خبير حذر منذ الصيف الماضي من افتعال إدارة أوباما لإزمات ضد الشركات المنافسة لجنرال موتورز


في 3 يونيو 2009، حذر دانيال إيكنسون، مساعد المدير في مؤسسة Cato المتخصصة في الدراسات الاقتصادية عبر رسالة صوتية بأن حكومة الرئيس باراك أوباما ستلجأ إلى أساليب سياسية غير سوية ضد الشركات المنافسة لـ جنرال موتورز لتكون فوق المنافسة لأنها بالأساس معادلة خاسرة وقد تكون من أسباب إضعاف فرص فوز أوباما بولاية ثانية.

وعلى أي أساس بنى إيكنسون توقعاته؟

يقول إيكنسون بأن جنرال موتورز أو كما بات البعض يسميها «Government Motors» بلغت قيمتها الرأسمالية وهي في أوج قمتها 60 بليون دولار وذلك في العام 2000، وأن حكومة أوباما بدفعها 50 بليون دولار كحزمة إنقاذ، تكون قد اشترت أكثر من قيمة الشركة في السوق ولكنها استملكت 61 بالمائة من أسهمها.

ويشير إيكنسون بأن جنرال موتور لن يكون سهلا عليها أن تبلغ بقيمتها الرأسمالية 80 بليون دولار لتكون معادلة رابحة، فهناك الكثير من المعوقات التي يمكن أن تمنعها من تحقيق ذلك وأهمها اتحاد العمال الذي يجعل من كلفة إنتاج سياراتها في السوق الأمريكية أعلى 30 بالمائة وهي شركة مازالت لا تمتلك الكفاءة العالية في كبح النفقات.

دانيال إيكنسونوأشار إيكنسون بأن إعادة هيكلة جنرال موتورز غير فعالة، وتوقع بناء عليه أن تلجأ حكومة أوباما لكل السبل السياسية لمنح الشركة الأمريكية أولوية فوق المنافسة ومن ضمنها فورد التي رفضت القبول بأموال دافعي الضرائب وتمكنت من الصمود بقوة فوق الأزمة.

لقد حذر إيكنسون منذ الصيف الماضي من أسلوب تعاطي الحكومة الأمريكية ضد الشركات المنافسة لجنرال موتورز، وبغض النظر عما يجري حاليا فإن الشركات المنافسة الأخرى غير تويوتا حتما تعيش حالة من التخوف مما قد يجري لها في حال فشل جنرال موتورز في تحقيق أي مكاسب من مشكلة تويوتا.

وكان واضحا جدا أن وزير المواصلات من أصل لبناني رييه لحود جزء من معادلة تعظيم مشكلة تويوتا وتوسيع الخوف من الشركة اليابانية.

ففي الأيام الأولى لإعلان تويوتا الاستدعاء حول دواسة البنزين، تأكد بأن نسبة عالية من عملاء الماركة اليابانية المخلصين أخذوا استجابة تويوتا كنوع من التأكيد على جديتها في خدمتهم بأفضل صورة ممكنة، وهو ما لم يعجب لحود فراح يطلق تصريحات متضاربة لإثارة المخاوف في نفوس عملاء تويوتا في الولايات المتحدة.

ولنعد إلى 1 ديسمبر 2009، حين طلب مجلس إدارة جنرال موتورز من فريتز هندرسون (51 عام) الرئيس التنفيذي تقديم استقالته فورا، وأكدت مصادر حينذاك أن السبب يعود إلى عدة نقاط خلافية بينه وبين رئيس مجلس الإدارة المعين من الحكومة إدوار وايتيكر، وأبرزها رفض وايتيكر للجدول الزمني الذي وضعه هندرسون لإعادة طرح أسهم الشركة في أسواق المال.

هذه القضية الشائكة تؤكد بأن جنرال موتورز خرجت عن مسار إعادة الهيكلة الذي تم وضعه كجزء من شروط اللجوء إلى محكمة الإفلاس، كما ويؤكد ما ذهب إليه إيكنسون بأن الشركة لا تستحق أموال دافعي الضرائب، وأن إعادة طرح أسهمها سيثبت بأنها معادلة خاسرة.

لم يتبق على الانتخابات القادمة للرئاسة الأمريكية سوى ثلاث سنوات، وشعبية أوباما إلى مستويات أدنى مما وصلت إليه شعبية جورج بوش الإبن في أسوأ حالاتها، وبات الشعب الأمريكي يتندر بوعوده الانتخابية التي لم يحقق منها شيئا.

