الازمة المالية العالمية و النقل البحري
في بداية الثمانينات من القرن الماضي بدأت بوادر ازمة في كافة قطاعات النقل البحري حيث انخفضت اسعار نولون الشحن و انخفضت التعاقدات مع الترسانات الكبري في اوروبا و امريكا لبناء سفن جديدة حيث كانت معظم وحدات الاسطول العالمي في تلك الفترة حديثة البناء خاصة مع ظهور نوعيات جديدة من السفن في السبعينات مثل ناقلات الحاويات و سفن الصب العملاقة .
و لكن فجأة تتخذ الولايات المتحدة قرارا منفردا دون موافقة أو اجماع الدول البحرية الاعضاء بالمنظمة البحرية الدولية بعدم السماح لناقلات البترول بدخول مياهها الاقليمية الا اذا توافرت فيها مواصفات خاصة ( مايعرف بالبدن المزدوج و القاع المزدوج Double Hull & Double Bottom ) و كانت النتيجة اتجاه ملاك السفن الي تعاقدات جديدة لبناء سفن جديدة تفي بمتطلبات خفر السواحل الامريكي أو تعديل السفن القائمة
و في بداية التسعينات بدات بعض الدول الاوروبية و دول الخليج العربي و دول شرق أسيا في اكبر عملية احلال و تجديد لاساطيلها فشهدت الدول التي بها ترسانات بحرية - خاصة الدول الاسيوية و تحديدا كوريا و الصين - أكبر معدلات النمو في هذا المجال و صاحب ذلك احداث سياسية مهمة اثرت سلبا علي النقل البحري و تحديدا بعد احداث سبتمبر و بدء الولايات المتحدة حربها علي الارهاب فأصبحت السفن هدفا لعمليات انتقامية مما ادي الي ارتفاع التأمين البحري و احجام ملاك السفن عن خطوط ملاحية لما تشهده من عمليات حربية و اعمال قرصنة فأرتفعت اسعار الشحن و ازداد الاقبال علي بناء السفن العملاقة فشهدت صناعة النقل البحري أزهي عصورها و لمدة حوالي 10 سنوات عاصرت خلالها في عملي العديد من التطورات التي سوف استكملها في حديث قادم بمشيئة الله تعالي
النقل البحري بين الاقتصاد و السياسة
استكمالا للموضوع الذي تحدثت عنه سابقا بخصوص النقل البحري , نجد ان هذه الصناعة العملاقة كما تؤثر في الاقتصاد العالمي فهي تتأثر به و ايضا تؤثر و تتأثر بالاحداث السياسية و العالمية, و نجد أن ذلك قد حدث علي النحو التالي و بترتيب الاحداث :
- عندما تم اغلاق قناة السويس نتيجة لحرب يونيو 1967 بدأ الاتجاه الي بناء السفن ذات الحمولات الكبيرة و خاصة ناقلات البترول لتعويض زيادة التكلفة الناتجة من طول مدد الابحار
- عندما ارتفعت اسعار البترول عام 1973 كان من الطبيعي ان تزداد تكلفة تشغيل السفن و خاصة العملاقة منها مما اثر علي أسعار الشحن فأزدادت اسعار المواد و السلع المنقولة بحرا
- في اعقاب حرب الخليج الاولي و بعد ان بدأ طرفا الحرب (العراق و ايران) في استهداف السفن بمنطقة الخليج ازداد التأمين البحري و احجمت العديد من السفن عن الابحار في تلك المنطقة باعتبارها منطقة عمليات حربية مما أثر علي اسعار تصدير البترول و ارتفاع تكاليف شحنه
- في بداية الثمانينات من القرن الماضي بدأت المنظمة البحرية الدولية في اتخاذ عدة قرارات و اصدار العديد من الاتفاقيات لتنظيم حركة الملاحة العالمية و زيادة معدلات الامان و الحد من التلوث البحري مما تتطلب اجراء اكبر عملية احلال و تجديد للاسطول العالمي تبعها طفرة مذهلة و نمو هائل لصناعة النقل البحري في تلك الفترة و لكن في المقابل شهد سوق العمل البحري ركودا و بطالة لم يسبق لها مثيل
- بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر تعرض النقل البحري لاكبر هزة عندما اعلنت الولايات المتحدة ان المنطقة من خليج عمان الي غرب الهند منطقة عمليات عسكرية فأرتفع التامين البحري و عادت اسعار الشحن للارتفاع مرة أخري و مع تعرض العالم لاكبر هزة اقتصادية في اعقاب سبتمبر تاثرت صناعة النقل البحري و توقفت طلبات بناء سفن جديدة و اقتصر عمل الترسانات العالمية علي العقود القديمة و بناء الوحدات الصغيرة التي تعمل في مجال الخدمات البترولية التي شهدت نمو كبير جذب العديد من العمالة البحرية تاركين العمل بالسفن الكبيرة لتبدأ أزمة اخري للنقل البحري في الاونة الاخيرة و هي نقص العمالة البحرية المدربة