اقتباس:
تشابكت الاطراف و اختلطت الاوراق و بالتالى احتاجت لفصل
الاخلاق جمع خلق و الخلق هو الطبع. . . عشان كده يقال فلان اخلاقه كويسة او اخلاقه سيئة يعنى طباعه. . . و هذه الاخلاق كأفكار فى ذهن الانسان تنعكس على تصرفات يمارسها الانسان فى مجتمعه تجعل المجتمع يؤيد نظرته له من حيث اخلاقه جيدة ام سيئة
طيب هل الاخلاق سابقة على الدين ام ان الدين هو منبع الاخلاق؟
نقطتين. . . الاولى ان الاخلاق صفات اجتماعية يتحلى بها الفرد و يتعامل بها مع افراد مجتمعه تجعل افراد هذا المجتمع اما يمتدحون خلقه او يذمونه. . . و بالتالى فالخلق و الاخلاق قرينة وجود البشر على الارض. . . و الدليل ان اول اتنين اخوة على الارض كان احدهما (حقودا) على اخيه و قتله بسبب هذا الحقد و الحسد
النقطة التانية هستعين لتوضيحها هنا بصديق اسمه جيمس هنرى بريستد. . . اللى كتب كتاب اسمه فجر الضمير رصد فيه التطور الخلقى فى الحضارة المصرية القديمة و انصح الجميع بقراءته لانه كتاب اكثر من رائع. . .
رصد ايه عمنا بريستد. . . رصد مثلا نصوص تعود للاسرة الرابعة يعنى بنتكلم على سنة تقريبا 2700 قبل الميلاد بتنهى الانسان عن اشتهاء زوجة جاره. . . رصد نصوص بتحض على الفضيلة و تمدح الخلق القويم. . . و رصد ايه كمان. . . رصد بعض قمم الرقى الخلقى لما يقول المتوفى اثناء محاكمته (اقسم انى لم الوث ماء النهر) و ده فى فصل اسمه فصل الاعتراف السلبى هو الفصل السادس من كتاب الموتى الفرعونى بينفى فيه المتوفى عن نفسه كل الموبقات اللى تخليه يدخل النار و كان لها مفهوم معين عند المصريين القدماء. . . للدرجة دى كان الرقى الاخلاقى بيعتبر مجرد تلويث ماء نهر النيل جريمة قد تطيح بفاعلها الى اسفل سافلين جهنم
من الاخر رصد كل تعاليم تحض على كل الاخلاقيات الحسنة التى تحض عليها الاديان كلها و رصد ايضا تحريم لكل الاخلاقيات السيئة. . . امتى الكلام ده. . . 1700 سنة قبل الديانة اليهودية. . . و 2700 سنة قبل المسيحية. . . و 3300 قبل الاسلام
يعنى ايه الكلام ده يعنى الفراعنة دول كانوا كلهم قديسين و اولياء. . . طبعا لأ. . . كانوا زيينا بالظبط. . . رغم كل التعاليم الراقية دى كان فى الممارسات الحياتية اللى كتير منها بيبقى نفعى. . . زى مثلا زواج الاخوة عند الملوك لضمان استمرار النسل الملكى رغم ان ده ما كانش معروف عند عامة الشعب لكن المصلحة اقتضت كده لفئة معينة. . . و زى كمان ما كانت الاخلاق الزبالة من اسنغلال و جشع و كذب و غيره بتسود وقت اضمحلال الدولة و دى فترات معروفة فى التاريخ المصرى القديم و تم رصد نصوص تؤرخ لاضمحلال الاخلاق فيها ايضا
اذن الاخلاق قديمة قدم البشرية و كلما اتى دين من الاديان قام بالحض على الفضائل و النهى عن الرذائل المعروفة فى عصره. . . دى كل الحكاية. . . و كل ما بتظهر ممارسات انسانية و الناس تبقى مش متأكدة من كونها صواب اخلاقيا ام خطأ بيرجعوا للدين عشان يعطى الاطار العام للسلوك عن طريق التنظير
نرجع لنقطة تانية. . . حكاية الانفصال (و ليس الفصل) بين الاخلاق و الدين. . . هل ده عادى و طبيعى؟ هقول هو المفروض انه مش عادى و مش طبيعى لكنه ممكن و بيحصل و ممكن يبقى سائد كمان. . . و الدليل واقعنا المرير من ملايين بتروح المساجد و الكنائس لكن لا يوجد اثر للممارسات الدينية دى فى تصرفات الناس الحياتية الا فيما اصبح نادرا. . . و ايضا وجود مجتمعات كاملة تكاد تكون لا دينية لكن تسود فيها اخلاق جيدة. . . يعنى امريكا مثلا الكذب فيها من الكبائر و اللى بينكشف كذبه يبقى اتجرس و ضاعت سمعته على عكس الممارسات الزوجية خارج اطار الزواج مش مستهجنة رغم انها من الكبائر عندنا احنا دينيا و ايضا اجتماعيا رغم ان الكذب عندنا احنا عادى جدا رغم ان كل الديانات بتحرمه. . . اذن المسألة مسألة تطبيق او عدم تطبيق لاخلاقيات يتعارف المجتمع على قبولها او رفضها مع وجود داعم دينى احيانا او عدم وجوده فى احيان اخرى و فى هذه الحالة نبحث عنه
اخيرا و عود على بدء. . . عنوان الموضوع و هل شعبنا متدين بطبعه ام لا. . . بناء على كل ما سبق. . . المصرى متعود على توقير الدين و رجاله و ده لان الدين فى نفوس الناس له مكانة كبيرة و تاريخنا مليان قصص ناس استشهدت عشان دينها و دى قمة العطاء ان الانسان يبذل حياته دفاعا عن شئ. . . المصرى كمان بشكل عام يواظب على ممارسة شعائر دينه وده واضح من الملايين اللى بتروح الجوامع و الكنايس كل يوم جمعة و احد و المصرى كمان حريص على مظاهر التدين و حريص على اظهار الحاجات اللى تخليه يبان متدين قدام باقى افراد مجتمعه . . . طيب هل ممارسة الشعائر دى لها انعكاس ايجابى على اخلاقيات المصريين . . . ده مربط الفرس لان هنا الاجابة تأتى بالسلب و ده اسبابه كتير و كلها اسباب اجتماعية اسهب بعض المشاركين فى الموضوع فى شرحها
نقطة اخيرة بس عن العبارة دى. . . ان المصرى متدين بطبعه. . . العبارة دى اصبحت سيئة السمعة عند الكل بسبب سوء الاستخدام. . . استخدمها الناس خطأ للحصول على احساس خاطئ بتفخيم الذات الجمعية للمجتمع و ان احنا ميت فل و اربعتاشر رغم ان كلنا بنشتكى فى حياتنا اليومية من ممارسات زى الزفت
و اساء استخدامها كمان الحكام اللى كان من مصلحة بعضهم انه يأكد الشعور ده لدى عامة الناس و تدعيم الاحساس النفسى بالتعويض عن جودة حياتهم quality of life اللى زى الزفت عشان عامة الناس متلتفتش للحكام و تلومهم على معاناتهم. . . كما استغلها البعض الاخر من الحكام عشان (يبيع) نفسه و بضاعته لدى الناس عشان يجيبوه للحكم بسبب قناع التدين لكن مع الامتحان سقط القناع و ظهرت نوعية الاخلاق الحقيقية
ادى كل الحكاية
يعني برضه هي القصه كلها تقديس ..مش أكتر ..لكن للأسف ..مفيش التزام بالدين