قرأت في جريدة الشرق الاوسط هذا الموضوع الشيق و اردت ان انقله الي حضراتكم

بعد السنوات الشاقة، والمكلفة، التي أمضتها الصين في بناء صناعة سيارات حديثة ومهيأة لمنافسة الصناعتين اليابانية والغربية، عادت اليوم إلى مناشدة مواطنيها التوقف عن شراء السيارات.
الصرخة الأولى في هذه المطالبة صدرت عن محافظ إحدى أكبر مدن الصين وأكثرها نموا، اقتصاديا واجتماعيا، مدينة شنزن، وعلى شكل نداء علني وجهه لأبناء مدينته خلال حفل عام في مبنى البلدية قال لهم فيه: "توقفوا عن شراء السيارات".

محافظ المدينة الواقعة شمال هونغ كونغ، والبالغ عدد سكانها العشرة ملايين نسمة، قال انه يوجه هذا النداء العاجل رغم علمه بأنه لا يملك، قانونيا، صلاحية منع الأهالي من شراء سيارات. لكنه أوضح أن المدينة تشكو من مستوى تلوث بيئي مرتفع ومن زحمة سير خانقة. مؤكدا أن حماس أبناء المدينة لاقتناء السيارات أصبح يفوق طاقتها على بناء طرق ومرائب جديدة لاستيعابها وبات يتسبب بحالات تلوث غير محتملة. نداء محافظ مدينة شنزن لا يكشف عن أزمة مدينته فحسب، بل عن الضغوط التي تتعرض لها حاليا كل المدن الصينية الكبرى، سواء على صعيد التلوث البيئي أم على صعيد اختناقات السير المزمنة.

وهذه الضغوط تزداد جديتها مع تحول الصين إلى ثاني أكبر منتج للسيارات في العالم بعد الولايات المتحدة. وأحدث القادمين إلى ساحة الإنتاج في الصين شركة هوندا اليابانية، التي أعلنت انها سوف تطور وتبيع سيارات بعلامات تجارية صينية في بر الصين الرئيسي بحلول عام 2010 على أقرب تقدير. وقالت هوندا، التي تعد أول شركة سيارات أجنبية تدخل عملية تصنيع وتسويق سيارات بعلامات تجارية صينية، إنها حصلت على موافقة السلطات الصينية للبدء في إنتاج المحركات.

وسوف يستثمر المشروع المشترك في الصين "قوانجشو هوندا أتوموبيل" حوالي 30 مليار ين (245.86 مليون دولار) لإنشاء شركة تابعة للتطوير والأبحاث وستكون مملوكة بالكامل له في إقليم غواندونغ.

بلغ عدد السيارات المصنوعة في الصين التي بيعت العام الماضي 4.3 مليون سيارة (من اصل 7.22 مليون سيارة من مختلف الأنواع)، وهذا الرقم ارتفع بنسبة 22 في المائة في النصف الأول من العام الحالي.

واستنادا إلى الإحصاءات الأخيرة، تبلغ نسبة الارتفاع السنوي لمبيعات السيارات الصينية 26 في المائة، وأعداد السيارات التي تسير حاليا في شوارع بكين تفوق أعداد مثيلاتها في لندن وضواحيها (لندن الكبرى).

تعيش الصين حاليا طفرة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخها. وبموازاة هذه الطفرة، سجلت الصين في السنوات القليلة المنصرمة قفزات ملموسة في تطوير صناعاتها الأساسية، لا سيما صناعة السيارات، وجعلت هذه الصناعة تتوسع في المحيط الآسيوي للصين. وأحدث تطور على هذا السياق كان إعلان إحدى شركات السيارات الصينية إقامة مصنع لتجميع السيارات في لاوس. واستنادا إلى ما ذكرته إذاعة فينتيان، سوف تبلغ كلفة هذا المشروع 80 مليون دولار وسيخصص لإنتاج سيارات للسوق المحلية وللتصدير أيضا إلى الأسواق الآسيوية المجاورة.

