| تسجيل عضوية جديدة | استرجاع كلمة المرور ؟
Follow us on Twitter Follow us on Facebook Watch us on YouTube
النتائج 1 إلى 8 من 8

  1. #1

    الصورة الرمزية Dr Zezo

    رقم العضوية : 1952

    تاريخ التسجيل : 28Aug2007

    المشاركات : 1,413

    النوع : ذكر

    الاقامة : القاهرة

    السيارة: .

    السيارة[2]: .

    الحالة : Dr Zezo غير متواجد حالياً

    افتراضي عين جالوت... محمد سليم العوا - Facebook Twitter whatsapp انشر الموضوع فى :

    hasad">

    عين جالوت



    عندما استولى التتار على بغداد، وفرغوا من احتلالها، وقضوا على الخلافة العباسية فيها، أكثروا الفظائع فى أهلها ومثلوا بالرجال والنساء، وعم الخوف عاصمة الخلافة وما حولها من المدن والقرى. وبدأ بعض ملوك الشام فى مراسلة ملك التتار (هولاكو) وإظهار الطاعة له، خوفا من أن يصيبهم ويصيب بلادهم ما أصاب الخليفة وبلده. ولكن هذا الخوف الظاهر من التتار، والتسليم المبكر لهم، والهوان الذى أظهره هؤلاء الحكام أمامهم، لم يردهم عن خطتهم الأصلية وهى الاستيلاء على الشام تمهيدا للاستيلاء على مصر.

    فلم يكن هولاكو غافلا عن أن الذى يجمع بين حكم مصر وحكم الشام يحكم المشرق الإسلامى كله، وأنه إذا لم يتملك هذين القطرين العظيمين تظل احتمالات نشوء مقاومة منهما قائمة، وهى مقاومة عندما تجتمع فيها قوى مصر والشام ستكون تهديدا لملكه وخطرا عليه مهما بلغ. فسار هولاكو إلى الشام وسقطت مدنه أمامه، مدينة بعد أخرى، حتى وصل إلى دمشق وأباح أحياء تلك العاصمة الإسلامية العظيمة وبيوتها ومتاجرها لجنوده ينهبون ويسرقون، وأهل دمشق بين مغادر لها خوفا من التتار، وبين لائذ بأمرائها فى قلعة دمشق، على وهم أن يستطيع هؤلاء الأمراء صد الإعصار المغولى.

    وانتهى أمر القلعة ومن فيها بالسقوط فى يد التتار، وبلغت أنباء هذا السقوط المخزى مصر، التى كانت تحت حكم السلطان الملك المظفر سيف الدين قطز، فجمع أمراءه لمشاورتهم فى هذا الخطب الجلل وما ينتظر بعده إذا لم يجد التتار قوة تروعهم وتكف عداوتهم. وأخبر قطز الأمراء أن التتار أخذوا جميع بلاد الشام، ووصلوا إلى أطراف غزة والخليل والسلط وبيت جبريل (من مدن فلسطين) فقتلوا وسَبَوا، وأخذوا كل ما قدروا عليه، وعادوا إلى دمشق فباعوا فيها ما نهبوه من بلاد فلسطين.

    وفى أثناء هذه المداولة بين قطز وأمرائه، وصلت إلى قطز رسالة من هولاكو يقول فيها: «يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته، وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها من الأعمال، أننا نحن جند الله فى أرضه، خَلَقَنا من سَخَطه، وسلَّطنا على من حَلَّ به غضبه فلكم بجميع البلاد معتبر.. فاتعظوا بغيركم وأسلموا إلينا أمركم قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا.. فنحن لا نرحم من بَكى ولا نَرِقَّ لمن شكا فعليكم بالهرب وعلينا بالطلب... فما من سيوفنا خلاص ولا من مهابتنا مناص... فخيولنا سوابق وسيوفنا صواعق وقلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال والعساكر لقتالنا لا تنفع ودعاؤكم علينا لا يُسْمَع فمن طلب حربنا ندم ومن قصد أماننا سلم»

