لا رابط بين العنوان وبين كون صاحبتي الرسالتين المنشورتين من الجنس الناعم، الحقيقة أنني أقصد بجاذبية القارئ هذا الحضور الطاغي لدي بعض الأصدقاء الذين يراسلونني والذي يفتقده كتاب محترفون، حضور معادلته الكيمائية سهلة للغاية (بساطة + معلومة مفيدة)، الرسالة الأولي من الصديقة «آية عصام» تحكي فكرة حيايتة بالغة الإنسانية رأتها في أحد مقاهي إيطاليا، والثانية من الصديقة «لجين تامر» وهي مشروع كاتبة صغيرة أستأذنها في اختزال مقالها الذي تخبرنا من خلاله أنها اكتشفت أننا نمتلك كنزًا أهم من لوحة الموناليزا مدفونًا في أحد المتاحف وخلف هذا الاكتشاف توجد قصة لا يعرفها أحد في مصر وهي قصة..آآآآ... ماتيجوا نشوف أحسن. والبداية مع آية التي تقول: «في مدينة البندقية وفي ناحية من نواحيها النائية كنا نحتسي قهوتنا في أحد المطاعم فجلس إلي جانبنا شخص وقال للنادل: اثنان قهوة من فضلك واحد منهما علي الحائط، فأحضر النادل له فنجان قهوة وشربه صاحبنا لكنه دفع ثمن فنجانين، وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة علي الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد. وبعده دخل شخصان وطلبا ثلاثة فناجين قهوة واحدًا منها علي الحائط، فأحضر النادل لهما فنجانين فشرباهما ودفعا ثمن ثلاثة فناجين وخرجا، فما كان من النادل إلا أن قام بتثبيت ورقة علي الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد. وفي أحد الأيام كنا بالمطعم فدخل شخص يبدو عليه الفقر فقال للنادل: فنجان قهوة من علي الحائط، أحضر له النادل فنجان قهوة فشربه وخرج من غير أن يدفع ثمنه، ذهب النادل إلي الحائط وأنزل منه واحدة من الأوراق المعلقة ورماها في سلة المهملات. تأثرنا طبعاً بهذا التصرف الرائع من سكان هذه المدينة والذي يعكس واحدًا من أرقي أنواع التعاون الإنساني. فما أجمل أن نجد من يفكر أن هناك أناسًا لا يملكون ثمن الطعام والشراب ونري النادل يقوم بدور الوسيط بينهما بسعادة بالغة وبوجه طلق باسم، ونري المحتاج يدخل المقهي وبدون أن يسأل: هل لي بفنجان قهوة بالمجان؟، فبنظرة منه للحائط يعرف أن بإمكانه أن يطلب، ومن دون أن يعرف من تبرع به، الأمر الذي يجعل لهذا المقهي مكانة خاصة في قلوب سكان هذه المدينة». أما الصديقة لجين تامر فقد كتبت تقول. «هل سمعت عن «الموناليزا»؟ طبعًا سمعت عنها. حسنًا، هل تعرف لماذا هي بتلك الشهرة؟ نعم، لأن ليوناردو دافينشي جعلها صاحبة ابتسامة محيرة ولأن لعينيها سحرًا خاصًا، حيث إذا نظرت لها من أي ناحية بادلتك النظرات. كلام معقول جدًا. كلانا نعلم أن هذه التحفة الفنية مصدر رزق وشهرة وفخر لفرنسا ولأهل فرنسا. أذكرك بأني لست هنا لأعيد عليك ما تعرفه أصلاً. لذلك دعني أسألك: هل سمعت عن فنان اسمه لاظلو؟ لا. لماذا لا نعرفه؟ لأن أحدًا لم يخبرنا عنه. لاظلو فنان مجري عاش تقريبًا في نفس عصر دافينشي. زار لاظلو مصر في عهد الملك فؤاد الأول الذي طلب منه رسم لوحة لشخصه. المبهر في الأمر أن عينيّ الملك فؤاد ليستا الشيء الوحيد ثلاثي الأبعاد في اللوحة.. إنما اللوحة بالكامل- بجسد الملك كله - لوحة ثلاثية الأبعاد. فهي لوحة مواكبة لحركاتك. كيف يقدر العالم عينيّ الموناليزا وينسي بل يتجاهل لوحتنا؟ وكيف تغفل عنها الحكومة ولا تحاول حتي أن تعطيها من الدعاية ما تستحق؟ تريد أن تعرف أين موقع اللوحة العظيمة؟ هي ملقاة بين عشرات اللوحات في قصر الضيافة بالقلعة. عندما ذهبت هناك آخر مرة لم أكن منتبهة للسر الذي تحتضنه اللوحة حتي نورني أحد الموظفين هناك بحكايتها ثم أضاف «لو كانت هذه اللوحة خارج مصر، لبنوا لها وحدها متحفا كاملا». بعد زيارتي سألت العديد عن هذه اللوحة فما وجدت أي مثقف عالم إلا بجاهل عن لوحة لاظلو للملك فؤاد الأول. عندها توصلت لنتيجة أننا شعب تعود علي فقء عينيه كلما رأي شيئًا سلبيًا حتي وصل الأمر إلي أنه إذا رأي الإيجابيات فعل الشيء نفسه. ونحن حكومة أهملت العلم وحجبته. الله ربنا أعطي مصرنا ما لم يعط أحدًا من الكنوز، فحملناها وقذفنا بها في بئر الإهمال، فأصبحنا أصحاب كنوز ولكن بجيوب فارغة.. لذا.. اكتسبنا وعن استحقاق لقب أغني شحاذي العالم».