مولد أبو حصيرة..عربدة يهودية أم حرية الدينية؟



11/19/2008 11:22:00 PM
خاص ـ أحمد الدسوقي - من يرفع الحصار عن شعب قرية دمتيوه؟ ..من يحمي الغلابة من وجع الدماغ وقرف اليهود؟ متى يسدل الستار عن مهزلة أبو حصيرة ومولده الهزلي؟
فمع إطلالة شهر ديسمبر من كل عام يهل علينا الضيف الثقيل علي القلب وتتجه الأنظار إلي محافظة البحيرة حيث يأتي الإسرائيليون من كل حدب وصوب يذبحون الخنازير ويشربون الخمر ويمارسون ممارسات لا أخلاقية أصابت أعالي القرية البسطاء بالسخط حتي بات دعائهم اليومي أن يخلصهم الله من أبو حصيرة ومريديه .
وبالرغم من صدور العديد من الأحكام القضائية التي تقضي بإلغاء الاحتفال السيئ إلا ان الحكومة ضربت بها عرض الحائط خوفا من " زعل " اسرائيل اما زعل الغلابة فيهون عشان خاطر إسرائيل.
ولم ييأس الرافضين لوجود أبو حصيرة على الأرض المصرية، وتعددت أساليب الرفض والتي كان آخرها قيام مجموعة من الشباب بإطلاق مدونة «ضد أبو حصيرة » وقاموا من خلالها بدق طبول المعركة للعام الثاني على التوالي أملا في أن تستجيب الحكومة لمطالبهم مؤكدين إن المدونة ولدت لتكون أداة لرفض ما يسمي بمولد أبو حصيرة واحترام أحكام القضاء المصري وحتي يحدث ذلك نتمنى أن تعيش المدونة حتي ذاك اليوم وتكون لبنة في مسيرة تحقيق هذا الهدف المنشود.
اهالي القرية جددوا رفضهم استمرار المهزلة علي أراضيهم مؤكدا أن فترة الاحتفالية تعتبر أيام حداد بالقرية وكابوس جاثم علي قلبها حيث نعد الأيام والليالي من اجل أن يرحل هؤلاء الضيوف غير المرحب بهم عن أراضيهم خاصة وان أن هناك مضايقات أمنية وإجراءات روتينية كثيرة تعرض لها أبناء القرية، لدرجة أن المواصلات تصاب بالشلل بسبب شرطة المرور التي تغلق الطرق وتقوم بتفتيش دقيق لكل «نملة » وليست سيارة فقط!.
ولكن ما هي قصة أبو حصيرة ؟
البداية تعود إلي عام 1978 عقب توقيع "اتفاق كامب ديفيد" حيث بدأ الإسرائيليون يطلبون رسميًا تنظيم رحلات دينية إلى قرية "دميتوه" الشهيرة الواقعة في محافظة البحيرة شمال مصر للاحتفال بمولد أبي حصيرة المزعوم أنه "رجل البركات"، و الذي يستمر قرابة 15 يومًا بين 26 ديسمبر وحتي أول فبراير من كل عام.

