أحمد أبو دوح: العرب
تكافح روسيا من أجل ضمان نفوذ لها في مستقبل سوريا إذا ما سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بصورة مفاجئة كما بات متوقعا على نطاق واسع.
ولا تملك موسكو قدرة تحريك أي فصائل طائفية أو مجموعات إثنية سورية من أجل ضمان مصالحها، في ظل الفوضى التي تجتاح البلاد وعجز النظام السوري، حليف روسيا الوحيد، على استعادة الأراضي التي تسيطر عليها فصائل المعارضة.
وبدأت تقارير غير مؤكدة عن وجود قوات روسية على الأراضي السورية بالانتشار كالنار في الهشيم خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما عزز الشكوك حول رغبة موسكو المستمرة في التعويل على الأسد، وإن كان هناك اقتناع دولي بأن سقوطه أضحى مسألة وقت.
وبالأمس، قالت مصادر لبنانية مطلعة على التطورات السياسية والعسكرية في سوريا لوكالة أنباء رويترز إن قوات روسية شاركت في عمليات عسكرية في سوريا. وقال أحد المصادر إن المشاركة الروسية حتى الآن هي “بأعداد صغيرة، والقوات كبيرة العدد لم تشارك بعد”.
لكن الباحثة في الشؤون الروسية ماريا دوبوفيكوفا قالت لـ”العرب” إنه ليس منطقيا أن تشارك روسيا في القتال بقوات برية كبيرة إلى جانب قوات النظام السوري”.
وأضافت إن “عدد الحمولات العسكرية الجوية المتجهة جنوب مضيق البسفور لم يزد عن العدد الطبيعي، وهو ما يفسر أن الجنود الروس هم خبراء عسكريون لمساعدة السوريين على استخدام وتشغيل الأسلحة الروسية”.
وتخشى روسيا من أن تتمكن القوى الدولية من التوصل إلى اتفاق نهائي يكون رحيل الأسد أحد بنوده، ومن ثم تجد نفسها مضطرة إلى الجلوس في مقعد المتفرجين على الترتيبات الانتقالية التي ستتبع رحيله، وستكون إيران والغرب في القلب منها.
ولا تريد موسكو، التي شكلت منذ خمسينات القرن الماضي أحد أهم حلفاء نظام حزب البعث بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار، أن تجد نفسها خارج منطقة البحر المتوسط خالية الوفاض، بعدما انتهى عقد تأجير قاعدة بحرية كانت تطل منها على ما تعتبره المياه الدافئة في قبرص.
وستكون إيران إحدى القوى المؤثرة بشكل كبير في أي ترتيبات انتقالية، كما ستلعب السعودية وتركيا أدوارا أوسع في تحديد ملامح مراكز القوى الجديدة في دمشق، ولن تكون الولايات المتحدة بعيدة أيضا عن توجيه دفة الأحداث عبر محاربة تنظيم داعش الذي بات يسيطر على أكثر من نصف إجمالي الأراضي السورية.
وحينها لن يتبقى تأثير كاف قد يمكن روسيا من ضمان مصالحها. وليس أمام موسكو من أجل تفادي ذلك سوى توسيع وجودها العسكري على الأرض بحجة مقاتلة المتشددين الإسلاميين.
وقالت دوبوفيكوفا لـ”العرب” إن “أي قوات روسية ستكون فقط لضمان حل السوريين مشاكلهم الداخلية في إطار يحافظ على مؤسسات الدولة ويمنع انهيارها المفاجئ لأن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى احتلال داعش لدمشق”.
ويصر الناشطون السوريون على أن أي تكثيف للتواجد العسكري الروسي في سوريا يعني فشل قوات النظام السوري وميليشيا حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية الأخرى القادمة من العراق وأواسط آسيا على وقف تقدم فصائل المعارضة المسلحة، التي تمكنت أمس من طرد النظام من مطار أبوالظهور العسكري آخر معاقله في محافظة إدلب.
الجنود الروس هم لضمان نفوذ موسكو في سوريا ما بعد الأسد
المفضلات