طبعا كلنا تقريبا عارفين ان النهاردة كان اليوم المحدد للتواجد مع الأطفال مرضى الأورام بالقصر العيني و للي مش عارف الموضوع ممكن يرجع للينك ده http://www.nilemotors.net/Nile/showthread.php?t=29495

دي مش أول مرة بالنسبة لي أحضر اليوم ده في نفس المكان.. آخر مرة كانت من سنة تقريبا و شفت فيها بعض الوجوه المألوفة.. منهم اللي اتحسن كتير بفضل الله عن السنة اللي فاتت و منهم اللي توفاه الله و منهم اللي حالتهم بتسوء.. ربنا يعفي عنهم يا رب.

اليوم فضل النهاردة ماشي عادي لحد ما بدأت فقرة التلوين.. كل متطوع المفروض انه ياخد مجموعة من الأطفال و يقعد يلون معاهم اللوحات المرسومة و في الآخر الأطفال ياخدوا صورة مع اللوحة بعد ما أتلونت و معاهم المشرف. و انا بالف بين الأطفال و اشوف حد محتاج حاجة لقيت بنت قاعدة على كرسي متحرك و في إيدها اللوحة و الألوان بس مش متحمسة لإنها تلون.. سألتها مش بتلوني ليه قالت لي كلام ما فهمتش منه اي حاجة بس بدأت أشجعها على انها تبدأ تلون و فعلا لونت اللوحة كلها و سألتها اسمك ايه قالت لي شيماء.. قعدت انا مع شيماء حوالي ساعة نلون و نرسم لحد ما جت فقرة الصلصال مامتها جت كملت معاها و انا قمت اعمل حاجات تانية.

و انا باسلم شيماء لمامتها شبهت على مامتها اوي و افتكرت اني فعلا شفتها في المكان ده قبل كده و لاحظت كمان ان شيماء رجلها التانية مش موجودة.. حاولت أربط في دماغي مالقتش رابط اوي.. رحت للدكتورة اللي منظمة اليوم و سألتها عن حالة شيماء قالت لي انها حالتها متأخرة اوي و اضطروا يبتروا رجلها بس دلوقتي الورم وصل للنخاع فمش نافع معاه علاج.. قلت لها هي شيماء دي احنا قابلناها السنة اللي فاتت؟ قالت لي آه بس كانت حالتها احسن من كده بكتير و كانت بتمشي على عكاز.. انا بأه ساعتها كل الخيوط اتربطت ببعضها في دماغي و افتكرتها..

شيماء السنة اللي فاتت كانت بنت قمر زي البدر.. عينيها خضرا و وشها مدور و كانت كلبوظة شوية.. وقت الدي جي السنة اللي فاتت قامت و شقت الصفوف و اتكأت على عكاز و سندت التاني بكوعها و رقصت على شخبط شخابيط.. رقصت و هي في الحالة دي و كلنا عينينا دمعت من التأثر.. البنت مريضة و ماشية على عكازين انما زي أي طفلة عايزة تفرح و تنبسط مع الأطفال.. كانت بتضحك و مبسوطة ان الناس وسعت لها الدايرة و كانوا بيسقفوا لها.. كانت بتقوم و تقعد على عكاز آه بس كانت بتتحرك.. انما اللي شفتها النهاردة دي مستحيل تكون شيماء.. انا قعدت معاها ساعة و معرفتهاش.. مع اني من الناس اللي بتحفظ الوجوه جدا من أول مرة.. انما دي مافيهاش حاجة من شيماء.. النهاردة اللي شفتها دي بنت حزينة كسيرة الخاطر.. خلقها ضيق و مش بتبتسم لما حد يهزر معاها.. خاسة جدا لدرجة النشفان.. عينيها اللي كانت خضرا و بتلمع من الشقاوة و الرغبة في الحياة بريقها انطفى و عين منهم نصف مقفولة.. انا أخدت لها صورة مع الرسمة بتاعتها.. لما هي شافت صورتها قامت بعدتها بإيدها بحزن.. ساعتها ما كنتش فاهمة.. ما كتش عارفة أد ايه هي كانت جميلة و كلها حيوية.. ما صدقتش ان هي دي شيماء اللي صورتها فيديو بموبايلي السنة اللي فاتت هي هي شيماء اللي قصادي دي إلا لما جبت الدكتورة هبة من إيدها و وريتهالها.. هي دي يا هبة؟ قالت لي هي دي.. و طبعا اتأكدت انها هي لما افتكرت مامتها.. أصل شيماء شبه مامتها اوي.. أقصد كانت شبهها لما كانت شيماء بتاعة السنة اللي فاتت.

اللي نكد علية بأه زيادة هو وقت الدي جي النهاردة.. البنت قاعدة تتفرج على العيال و همه بيطنططوا مع العرايس و يرقصوا على الأغاني و تعيط.. انا كنت عايزة أطلعها فوق في الوقت ده بس مامتها قالت لي هي عايزة تقعد تتفرج.. انما انا طبعا اختفيت ساعتها من المكان خالص لحد ما الدي جيه خلص.. لسه فاكراها كويس و هي بترقص بالعكاز و كإنه امبارح.. و النهاردة هي نفسها تقوم معاهم بس مش قادرة.

معلش يا جماعة نكدت عليكوا، انما الموضوع موجع اوي و النهاردة حسيت أد ايه احنا متمرمغين في نعم ربنا و مش حاسين.. أد ايه احنا متدلعين اوي و مرفهين اوي و ممكن حاجة هايفة تنكد علينا عيشتا و مهموين اوي بهموم شخصية تبان فعلا عبيطة قدام اللي شفته النهاردة.

يا رب اللهم لا تحرمنا من نعمتك..
يا رب اللهم ارزقنا شكر نعمتك..
اللهم اعف عن شيماء و اللي زيها
اللهم اعف عن شيماء
اللهم اعف عن شيماء
اللهم اعف عن شيماء.