معظم الأطباء يستحق الشفقة
ومعظم الأطباء يتمنى لو عاد يوما واختار مهنة يتعامل فيها مع أقل عدد من البشر لكنها إرادة الله فكل ميسر لما خلق له
وأسعد الأطباء هم أطباء التخدير حيث يكون المريض مخدرا أو أطباء التشريح والسبب معروف طبعا
ويحتاج الطبيب لقدر كبير من الصبر وطول البال والحلم والرفق والحزم أيضا ليستطيع الاستمرار والنجاح فى مهنته


ومن خلال عملى ما يقرب من 15 سنة تتكرر حوارات مع المرضى من جميع المستويات أحاول أن أتعود عليها لكنها دوما تزعجنى

من هذه الحوارات استخدام المريض لكلمات غريبة لا يفهم هو معناها ولا يستطيع أن يعطى لها مرادفا مفهوما
مثل المريض الذى يشكو أن زوره مشفلق - مزند - مغلّق - مشرّخ .... أحد المرضى أخبرنى أنه يشتكى من اقتحام فى الزور!

وهذا المريض الذى يربط الأمور ببعضها على هواه قائلا على سبيل المثال: أذنه بتاكله فجابتله صداع وزغللة وضيق تنفس

أو هذا الذى يرى دوما اللوز هى سبب كل مرض خاصة وجع القدم حتى لو بعد خبطة فيها ودائما يطالب باستئصالها وينظر لمن ينصحه بالتوجه لطبيب عظام كأنه لا يعلم ما يقول
وهو هو نفس المريض الذى يظن اللوز سبب تأخر الكلام وسبب ضعف الطفل وقلة وزنه وسبب اضطراب معدته وسبب البلغم على صدره وسبب اضطراب تركيزه والسبب الوحيد للسخونية وسبب ضعف المستوى الدراسى واحتمال أن تكون هى سبب انقطاع الكهرباء المتكرر فى منطقتهم

أما هذا المريض الذى يصر على معرفة تفاصيل مرضه فأقوم بتبسيط الشرح لأقصى درجة ممكنة مع تكرار كل عبارة فيفاجئنى بسؤال مفزع بعد انتهائى من الشرح: هو انا عندى إيه بقى؟

وهذه السيدة التى تأتى بكل أطفالها معها وقت الكشف فلا أعرف هل أسمعها أو أحاول إنقاذ آلات الكشف من براثين هذا الطفل أو أنقذ هذه الزهرية من السقوط على يد الطفل الثانى أو أنهى الثالث عن إلقاء ما على مكتبى على الأرض أو الرابع من تفتيت البسكوت الذى يحمله على سجادة حجرة الكشف وغالبا ما يتجه معظم الأطفال لا إراديا لسلة القمامة لإفراغ محتوياتها أو إلتقاط أى شئ منها وباقى الأطفال الهادئين يتجهون للحس نفس البقعة من حرف المكتب والتى تكون على مستوى الفم!!!

ومن أبشع ما يمكن أن تقابله الكشف على هذا المريض الذى يعشق البصل ويتعطر به قبل أن يزورك

وسيضيع وقتك كثيرا لو أنك لم تستطع توجيه الحوار مع هذا المريض:
- الدكتور: إيه اللى تاعبك؟
- المريض ببطء: أنا كنت قاعد فى الصالة على الكنبة بتفرج على الماتش اللى كان بين الأهلى والاسماعيلى فى الدورى الخيبان ده ولما جت الاعلانات بين الماتشين حسيت بدوخة
- الدكتور: اوصف الدوخة و وقتها ومدتها
- المريض: لما سامية بنت اختى دخلت الشقة وكان معاها عيالها ياسر ومحمد وثريا ماشاء الله عليهم دمهم زى العسل وبيحبونى قوى هو انت عندك عيال يا دكتور؟


وأيضا المريض الذى يجيب على أسئلة الدكتور إجابة لا علاقة لها بالسؤال مثل:
- هل تشعر بصعوبة فى البلع؟
- المريض: مناخيرى فيها قشر ولما بحاول أطلعه ممكن ينزل دم!

وطبعا لا أخفى عليكم الفارق الواسع جدا فى معنى كلمة "فترة" عند الناس فمنهم من يقصد بها عشرات السنوات ومنهم من يقصد بها عدة دقائق

وهناك المريض الذى لايريد أن يقتنع بشئ فهو يشترط ألا يكون فى العلاج حقن لإنها تؤلمه ولايكون فيه أقراص لأنها تتعب المعدة ولا بخاخات لأنها تسبب التعود عليها ، وربما يفضل أن يكتب له الطبيب "عمل" يعلقه فى رقبته واخيرا يقول : هل ممكن عملية فلو قلت له أيوه وتشرحها له يسألك: طب ليه مش بنحاول فى العلاج الأول قبل العملية؟

أما المريض الذى يصر على أنه لم يتحسن قيد أنملة فيسأله الطبيب: وما أخبار الصداع الذى كنت تشكو منه فيرد أنه لم يعد موجودا فيسأله الطبيب عن الحرارة والألم فيقول أنهم اختفوا .. ثم يصر أنه لم يتحسن!

أو هذا المريض الذى لم يكلف نفسه شراء العلاج أو عدم تناوله ثم يشتكى للطبيب فى الاستشارة أنه مازال مريضا ولم يتحسن

هل عرفت أن بعض الأمهات تستعجب جدا وتظن الجهل بالطبيب عندما يكتب علاجا لأذن الطفل قد يحوى الحقن والشرب ونقط الأنف ولا يحوى نقط أذن أو غسيل للأذن؟

ولو استرسلت فى الحديث لكتبت كتابا فى هذا الموضوع لكنى أكتفى بهذه الفضفضة معكم وفى انتظار تعليقاتكم