهم المندفعة. هل هي خطورة الوضع التي حعلتهم يلجأون الي العقل البارد أم هو ضعف التعاطف ووهن الاحساس بالجريمة و بشاعتها. اذا كانت الثانية فهذه هي الكارثة !!!! و أحسبها كذلك للأسف.
سأضرب لكم مثلا أو بالاحري أقدم لكم اعترافا مدويا..... لقد أقمت في فرنسا لمدة 5 سنوات و قد كنت طوال هذه المدة أمارس "مخالفة جسيمة" ألا و هي الصلاة في مكان غير مرخص له أن يكون مسجدا بل هو جمعية أهلية. كنا نتحايل علي القانون لأن استخراج تصريح لمسجد في فرنسا أمر شديد الصعوبة و عليه فقد كنا نستأجر شقة لجمعية أهلية في الدور الأرضي و نستعملها كمسجد للصلاة و قد مارست هذه المخالفة الجسيمة لمدة 5 سنوات و لازلت أمارسها كلما اضطررت الي ذلك ومارسها معي غالبية السادة الأفاضل أساتذة الجامعة الذين تصادف وجودهم معنا في الغربة. حسنا تخيل معي أن بعض أفراد اليمين المتطرف في فرنسا قد هاجم هذا المقر الذي كنا نصلي به و أننا في فرنسا قمنا بمظاهرة احتجاجا علي هذا فخرجت الينا المدرعات الفرنسية لتدهسنا و تحطم رؤوسنا نحن الطلاب الأجانب (و لسنا مواطنين كاملي المواطنة و ربما كان معنا البعض ممن لا يملكون أوراق اقامة سليمة) تخيل معي ماذا كان يمكن أن يكون شعورك و شعور النخبة المسلمة المثقفة العاقلة و هل كانت ردود أفعالهم ستكون بهذه العقلانية القاتلة ؟ أم أن المظاهرات كانت ستجتاح العالم العربي. مهلا قليلا لا تتسرع بالقول أننا كمتظاهرين متحضرين في فرنسا لم نكن لنهاجم القوات المسلحة أو نعتدي عليها لان الشباب المسلم في فرنسا به الكثير من أبناء المهاجرين المندفعين الذين يتميزون بالعنف وقد سيق لهم مهاجمة الشرطة الفرنسية. ......
حسنا ... هل هذا دفاع عن الأقباط في مصر ؟؟؟ كلا ياسيدي انه دفاع عن الاسلام و علاج للمسلمين
حين يصير التعاطف مقرونا بنوع الضحية ... لونها ... دينها ... مستواها الاجتماعي أو الثقافي .... أو غير ذلك فاعلم أن القيمة في خطر و أننا كمسلمين نعاني خللا عظيما في المستوي القيمي هل نحن كمسلمين ننتصر لأنفسنا أم لقيم الاسلام ؟؟!! اننا نؤمن بوجوب نصرة المظلوم و محاربة الظالم. حين تتحول هذه القيمة العظيمة الي نصرة المظلوم المسلم فقط و عدم التعاطف مع المظلوم غير المسلم فهي العصبية القبلية المتسترة برداء الدين. عندما نتخلي عن نصرة المظلوم المسيحي بدعوي عدم الولاية بينما نحن نغمض أعيننا عن التبعية الكاملة من دول تدعي أنها اسلامية لأمريكا مثلا فهذه هي العصبية بعينها او هو انحراف في الفهم و النظر. أتفهم أن أن يكون انفعالنا مع الأحداث القريبة منا أشد من انفعالنا مع الأحداث البعيدة عنا رغم أن الظلم هو الظلم الا أن ما حدث كان شديد القرب منا . أتفهم أيضا التعاطف مع رجال الجيش و أنا أيضا شديد التعاطف مع الجنود المساكين الذين تواجدوا في هذا الموقف العصيب و لكنني لا أستطيع تفهم أو تقبل التقليل من شأن ما حدث والانشغال عنه بمناقشة مخالفة أو تصريح غير موجود. تصريح من أجل الصلاة !!؟؟ فلتكن صلاتهم باطلة يا سيدي انها في النهاية صلاة و من عجب انها لنفس الاله الذي نعبده . انه ليس تصريحا من أجل كباريه أو دار للدعارة ؟؟!! اذا نظرت حولك فستجد مئات المباني المخالفة و عشرات المقاهي التي تحتل أرض الشارع بلا تصاريح و لا يعبأ بها أحد أو يحرك لها ساكنا. ان الاندفاع الاعلامي و اندفاع بعض الجماهير نحو الحرب و القتل علي الهوية هو كارثة بمعني الكلمة و لولا رد الفعل الفوري و الحاسم لرجال مثل الدكتور العوا أو ابو الفتوح و شهادتهم المسئولة اضافة الي الوعي الشعبي الفطري لكانت حرب اهلية. يالرغم من ان ما حدث لم يكن فتنة طائفية كما قلت قبلا و انما كان صورة من صور الاستبداد العنيف المدعم بالتحريض الا أنه قد أظهر بذورا للفتنة نائمة قابلة للاشتعال في أي وقت أظهر عوارا في فهمنا و احساسنا بقيم ديننا الحنيف وقد حان وقت استئصال هذه البذور و اصلاح ذلك العوار.
أيها المسلمون احذروا أن تكون قيمكم مطية لرغباتكم احذروا السقوط في فخ العصبية القبلية ... دعوها فانها نتنة.

https://www.facebook.com/notes/diaa-...24995654227838

A Time To Kill Closing Arguement - YouTube