    فقرأ الملك المظفر قطز هذا الكتاب على أمراء مصر، فأجمع أمرهم على قتل الرسل والهرب إلى الصالحية(!) ولكن قطز لم يقبل هذا الرأى، وتخير عددا ممن يثق بهم من الأمراء وشاورهم مشاورة ثانية، وبيّن لهم ضرورة الخروج للقاء التتر ومواجهتهم فوافقوه وتحمسوا لذلك. ونودى فى القاهرة وسائر أقاليم مصر بالخروج فى سبيل الله، ونصرة لدين رسول الله صلى الله عليه.
    وبدأ المسير، ولكن بعض الأمراء تردد فى الطريق فقال قطز: «أنا ألقى التتار بنفسى» وسار بمن معه من الجنود ومعه الأمير ركن الدين بيبرس (الظاهر بيبرس) فأمره بالتقدم فى كتيبته من الجند ليعرف أخبار التتر، فسار بيبرس إلى غزة وبها جموع عظيمة من التتار فلما بلغهم خبر اقتراب طليعة الجيش المصرى من غزة رحلوا عنها، ودخلها بيبرس وطمأن أهلها، ومَلَكَها بغير قتال. ولحقه قطز، وسارا معا إلى أن بلغا عين جالوت. فجمع قطز الأمراء ورؤساء الجند وحضهم على قتال التتر، وذكَّرهم بما أصاب أهل البلاد الأخرى من القتل والسبى، ودعاهم إلى العمل على استنقاذ الشام ونصرة الإسلام، وحذرهم عقوبة الله تعالى للمتولين يوم الزحف، والقاعدين عن لقاء عدو الله وعدو الإسلام، فضجوا بالبكاء وتحالفوا على الاجتهاد فى قتال التتر ودفعهم عن البلاد.

    وفى هذا القدر من الإعداد لموقعة عين جالوت دروس لا ينبغى أن تفوتنا فى هذا العصر: أولها، أن الوقيعة بين مصر والشام، والخلاف بينهما لا يفيد منهما إلا عدوهما المحارب لهما معا. وثانيها، أن الطريق الأوحد للوحدة العربية/ الإسلامية هو وحدة الشام ومصر، هى النواة الأساسية لكل وحدة أخرى. وثالثها، أن العدو مهما بلغت قوته إذا لقى جيشا مقداما صادق الإيمان، قوى العزيمة، وقائدا شجاعا لم تقم له قائمة. وهذا قانون دائم فى المقابلة بين الذين يقاتلون فى سبيل الله والذين يقاتلون فى سبيل الطاغوت، ولو لم يكن الأمر كذلك لما أخلى التتار غزة بمجرد سماعهم باقتراب طليعة صغيرة من جيش مصر يقودها الظاهر بيبرس.

    ورابعها، أن غزة، وفلسطين عامة، هى الباب الشرقى لمصر من حماها فقد حمى مصر ومن فرَّط فيها فرّط فى مصر، ومن حاربها حارب مصر ومن أضعفها فقد أضعف مصر!! والتنبه لهذا واجب على كل مصرى، مخلص لوطنه، حاكما كان أم محكوما.

    كان الملك المظفر قطز فيما تجمع عليه المصادر التاريخية بطلا شجاعا، مقداما، حازما، حسن التدبير، له دين، وفى خلقه وسلوكه خير كثير. فلما دهم التتار بلاد الشام رأى أن الوقت يحتاج إلى سلطان مهيب كامل الرجولة فعزل الصبى الذى كان يحكم مصر وملك نفسه أمرها. يقول الحافظ الذهبى: «ثم لم يبلع ريقه، ولا تهنى بالسلطنة، حتى امتلأت الشامات المباركة بالتتار، فتجهز للجهاد وشرع فى أهبة الغزو، والتفت إليه عسكر الشام وبايعوه، فسار بالجيوش فى أول رمضان من سنة 658هـ لقصد الشام ونصر الإسلام».

    لما التقى جيش المظفر قطز بجيوش التتار عند عين جالوت كان فى قلوب المسلمين وهم عظيم من التتر، وكان التقاء الجيشين بعد طلوع الشمس من يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان، وبدأ التتار بهجوم مباغت أرادوا به تحقيق نصر سريع على المسلمين، ووقع اضطراب فى جناح جيش قطز، فما كان منه عندئذ إلا أن ألقى خوذته على الأرض وصرخ بأعلى صوته (واإسلاماه) قالها ثلاثا، فانضم إليه قواد كثيرون بمن معهم من العسكر، وحمل بنفسه، وبهم، حملة صادقة على التتار فقتل قائدهم وقتل أحد الملوك العرب الذين كانوا يقاتلون مع التتار ضد جيش مصر (ملوك الخيانة التى تقع بقتال وبغير قتال، بمجرد الانحياز إلى العدو وتوليه) فانهزم التتار هزيمة منكرة، وفروا من مكان المعركة، وأبلى الأمير بيبرس البندقدار بلاء حسنا بين يدى قطز، فأعادت هذه الكرة الناجحة الروح المعنوية لجيوش المسلمين عالية، وثقتهم بقيادتهم إلى سابق عهدها.