وبدأت أعداد الزائرين تتزايد من بضع عشرات إلى بضع مئات ثم بالآلاف يفدون كل عام من إسرائيل وأمريكا وبعض الدول الأخرى، حتى بلغ عددهم في احدي السنوات قرابة أربعة آلاف، برغم احتجاجات الأهالي على تصرفات الزوار الصهاينة، وتحويلهم حياة الفلاحين في هذه القرية إلى جحيم، بسبب إجراءات القرية إلى مدينة مغلقة بسبب إجراءات الأمن المصرية المكثفة لحماية الزوار.
يبدأ الاحتفال غالبا يوم 25 ديسمبر فوق رأس أبي حصيرة، حيث يُقام مزاد على مفتاح مقبرته، يليها عمليات شرب الخمور أو سكبها فوق المقبرة ولعقها بعد ذلك، وذبح تضحيات غالبًا ما تكون خرافًا أو خنازير وشي اللحوم، والرقص على بعض الأنغام اليهودية بشكل هستيري وهم شبه عرايا بعد أن يشقوا ملابسهم، وذكر بعض الأدعية والتوسلات إلى البكاء بحرقة أمام القبر، وضرب الرؤوس في جدار المبكى للتبرك وطلب الحاجات، وحركات أخرى غير أخلاقية.
وشهدت المقبرة بعض التوسع مع تزايد عدد القادمين، وتم كسوة الضريح بالرخام، والرسوم الهودية، لاسيما عند مدخل القبر، ثم بدأ ضم بعض الأراضي حوله وبناء سور، ثم قيام منشآت أشبه بالاستراحات، وهي عبارة عن غرف مجهزة، واتسعت المقبرة من مساحة 350 مترًا مربعًا إلى 8400 متر مربع وقد سعوا أيضًا إلى شراء خمسة أفدنة مجاورة للمقبرة بهدف إقامة فندق عليها؛ لينام فيه الصهاينة خلال فترة المولد.

وبدأت التبرعات الصهيونية تنهال لتوسيعها وتحويلها إلى مبكى جديد لليهود الطالبين الشفاء أو العلاج من مرض، حتى أن حكومة تل أبيب قدمت معونة مالية للحكومة المصرية طالبة إنشاء جسر يربط القرية، التي يوجد بها الضريح بطريق علوي موصل إلى مدينة دمنهور القريبة، حتى يتيسر وصول الصهاينة إليها، وأطلقوا على الجسر أيضًا اسم أبو حصيرة، ومع الوقت تحول أبو حصيرة إلى مسمار جحا للصهاينة وحكومتهم في مصر.

فيما يحرص الإسرائيليون على لفت الأنظار إليهم، وتضخيم الاحتفال إلى درجة استقدام طائرة خاصة إلى مطار الإسكندرية تحمل وفدًا كبيرًا من حاخامات الصهاينة، ومعهم أحيانا وزير الأديان والعمل، وأعضاء من "الكنيست".
وفي قرار سري أصدره وزير الثقافة فاروق رقم 75 لسنة 2001م يقضي بضم مقبرة أبو حصيرة التي يزورها بعض الصهاينة إلى هيئة الآثار المصرية الأمر الذي يعني حق لصهاينة العالم في القدوم إليه كل لحظة وبرر الوزير القرار بأنه سيؤدي في النهاية إلى إلغاء الاحتفال بمولد أبو حصيرة للأبد!.
وبتاريخ 9/12/ 2001م أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية دائرة "البحيرة" حيثيات الحكم بوقف قرار وزير الثقافة باعتبار ضريح أبو حصيرة والمقابر التي حوله بقرية دميتوه بدمنهور من الآثار الإسلامية والقبطية ووقف الاحتفالية السنوية لمولد أبو حصيرة.
وبتاريخ أكتوبر 2004 يخرج وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم بطلب غريب من نظيره المصري أحمد أبو الغيط خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في القدس المحتلة، يدعو فيه مصر بالعمل على رفع قراراها السابق بشأن منع الصهاينة من زيارة ضريح أبو حصيرة، حيث كانت مصر قد أصدرت قراراً سابقاً بأن لا تزيد الاحتفالات الصهيونية وعمليات التأبين للحاخام المزعوم عن 75 شخصاً.
وكان القرار رداً على المجازر الصهيونية في الأراضي الفلسطينية، فيما طالب الوزير المصري من نظيره الإسرائيلي بأن يتم العمل على التوصل لنقطة اتفاق حول هذا الأمر عن طريق الطائفة اليهودية في مصر.
وجدد الوزير نفسه في عام 2005 طلبه من أبو الغيط بالسماح بترميم مقبرة أبو حصيرة وزيادة عدد التأشيرات الممنوحة للاسرائيلين بهدف زيارة المقبرة، مقابل تنفيذ إسرائيل للطلب المصري الخاص بإجراء عمليات الترميم اللازمة لدير السلطان بالقدس.