محمد المعتصم - ولاد البلد - عشرينات - 27/8/2007





يمتلك المهندس "يحيي حسين" قدرا كبيرا من القدرة علي المواجهة والمكاشفة جعلته يقف في وجه بيع عمر أفندي بكل صلابة، وهو ما شجعه لإطلاق الحركة الشعبية لمقاومة بيع مصر "لا لبيع مصر" التي اجتذبت ساسة ونواباً وأدباء..

ومع استمرار عملية البيع لكل ما يحمل صفة القطاع العام والتي كان أخرها بيع بنك القاهرة، وجه الرجل دعوة لكل من يضع أمواله فيه أن يسحبها ويضعها في بنك مصر أو البنك الأهلي المصري علي اعتبار أنهما البنكين الوطنيين الوحيدين..
- السؤال المثار دائما يتعلق بحصيلة الخصخصة .. فكم تبلغ حقيقةً؟
لا أحد يعلم حقيقة الرقم الذي حصلت عليه الدولة من جراء بيع شركات ومصانع القطاع العام حتي الآن خاصة بعد تضارب الأرقام التي قالها وزير الاستثمار والأرقام التي قالها وزير المالية، علاوة علي رقم ثالث أعلن عنه الجهاز المركزي للمحاسبات ليصبح لدينا ثلاثة أرقام، لكن الرقم شبة المؤكد هو 35 مليار جنيه، لكن لي تعليق صغير علي الرقم وهو أنه حتي الآن لم يحاول أحد الإجابة علي السؤالين التاليين..الأول هو أين ذهبت حصيلة البيع؟ فعلي مدي 15 سنة بعنا شركات ومصانع بـ 35 مليار فأين ذهبت هذه المليارات.. السؤال الثاني هو إذا كانت الـ 35 مليار جنيه هي المبالغ الفعلية التي باعت به الدولة شركاتها ومصانعها واستلمتها فما هي حقيقة المليارات التي لم تتسلمها الدولة وتركتها؟
- نبدأ بالسؤال الأول.. أين ذهبت هذه الأموال ؟
مبدئيا يمكن القول بأن مجرد التضارب في الأرقام التي طرحها وزير الاستثمار وأرقام وزير المالية وأرقام الجهاز المركزي للمحاسبات يدل علي سهولة تلفيق تلك الأرقام بحيث لا تكتشف الحقيقة إلا بعد زوال المسئول.. أما أين ذهبت تلك الأموال فهي – للأسف – ذهبت لـ"تمويل الإنفاق الجاري في الموازنة العامة" والإنفاق الجاري ده من الممكن أن يكون بناء معتقل أو سجن!

في بداية برنامج الخصخصة أوهم المسئولين – علي أعلى مستوي – الشعب أنهم هيبيعوا الشركات الخسرانة وبثمنها سيتم هيكلة وتطوير الشركات الاستراتيجية لكي يزيد إنتاجها، لكن ما حدث هو أنهم باعوا الشركات والمصانع التي تحقق أرباحا وثمن البيع لم يذهب لتطوير أي شيء وإنما أخذوه ووضعوه في الموازنة العامة تحت الإنفاق الحكومي، ولهذا يمكن أن نقول ونحن مطمئنون إلي أننا بعنا المصانع لنبني سجونا أو بعنا المصانع لنبني جراجات ونهدمها أو نستورد عصا مكهربة للأمن المركزي أو أدوات تعذيب.
- هذا عن السؤال الأول.. ماذا تقصد بالأموال التي لم تجيء؟
قبل بدء برنامج الخصخصة تم التعاقد مع العديد من المكاتب الاستشارية سواء أجنبية أو مصرية لتقييم 317 شركة تتبع شركات قطاع الاعمال التي تحولت إلى قانون قطاع الاعمال وتراوحت التقييمات في بداية التسعينات ما بين 100 مليار كحد ادني و500 مليار جنيه كحد أقصي .. وبالمناسبة الـ500 مليار جنية رقم رسمي وفقا لتصريح وكيل أول بنك الاستثمار القومي وهو موظف حكومي، وإذا اعتبرنا الـ 500 مليار به قدر من المبالغة والـ 100 مليار به قدر من الاجحاف – لأن من ذكره مكاتب لها مصالح في البيع – فإننا نرتاح إلى تقييم متوسط في حدود 300 مليار ثمن الـ317 شركة .. إذا كان ما بيع في 15 سنة أكثر من نصفها الرابح فنحن نتكلم عن 200 مليار جنية أخذت منها الدولة 35 مليار فقط وبقي 165 مليار جنية لا أحد يعلم عنها شيئا.
- الرقم ضخم كيف لا نعرف أين ذهب ولا كيف ضاع ؟
الـ 165 مليار ذهبت إلى جيوب المشترين الذين اشتروا هذه الشركات بأقل من قيمتها وذهبت الي جيوب السماسرة وعديمي الضمير ممن قاموا بتقييم الشركات بأقل من قيمتها.
- بمعنى؟
أضرب لك مثالين.. الأول ما حدث في شركة المراجل البخارية التي كان يترأس مجلس ادارتها عبد الوهاب الحباك، تم تقييمها ووافقت عليها الجمعية العمومية بمبلغ يتراوح ما بين 16 إلى 24 مليون، ثم قاموا ببيعها بـ17 مليون علي أساس أن 11 مليون قيمت الشركة و6 مليون قيمة ما بها!!