    وتجمع التتار بعد ذلك قرب بيسان، وأعادوا ترتيب جيوشهم فلحقهم المسلمون، وكان فى جيش المسلمين صبى تترى جاء مع رسل هولاكو إلى مصر، فأخرجه قطز مع الجيش، فانتهز فرصة اصطفاف الجيش فى بيسان ورمى سهما نحو قطز يريد قتله فأخطأه وأصاب فرسه فصرعه وأُخِذَ الصبى فقتل من فوره (لا يقولن قائل: كيف يقتل صبى؟ فهذا ليس صبيا بريئا بل هو مقاتل مخاتل شرع فى قتل قطز فعلا، ومن قاتل يجرى عليه حكم المقاتلين بغير خلاف) وأصبح قطز يقود الجيش على قدميه(!) فجاءه أحد شجعان قواده، وهو الأمير فخر الدين ماما، وعرض عليه فرسه يركبه فأبى وقال له: «ما كنت لأرزأ المسلمين بنزولك فى هذه الساعة». وجىء للسلطان بفرس بديل من خيل الجيش فركبه. وكان جمع التتر فى هذه المرة أكثر بأسا من جمعهم فى عين جالوت بسبب ما نزل بهم من هزيمة هناك، فقد كانت هزيمتهم فى عين جالوت هى أول هزيمة تلحقهم على يد جيوش المسلمين منذ خرجوا من بلادهم يهلكون الحرث والنسل، ولا تقوم فى مواجهتهم قوة ولا يردهم جيش ولا يهابون دولة!

    وزلزل المسلمون زلزالا شديدا فى أول اللقاء، كما حدث فى عين جالوت، فلجأ قطز إلى السلاح الذى جربه هناك فصاح بأعلى صوته «يا الله انصر عبدك قطز على التتار» «واإسلاماه» ثلاث مرات، فالتأم عليه جيش المسلمين كله حوله، وتراصت صفوفهم بعد الفرقة، وكان الظاهر بيبرس يبلى أحسن البلاء فى مواجهة جنود التتر، واستمر القتال معظم اليوم، فلما انكسر التتار وهزموا فروا من موضع القتال وتوجه السلطان قطز بيبرس البندقدارى خلفهم، ليسترد من فى أيديهم من أسرى المسلمين، ويمنعهم من دخول القرى والمدن التى تقع فى طريق فرارهم. فظل بيبرس البندقدارى يتابعهم حتى بلغ حلب. وبلغت الأخبار إلى دمشق ففر من كان فيها من التتر وتبعهم المسلمون يقاتلونهم ويستخلصون الأسرى من أيديهم، وقتل جمع من الخونة الذين كانوا يوالون التتار ضد المسلمين، وأعلنت البشائر بانتصار قطز وقرب وصوله إلى دمشق.

    هذا كان شأن التتر المهزومين وأشياعهم من الخائنين، أما قطز، المنتصر بفضل الله، فقد كان من شأنه أنه نزل عن فرسه، عند تحقق النصر، وسجد على الأرض شكرا لله تعالى، وقبلها، وحمد الله أعظم الحمد. ثم ركب بعد ذلك إلى دمشق، فلم يكن أهلها أفرح بشىء كما فرحوا بوصوله إليها. ودانت له سائر الشام وجميع البلدان من حد الفرات إلى حد مصر. وتوحدت الجبهة العربية الإسلامية فلم تقم فى وجهها للتتار قائمة بعد ذلك.

    إن العبرة المأخوذة من نصر الله للمسلمين على التتار فى عين جالوت كثيرة:
    لا عبرة بالزمان، بل العبرة بالخواتيم.
    النصر مع الصبر والإخلاص لا بمجرد العدة والعدد.

