السلام عليكم
سمعت جزءًا من خطبة الجمعة بالأمس كان يتكلم الإمام فيها عن عيد الأم وصراحة كلامه أقنعني أو قل زادني اقتناعا بعبثية الاحتفال بهذا اليوم فأحببت أن أنقله إليكم للمناقشة والفائدة
أصل عيد الأم
تكلم الإمام عن أن أصل الاحتفال بعيد الأم أتى من الغرب ولم يكن من عاداتنا يوما ؛ وسببه عندهم أن في الغرب يكثر السِفاح فالرجل يلقي بنطفة في رحم خليلته وصديقته ثم يهجرها فتحمل المرأة وتلد وتتكبد عناء تربية هذا الولد الذي لا يعرف أباه ولا يعرف شكله أصلا حتى إذا بلغ الولد ترك أمه واستقل بحياته ونسي هذه المرأة التي ربته وكبرته فمن هنا أتت فكرة: لماذا لا نجعل يوما واحدا في العام للاحتفال بهذه الأم ونأتي لها بالهدايا تقديرا وعرفانا بالجميل ثم إذا انتهى اليوم نرجع إلى حياتنا ومشاغلنا ونكون قد أدينا ما علينا تجاه أمهاتنا ؟ (هكذا يظنون).
والواضح في هذه الجزئية اختلاف هذه الثقافة جملة وتفصيلا عن ثقافتنا ، فـبر الأم لا يقتصر على يوم في العام وإنما يجب برها كل أيام العام كما أمرنا الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) كما أن حمل السفاح يكاد لا يوجد عندنا مقارنة بهم وبالتالي فالولد يعرف أباه وأمه ويتربى بينهما إلى أن يتزوج وقد تستمر ولايتهما عليه حتى بعد الزواج فلا يوجد لدينا هذا الاستقلال الكامل بمجرد البلوغ مثلهم.
أين الأب ؟!
انتقد الإمام الاحتفال بالأم فقط وتجاهل الأب الذي شقي وتعب وكدّ وعرق ، فتخيل نفسك كأب تجد أبناءك يحتفلون ويحتفون بأمهم تقديرا لجميلها وأنت تشاهدهم وكأنك لا تستحق عرفانا ولا جميلا ! ماذا سيكون موقفك ؟
وذكر الإمام أن بعض البلدان العربية تحتفل بهذا اليوم ولكن كيوم للأسرة وليس للأم فقط وتتبادل الأسرة كلها الهدايا ولا يتم تجاهل الأب - وهو الحق - فكما أن للأم حق علينا فالأب كذلك ، ومن الإجحاف والظلم تجاهل هذا الأب الذي كان له دورا هاما في وصول هؤلاء الأبناء إلى ما هم عليه الآن.
ماذا عن اليتامى ؟!
لم يتطرق الإمام إلى هذه النقطة لأنه كان يتكلم في عجالة ولكن جاء في ذهني صورة صبي أو فتاة توفت أمه وهو لا يزال صغيرا ويرى الناس كلها تستعد للاحتفال بهذا اليوم وتشتري الهدايا وتلتقي مع أمهاتها ويضحكون ويمرحون وهو شريدا وحيدا ليس له أم مثلهم يحتفل بها ، فما ذنب هذا المسكين البائس أن الله حرمه من أمه ؟ ما ذنبه أن يرى البهجة والسرور في هذا اليوم وهو إضافة إلى مصيبة فقد أمه فمصيبته الأخرى هي أنه لا يستطيع الاحتفال مثلهم في هذا اليوم بل هذا اليوم يذكره بأمه التي يفتقد حنانها وعطفها فيزداد بؤسا إلى بؤسه ؟؟
أرى أن هذه العادة الغربية دخيلة على ثقافتنا الشرقية الإسلامية وأننا نقلدها بلا تفكير في حين أن إسلامنا عظّم دور الأم وأمرنا بالإحسان إليها والاحتفاء والاحتفال بها بما لا يفعله الغربيون ، فمكانة الأم عندنا ليست يوما ثم 364 يوم هجران ونكير وإنما مكانتها والاحتفال بها والإحسان إليها يجب أن يكون كل يوم وكل ساعة وهذا لن يؤدي جزءًا من حقها علينا ولكننا نفعل ما بوسعنا والجزاء الأعظم عند الله تعالى ، كما أن الأب له واجب وحق علينا أيضا ويجب ألا نتجاهل حقه وألا تشغلنا طاعة أمنا عن حق أبينا ، فقد قرن الله تعالى بين الوالدين في كل آيات البر ولم يقتصر على الأم فقط فقال (وبالوالدين إحسانا) وقال (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) ، وأخيرا فإن انشغالنا بالاحتفال بهذا اليوم يتسبب في أذى كل شخص فقد أمه ويكسره ويحزنه فليس من الرحمة أن نحتفل بالأم وهناك أناس قد حرموا منها وليس لهم ذنب في ذلك إلا قضاء الله وقدره وحكمته.
والله تعالى أعلم