خطة الصين الخمسية الطموحة، التي أعلنت العام الماضي، قد تواجه الغرب بتحديات كبيرة. والتقدم التقني الذي تشهده الصين اليوم يمكن تلمس ملامحه في الأعداد الكبيرة من المهندسين الذين يتم تدريبهم سنويا، التي تفوق الـ 400 ألف مهندس.. الأمر الذي يوحي بأن المنافسة مع الغرب سوف تشتد خلال السنوات المقبلة، خصوصا في قطاع السيارات.

ورغم ان صناعة السيارات الغربية بدأت تتقبل منافسة الصناعة الصينية لها، خصوصا في قطاع السيارات الصغيرة والرخيصة الثمن ـ كما بدا من توقيع شركة كرايسلر الأميركية لاتفاق مع شركة "شيري أوتوموبيل" الصينية من أجل تطوير وتصنيع سيارات صغيرة ومتوسطة الحجم للسوقين الأميركية والأوروبية (وكانت شيري قد باعت خلال العام الماضي 300 ألف سيارة. ومن المتوقع أن تحقق خلال العام الحالي مبيعات قدرها 400 ألف سيارة)، فإن على صناعة السيارات الصينية أن تقطع شوطا طويلا لبلوغ المستويات التقنية التي تتمتع بها حاليا السيارات الغربية.

وعلى هذا الصعيد، يستشهد الاختصاصيون بحصول سيارة "بريليانس بي إس فايف"، وهي أول سيارة صينية من سيارات الصالون المعدة للأسواق الأوروبية، على تقديرات منخفضة للغاية في اختبارات التصادم الخاصة بسلامة الركاب الذي تجريه خمس روابط للسيارات، ففي اختبار التصادم من الأمام، أدى الاصطدام إلى انبعاج مقدمة السيارة إلى الداخل من جهة كرسي السائق لمسافة 20 سنتيمترا، كما أن التصادم أدى إلى إزاحة عجلة القيادة إلى أحد الجانبين ما جعل الوسادة الهوائية بلا جدوى مما قد يتسبب باصطدام السائق بقوة بلوحة أجهزة القياس المثبتة أمامه، وذلك وفقا لنتائج اختبار التصادم.

وقد أعلنت الشركة أنها ستدخل تحسينات على السيارة وانه سيكون بوسع الذين اشتروا السيارات الـ 350 التي طرحت من هذا الطراز في ألمانيا، استبدالها بالطراز المعدل.

لكن، رغم الشكوى العامة من تزايد أعداد السيارات في الصين نفسها، لا يبدو واردا أن تضع السلطات الصينية قيودا على إنتاج صناعة أنفقت عقودا طويلة على تنميتها، فصناعة السيارات باتت تشكل مصدر دخل كبيرا للبلاد وقطاعا واعدا في فرص العمل التي يؤمنها.

لذلك بات من المرجح أن تعمد الصين إلى مواجهة أزمتي التلوث والسير باعتماد أهون الشرين، أي تطوير شبكات النقل العامة بحيث تقلل اعتماد الصينيين على وسائل النقل الخاصة داخل المدن الكبرى، ومواجهة مشكلة المعدلات المرتفعة لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بالبدء بتطبيق مواصفات التصنيع الأوروبية لمحركات السيارات، قدر الإمكان، قبل موعد استضافتها للألعاب الاولمبية عام 2008.

لكن الخيار الأخير لا يأخذ في الاعتبار النوعية غير العالية للوقود في الصين، وشركات النفط تقدر أنها بحاجة إلى عدة سنوات، إضافة إلى استثمارات ضخمة، لكي تصبح قادرة على إنتاج وقود بنسبة كبريت متدنية بما فيه الكفاية لتسيير المحركات الجديدة المتطابقة مع المواصفات المحددة أوروبيا.
انتهي المقال
لكن هل ستفعلها الصين مثل شقيقتها الصغري كوريا الجنوبية و اختها اللدودة اليابان