    الضعف جائز لأنه بشرى، وهو يجبر بالتوبة والرجوع إلى الصف والقتال مع المسلمين أو نصرتهم بكل ما يقدر عليه. لكن الخيانة لا تسوغ ولا تبرر ولا يعذر بها أحد ولا يعفى عن مرتكبها عقابا له ونكالا لغيره.

    عاقبة الخيانة لعنة الله والناس، ولعنة التاريخ، وهذه خسائر دائمة عظيمة، لا تقارن بكسب مؤقت تافه مادى أو معنوى، للخائن أو لغيره من قومه أو ذريته، لا يسمن ولا يغنى من جوع. وهذا ما حدث لملوك العرب حلفاء التتر وفيه عبرة لحلفاء الصهاينة اليوم، فهل ثمة من يعتبر؟؟

    عند أول تحرك للمسلمين من مصر فرَّ التتار من غزة وهكذا كل عدوٍ مستعمر غاز ما إن يتحرك ضده أصحاب الأرض والحق حتى يفر منها تاركا وراءه ما كان يملك من مالها وأهلها.

    ولكن النصر صبر ساعة فمن علم هذه الحقيقة غنم وسلم، ومن خاف من عدوه انهزم مهما يكن عدد جنده أو عدتهم.

    كان تجهيز الجيش المصرى بأموال الأمراء ونسائهم قبل أخذ أموال الناس، وكان ذلك بناء على فتوى العز بن عبدالسلام، الملقب بسلطان العلماء، رحمه الله، وهذا دور العلماء العاملين فى توجيه الحكام، وقد كان من حديث هذا الأمر أن الأمراء المماليك لما جَبُنوا عن ملاقاة التتار، استشار الملك المظفر قطز الشيخ عز الدين بن عبدالسلام، رحمه الله، فقال: «اخرجوا وأنا أضمن لكم على الله النصر».

    فقال له السلطان: إن المال فى خزانتى قليل، وأنا أريد أن أقترض من أموال التجار (وقروض الملوك، المعتاد فى كل عصر ألا ترد). فقال الشيخ عز الدين: «إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك، وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلى الحرام (يعنى المأخوذة من النهب والسرقات والمصادرات لأموال الناس) وضربته سكة ونقدا وفرقته فى الجيش ولم يقم بكفايتهم، فذلك الوقت اطلب القرض، وأما قبل ذلك فلا» (!)

    فأحضر السلطان والأمراء ما عندهم من الأموال والحلىِّ بين يدى الشيخ العز بن عبدالسلام، وامتثلوا أمره، ولم يحتج الجيش لأموال الناس، ونصرهم الله بطاعته سبحانه، وهزم التتر بمعصيتهم وتجبرهم!! وهكذا يكون دور العلماء، وهكذا كان دورهم دائما، كما سوف نرى من صنيع ابن تيمية فى المقالات التالية إن شاء الله.

    من دروس عين جالوت أن الأمن القومى المصرى يبدأ من الشام شرقا، ومن السودان جنوبا، ومن ليبيا غربا، فلا مناص من رعاية هذه الحدود كلها بعلاقات مصرية خاصة: تحمى الديار وتضع فى حسبانها تغير الأحوال!! ولله الأمر.


  2. #2

    الصورة الرمزية n_i_t_e

    رقم العضوية : 59278

    تاريخ التسجيل : 18Jan2010

    المشاركات : 532

    النوع : ذكر

    الاقامة : Alexandria

    السيارة: لا يوجد

    السيارة[2]: Scoda Octavia A5

    الحالة : n_i_t_e غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    مقالة جميلة شكرا ليك....
    و اللى بين السطور مفهوم طبعا

    Bad dreams in the night.
    They told me I was going to lose the fight.
    Leave behind my wuthering, wuthering Wuthering Heights


  3. #3

    الصورة الرمزية caysersosaih

    رقم العضوية : 27210

    تاريخ التسجيل : 09Dec2008

    المشاركات : 1,387

    النوع : ذكر

    الاقامة : Kuwait

    السيارة: Nissan Altima 2012

    السيارة[2]: فيات تمبرا

    الحالة : caysersosaih غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    جميل جدا
    ليت الزمن يعود يوما

    د.ضياء يوسف











  4. #4

    الصورة الرمزية mfarag

    رقم العضوية : 8852

    تاريخ التسجيل : 13Apr2008

    المشاركات : 360

    النوع : ذكر

    الاقامة : Cairo

    السيارة: N.A

    السيارة[2]: Fiat

    دراجة بخارية: ??????

