المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.أحمد سمير
تجربتي الشخصية في الجيش كانت فريدة بشكل كبير ..
وبغض النظر عن مكانها أو كيفيتها لأني تنقلت بين مجموعة من الأماكن
إلا أنها على صعيد الوطنية وحب البلد وخلافه .. لم تزد أو تقلل حبي للبلد باي شكل .
ولكن فوائدها بصراحة محيرة متقدرش تحسب بالضبط كويسة ولا وحشة ..
أحسن حاجة في الميري بيعلمك الصبر ، والشغل تحت ضغط ، وبيدربك على تحمل الظلم ، وبيوصلك في أحيان كتييير لآخر ما عنك بحيث إنك ممكن تتفاجئ بنفسك في مواقف كتير جداً
الجيش علمني 3 حاجات أساسية ..
* علمني أكره .. أيوة أكره .. كنت قبل الجيش لا أعرف الكراهية .. أي شخص لا أتقبله لا أتعامل معه وخلاص ، لكن حينما تجد نفسك أسير وسجين لدى مجموعة من الشخصيات والزملاء منهم كتير جداً على خلق وضيع .. وقتها لن تجد في نفسك سوى كراهيتهم وتكون بالطبع مجبراً على التعامل اليومي معهم .
* علمني إن اليوم 24 ساعة ، وإن محدش يقدر يوقف الزمن ، وإن تاريخ 25/11/1997 جاي رغم أنف كل الناس ، واهو جه وعدى من 11 سنة وكام شهر .
* علمني إن كله بيعدي الحلو بيعدي والوحش بيعدي .
الجيش عرفني حاجات كتير جداً ..
عرفني إن العمل العقلي الذي كنت أره دائماً أرقى الأعمال وأصعبها يستوى مع العمل البدني في مشقته .. وكيف أن عصر العقل والإجهاد من التفكير ممكن يتساوى مع تحميل البدن ما لا يطيق ..
عرفني إن ولاد الأصول ولاد أصول .. وإن اللي شبعان شبعان من بيته .. وإن الواطي هيفضل طول عمره واطي .
عرفني إن ولاد الناس مش كلهم ولاد ناس .. لأ فيهم شخصيات قذرة كتيرة ، وعلمني إن من بين الغلابة والفقراء وقليلي التعليم من هم رجال واصدقاء أحسن من أي حد في الدنيا .
عرفني إن الثبات على المبدأ (بدون عند ) وكلمة الحق حين تقال في موضعها هي التي تنجي الإنسان وتجعل الآخرين يحترمونه .. وأن من لا يخشى في الحق لومة لائم هو الراجل المحترم في نظر نفسه ونظر الناس .
عرفني أن الظلم له نهاية ، وأن الأيام السودا ليها آخر ، وإن الدنيا دول ، وأن من كان يظلمك سوف تدور الأيام به ليحتاجك ويأتي إليك .
عرفني إن ثروة جيش مصر الحقيقية هم رجاله ، وإن ما كنا نراه ونسمعه من كلام كنا نصفه بإنه كلام حمصي على غرار المعدن الحقيقي للرجال المصريين مش حمصي تماماً ، وإن فعلاً تحت الضغط وفي الأوقات الصعبة يظهر معدن المصري الأصيل .
عرفني إن الصداقة في أوقات المحن هي أغلى أنواع الصداقة .
عرفني أقدر نعمة ربنا عليا حتى في أقل الأشياء ، فلن تعرف أبداً نعمة الدفء إلا حينما تقف خدمة في ليلة شديدة البرودة عاصفة ، ولن تعرف قيمة الليمونة وشوية الزيت إلا حينما تجد نفسك مضطراً لأكل طبق من الحصى يسمى مجازاً بالفول ، ولن تعرف قيمة البصلة إلا حين تشرب شراب العدس الأخضر ، ولن تعرف قيمة كوب الشاي إلا حين تحضره وتشربه في كوز مربي ، ولن تعرف قيمة المخدة إلا حين تحرم منها لتجد نفسك شهوراً وأنت تنام على شنطة ناشفة ، ولن تعلم قيمة الباب المقفول إلا حين تلتحف بالسماء ، ولن تعرف قيمة السيارة إلا حين تسير ليلاً في صحراء مليئة بالكلاب والذئاب ، ولن تعرف قيمة الماء الجاري إلا حين تشرب وتأكل وتدخل الحمام وتستحم بشفشق مياه ، ولن تعرف قيمة المياه ذاتها إلا حين يكون لديك تعيين مياه 4 لتر في اليوم ، ولن تعرف قيمة الأحباء إلا حين تحرم منهم ، ولن تعرف قيمة الحمام .. ولا بلاش ..
في كل الأحوال الجيش تجربة ثرية بكل معانيها ، وليس وقتاً ضائعاً من الحياة على الإطلاق ، لكن أوجه الاستفادة منها تختلف من شخص لآخر حسب شخصيته وظروفه التي واجهها ..
تقبلوا جميعاً خالص مودتي