أما الجهة التي اشترت الشركة "أمريكية - كندية" قامت ببيع الأرض التي تقع في منيل شيحة بمبلغ 131 مليون دولار أي أن البيعة خسرانه 114 مليون دولار في سعر قطعة الأرض فقط، طبعا بخلاف أن الشركة الأمريكية الكندية خربت المصنع وقالت مصر مش محتاجة مراجل ولو عايزة نجيبلها من أمريكا ولا كندا!
- والثاني؟
ما حدث بشركة بيبسي كولا التي بيعت بما يوازي 52 مليون دولار وقيل أن سبب الموافقة علي العرض هو أن حق الإدارة للشريك المصري بقيمة 49 % والسعودي 49 % والشركة العالمية 2% المهم أن رجل الأعمال المصري باع للشريك السعودي 21 % فأصبح يملك 70 % وله حق الإدارة، بعدها بأربع سنوات اشترت بيبسي كولا 77 % من الاسهم بـ 400 مليون دولار، 10 أضعاف في خمس سنين يعني لا تقولي ريان ولا سعد .. فيه مشروع في الدنيا يتضاعف 10 مرات مع العلم أن أحد المسئولين السابقين قال وحذر من أن الـ 52 مليون دولار تساوي ثمن مصنعي المنيا وبورسعيد وهما ضمن 8 مصانع وقطعة أرض متميزة بمصطفي كامل بالاسكندرية وقطعة أخرى في الهرم.
- ولماذا لم يحاسب أحد على هذه الفضائح؟
ومن الذي يحاسب .. لن يحاسب أحدا وما حدث حدث، هل تتخيل أنه منذ عامين بيعت إحدى شركات الزيوت والتي تتكون من 4 مصانع بـ 56 مليون جنية ومن شهرين حدث اضراب في أحد المصانع الأربعة .. وقال العمال أن المالك قرر تخريب الماكينات التي تنتج الزيت والأعلاف وسيبيع الأرض بحوالي 200 مليون جنية – لاحظ أن المصانع الأربعة بيعت بـ 56 مليون وهاهي أرض مصنع واحد بـ200 مليون – وتدخلت الوزيرة عائشة عبدالهادي واتصلت ببرنامج 90 دقيقة الذي كان يتحدث عن الواقعة وقالت أن "العمال بيبالغوا شوية في المبلغ" وقالت أنها توصلت لحل مع المالك أنه يوفر أتوبيس مكيف لنقل العمال إلى مصنع البدرشين وسيزود العمال 50 جنية في الشهر.. ألم تلاحظ أن من تدخل هي عائشة عبد الهادي وليس وزير الاستثمار.. وتمت البيعة بعدها بشهرين بـ154 مليون جنية دون أن يحاسب أحد وزير الاستثمار ولا من قام بالتفاوض ولا من قام بالتقييم بهذا الثمن البخس.

موقف أخير أحب أشير إليه، عند افتتاح كوبري قليوب الجديد مؤخرا علّق محمود محي الدين لافتة كبيرة في أول الكوبري تقول "برنامج الاستفادة من عائد برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة" شوفتوا اسم الدلع بتاع الخصخصة؟!


-------------------------------------------------------