الأساتذة والأخوة المحترمين،

بوصفي محرّراً من أبناء تلك المهنة الشاقة، يؤسفني جداً أن أتّفق معكم في هذا الأمر.. ودعوني أكثر أوضحه لكم..

لقد كتبت في معظم مجلات السيارات في مصر منذ ما يقرب من 3 أعوام، وجميعها تتّفق على أمر واحد.. المُعلن أولاً وقبل أي شيء آخر.. ولاقيت الأمرّين لكي أوضح لمسؤولي المجلات التي أكتب لها، بل والتي أصبحت مديراً لتحرير إحداها، أننا يجب أن نتكلم عن السيارة الفلانية أو العلانية بكل حيادية، فليس هناك سيارة واحدة في العالم غير قابلة للنقد، حتى البوجاتي فايرون بها مشاكل وأؤكد لكم هذا.. ولكن لا تجد نداءاتي أذناً تصغى..وأنا مسؤول عن كلامي هذا، لا يوجد مجلة أو ملحق للسيارات في مصر يستطيع أن يغضب المعلن، بل والأدهى من ذلك، لا توجد للأسف الشديد صحافة سيارات في مصر...!!!!

الأخوة الأعزاء،

يسعدني أن أسرد لكم بالتفصيل أسباب اتهاماتي أعلاه..

أولاً: ملاحق السيارات كانت تسبّب عبئاً في يوم من الأيام على الصحف بسبب ما كان يُعد نزاهة وقتها.. ولكن النزاهة لا تؤكّل عيشاً، لذا باتت الصحف تعلن لهذا ولذاك دون أدنى مصداقية، فهل تتذكرون الفرسان؟!
وذلك على الرغم من أن تلك الملاحق تتبع مؤسسات قومية تُديرها وتصرف عليها، ولكن ومع مرور الوقت، باتت تلك الملاحق الفرخة التي تبيض ذهباً، فالكل يُريد أن يعلن والكل يريد أن يستفيد من شهرة تلك الملاحق التي لا تُقدّم مضموناً صحافياً يعتد به، وإنما إعلانات لهذا وذاك فقط..

ثانياً، بالنسبة للمجلات، فهي معذورة نوعاً ما، لأن ما يديرونها أشخاصاً قبل أي شيء آخر، لذا يهمهم المكسب الذي لن يأتي إلا بالتملّق، أو على أقل تقدير، عدم إغضاب المعلن بالتكلم بسوء عن سياراته أو بعيوب فيها.. لذا نجد أن كافة السيارات في مصر دون عيوب، أللهم إلا التي لا تعلن عند تلك المجلات..

أقول لكم كلمة في سركم دون ذكر أسماء، هناك مجلات وملاحق بعينها تشن هجوماً على "بي إم دابليو" و"هيونداي" و"مرسيدس" وغيرهم، لأن هؤلاء رفضوا الإعلان عندهم.. إذن لنريهم العين الحمراء!

ثالثاً: نجيء لنقطة مهمة جداً، الصحفي المعني بشؤون السيارات.. دعني أوضح لكم أنه الصحافيين المحترفين المعنيي بالسيارات معدودين على الأصابع في مصر..

لماذا؟!

لأن تلك المهنة صعبة، وتتطلّب مهارات خاصة، ومعرفة تامة باللغة الإنجليزية من جهة، ومصطلحات السيارات التقنية من جهة أخرى..
لذا نجد أن معظم الصحفيين في ذلك المجال، يمجدون في تلك السيارة أو تلك، لأنهم بكل بساطة لا يعرفون أي شيء عنها، ويجدون أن مصادرهم سواء كانت عبر مجلات السيارات الأجنبية أو النشرات الصحفية للشركات الأم وغيرها، تُعد طلاسم بالنسبة لهم.. لذا فإنه من الأفضل زيادة عدد كلمات المقال بعبارات من نوعية "هذه السيارة رائعة وفائقة الجمال، بل وتعد أفضل سيارة في العالم وأدائها مبهر ووووووووو"!

أقول لكم شيئاً آخر للتأكيد..

لهؤلاء المتابعين للمجلات الخليجية والعربية المختصة بالسيارات أقول لهم، كم صحفي مصري يكتب لهم؟!! وستعرفون بكل تأكيد من المصري من غيره من خلال ملاحظة الأسماء الشهيرة في بلدان الخليج ولبنان..

خلاصة القول، لازلت أرى ضوءاً خافتاً في نهاية ذلك النفق المظلم، حيث لازلت أحلم بإعلاء شأن صحافة السيارات في مصر، بل وإعلاء شأن صحافيها في جميع البلدان العربية بما يليق باسم مصر.. وصدقوني ليس هذا شعارات، ولكن من المحزن جداً في بلد الـ 80 مليون مصري أن نرى أن الصحافيين المختصين بالسيارات الحقيقيين معدودين على الأصابع، في الوقت الذي يسيطر فيه اللبنانيين خصوصاً والخليجيين عموماً على مقدّرات هذه المهنة!