    الحالة : mfarag غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    مقالة جميلة جدا

    بس جينا لفوازير رمضان



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Dr Zezo مشاهدة المشاركة
    ».


    وقتل أحد الملوك العرب الذين كانوا يقاتلون مع التتار ضد جيش مصر (ملوك الخيانة التى تقع بقتال وبغير قتال، بمجرد الانحياز إلى العدو وتوليه)

    اذكر ثلاثة حكام من العرب لو الموقف اتكرر هيقاتلوا مع التتتار


  5. #5

    الصورة الرمزية MTAK

    رقم العضوية : 604

    تاريخ التسجيل : 12May2007

    المشاركات : 3,344

    النوع : ذكر

    الاقامة : مصر المحروسة-السويس

    السيارة: لا يوجد

    السيارة[2]: الحمد لله Tiida 07 auto

    دراجة بخارية: لا

    الحالة : MTAK غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    لا املك حين رؤية اسمك يذيل اى موضوع او تعقيب الا ان ادخل و اراه

    مقاله جميله اعادت للذكرى و للعقل اشياء و اشياء
    جزاك الله خيرا

    كيميائى / محمد طه
    ------------------
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
    صدق الله العظيم
    التوبة 105


  6. #6

    الصورة الرمزية Dr Zezo

    رقم العضوية : 1952

    تاريخ التسجيل : 28Aug2007

    المشاركات : 1,413

    النوع : ذكر

    الاقامة : القاهرة

    السيارة: .

    السيارة[2]: .

    الحالة : Dr Zezo غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    معركة شُقْحب

    شُقْحب موضع فى بلاد الشام بين مرج راهط ومرج الصُفر جرت فيه فى رمضان سنة 702هـ موقعة عظيمة بين التتار والمسلمين انتصر فيها المسلمون نصرا مؤزرا.

    ذلك أن التتار، الذين يسميهم بعض المؤرخين فى هذه المرحلة بـ(المغول) على الرغم من هزيمتهم فى عين جالوت، ثم فى بيسان، لم يكفوا عن الإغارة على بلاد المسلمين المرة بعد المرة، يحاولون بتلك الغارات محو مرارة الهزيمتين الكبيرتين، وإشعار المسلمين أنهم لايزالون على حالهم من القوة والقدرة على غزو بلادهم ونهبها وإذاقة أهلها هوان الهزيمة ومذلة الاحتلال.

    وقد بدأت غاراتهم التى انتهت بموقعة شُقْحب، فى سنة 700هـ فهاجموا عددا من الثغور الشامية وهددوا دمشق عدة مرات، وفى شهر رجب سنة 702هـ قويت الأخبار بعزم التتار على دخول دمشق، وكانوا قد وصلوا إلى حمص وبعلبك، وعاثوا فيهما فسادا، وخاف الناس من ذلك فنزلوا مرج الصُّفر يريدون الاحتماء هناك من التتار، وشرع كثير من الناس فى الهرب إلى الديار المصرية والحصون المنيعة فى البلاد الشامية.

    فاستعد سلطان مصر وأمراؤها للخروج إلى دمشق لحمايتها ورد التتار عن سائر بلاد الشام.
    وكان المثبطون فى الشام وفى مصر يوهنون عزائم المقاتلين ويقولون لا طاقة لجيش الشام ولا جيش مصر بلقاء التتار. ووقف فى مواجهة هذا التيار العلماء وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية يردون على هؤلاء المُرْجفين ويتصدون لما يروجونه من الشائعات. وسافر ابن تيمية من دمشق إلى القاهرة لمقابلة السلطان الناصر محمد بن قلاوون وإقناعه بالخروج إلى الشام لإنقاذه، وكلمه بكلام طويل قوى، كان منه قوله للسلطان: «إن كنتم أعرضتم عن الشام وحمايته أقمنا له سلطانا يحوطه ويحميه فى زمن الخوف، ويستغله فى زمن الأمن، ولو قُدّر أنكم لستم حكام الشام ولا ملوكه واستنصركم أهله، وجب عليكم النصر، فكيف وأنتم حكامه وسلاطينه، وأهله رعاياكم؟ فاستجاب السلطان وأمراؤه لهذا الكلام المؤثر، وأجمع أمرهم على الخروج بجيش مصر إلى الشام.