بل وشاط الأمريكيون غضبا من إعلان AIG قبل أيام دفع مكافآت لموظفيها بقيمة 100 مليون دولار وهي نفس الشركة التي حصلت على 182.3 بليون دولار من أموال دافعي الضرائب لإنقاذها من أخطاء ارتكبها مدراءها الذين يحصلون اليوم على مكافآت بعشرات الملايين بينما يواجه الشعب الأمريكي مشكلة البطالة.

لربما كانت حكومة بوش من قدمت حبل الإنقاذ لـ AIG، ولكن حكومة أوباما منذ مارس 2009 أثبتت ضعفها وعدم قدرتها على كبح جماح شركة التأمين العملاقة التي تتلاعب بأموال دافعي الضرائب وهو ما سبب حرجا له ولحكومته التي دفنت رأسها بالرمال.

وهناك العديد من المشاكل تواجه أوباما مع المصارف التي تم إنقاذها بأموال دافعي الضرائب، فيما أثبتت سياساته نحو الشرق الأوسط والرغبة في احتواء إيران وملاحقة طالبان في أفغانستان فشلها العميق. ولعل التحدي الأكبر هو عدم تولد فرص للوظائف حيث مازالت معدلات البطالة تترنح عند ما يقارب 10 بالمائة.

أمام هذه المشاكل الهائلة التي أثبتت مدى ضعفه، وزيادة الهجوم الإعلامي ضده وضد وعوده التي خارت قواها، فإن آخر شيء يحتاجه أوباما هو أن تفشل حزمة إنقاذ جنرال موتورز وأن يتأكد بأن قرار حكومته بإنقاذها كان خاطئا، خاصة وأن الجدل بدأ يزيد حول أداء الشركة بعد فشلها في تنفيذ وعودها لإعادة الهيكلة، وتراجعها عن قرارات حيوية، حيث فشلت صفقة بيع ساترن، ومازالت صفقات بيع ساب وهامر تترنحان، وقررت الشركة التوقف عن بيع أوبل.

أمام كل هذه الظروف، وطريقة تعاطي لحود ضد الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرقات السريعة NHTSA، يرى الكثيرون بأن الأزمة ضد تويوتا مصطنعة.

ولا يعني ذلك أن ليس لديها مشاكل، فكل شركات السيارات لديها مشاكل، فكل الأزمة أثيرت حول قرابة 2000 شكوى تقدم بها العملاء على مدى عقد من الزمان باعت فيه تويوتا أكثر من 20 مليون سيارة في السوق الأمريكية، وهو ما يعادل 0.0001 بالمائة من مبيعاتها.

وما زاد الطين بِلة، أنه في صيف العام الماضي قدمت حكومة الرئيس أوباما حزمة مالية بقيمة 3 بليون دولار لحفز مبيعات السيارات، وحظيت سيارات تويوتا على أكبر نسبة من إقبال العملاء وزادت حصتها عن 20 بالمائة من مخصصات الحزمة. وكانت هذه النتيجة محبطة لإدارة الرئيس لأن الشركات اليابانية حظيت بالاهتمام الأكبر وانتقد الكثيرون الحزمة الاقتصادية واعتبروها نفعت المصانع الأجنبية أكثر من الأمريكية وهو ما عمق الإحساس لدى الأمريكيين بأن سياسات أوباما مسارها الفشل.

وأمام كل الظروف، نتوقع أن يزيد لحود من ضغطه على تويوتا خاصة بعد تقبل معظم عملاء تويوتا استجابة تويوتا، واعتبروها جريئة وقوية، تحول لحود ومعاونيه إلى التلميح بأن مشكلة تويوتا تتعدى دواسة بنزين التي يمكن أن تلتصق في ظروف نادرة جدا، وأن المشكلة قد تكون إلكترونية هذا على الرغم من تأكيد NHTSA حرفيا بأن تحقيقاتها أثبتت عدم وجود خلال إلكتروني.

في حواره المذكور أعلاه، حذر إيكنسون من أن تدخل الحكومة الأمريكية لدوافع تخدم جنرال موتورز ستدمر تجارة السيارات وتثير الشكوك نحوها، وهذا ما يجري فعليا.

الضرر وقع على تويوتا، وما زلنا نؤكد بأن الكثير من الشركات السيارات ومن ضمنها تويوتا أخفقت في تطوير وسائلها الإعلامية لمحاورة السوق على نحو فاعل أمام كل طارئ، فهي مازالت بعيدة عن الطرح القوي عبر مواقع الإنترنت التي باتت المؤثر الأكبر والوسيلة الأهم لمتابعة الأخبار. وهي لم تعد قاصرة على أجهزة الكمبيوتر بل وصلت وبقوة إلى أجهزة الهاتف النقال.