    فرجع شيخ الإسلام ابن تيمية من فوره إلى دمشق، يتابع تشجيع الناس على الصبر للقاء العدو، ومعاونتهم على حسن الاستعداد للقائه، وإلهاب عواطفهم وإذكاء حماسهم، وتهيئتهم لخوض معركة فاصلة مع هؤلاء التتار.

    ووصل إلى دمشق مدد من حماة فخرج إليهم شيخ الإسلام ابن تيمية فاجتمع بهم، فى موضع يسمى القطيفة، وأخبرهم باتفاق أمراء الشام وأمراء مصر على مواجهة العدو فأجابوا إلى ذلك، وحلفوا للشيخ فى ملأ من الناس أنهم معهم فى مواجهة التتار والدفاع عن أهل الدار.

    وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يصنع كما صنع سلطان العلماء العز بن عبدالسلام مع الملك المظفر فيحلف للأمراء أنهم منصورون. فيقولون له: «إن شاء الله»، فيقول: «إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا». ويتأول فى ذلك آيات من كتاب الله تعالى كقوله سبحانه: .{‬ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ.}‬ وعندما بلغ ذلك الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد، وهو قاضى مصر يومئذ، وبلغه أنه قال للسلطان الناصر إياكم والتخلى عن نصرة الشام وأهله فإن الله تعالى يقول: .{‬وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْما غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ.}‬ ويقول: .{‬إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابا أَلِيما وَيَسْتَبْدِلْ قَوْما غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.}‬ استحسن ابن دقيق العيد ذلك جدا وأعجبه وأيد الشيخ فيه، وذكر للناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية على الحق، وأن تأوله هذه الآيات تأول صحيح.

    وتوافدت العساكر من مصر ومن مدن الشام إلى دمشق وكانت الجيوش كلها تحت قيادة السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذى طلب من شيخ الإسلام ابن تيمية أن يقف معه فى المعركة فقال له: «السنة أن يقف الرجل تحت راية قومه، ونحن من جيش الشام فلا نقف إلا معه»!


    لم يقف دور شيخ الإسلام ابن تيمية عند التشجيع على القتال والحث عليه، وإنما قام بدور مهم فى كشف شبهة عرضت لبعض العلماء والعامة حتى كادت أن تفت فى عضد المحاربين. وقصة هذه الشبهة أن بعض الناس أخذوا يتساءلون: كيف نحارب هؤلاء التتار وهم يظهرون الإسلام وليسوا كفارا؟

    وهم ليسوا بغاة خارجين على الإمام لأنهم لم يكونوا فى طاعته فى أى وقت ليقال إنهم خالفوه وخرجوا عليه. والأصل أن القتال لا يكون إلا لكفار محاربين، أو لبغاة يخرجون بالسلاح على إمام المسلمين بعد أن كانوا يدينون له بالطاعة.

    فرد شيخ الإسلام على أصحاب هذه الشبهة ومروجيها قائلا: «إن هؤلاء التتار من جنس الخوارج الذين خرجوا على على ومعاوية رضى الله عنهما، ورأوا أنهم أحق بالأمر منهما، وهؤلاء يزعمون أنهم أحق بإقامة الحق من المسلمين كلهم، وهم متلبسون بالمعاصى والظلم..

    إذا رأيتمونى فى ذلك الجانب ــ يريد جانب التتار ــ وعلى رأسى مصحف فاقتلونى!!» فزالت، بهذا البيان الصحيح والحجة القوية، تلك الشبهة بحمد الله. وتفطن العلماء والعامة لهذا المعنى الذى أورده شيخ الإسلام، وفهموا وجه الحجة فيه، وأجمعوا أمرهم على مواجهة التتار، وقويت قلوبهم على القتال.

    وخرج ابن تيمية فى جماعة من أصحابه ليشهد القتال بنفسه، وبمن معه، فرآه بعض الرعاع فظنوا أنه يخرج فرارا فقالوا له أنت منعتنا من الفرار وها أنت تهرب من البلد، فلم يرد عليهم، إعراضا عنهم، وتواضعا لله تعالى من أن يذكر للناس خروجه للقتال، وانشغالا بما هو فيه من الأمر المهم عن الكلام التافه.

    وفى الميدان كانت ثقة ابن تيمية فى النصر تملأ قلبه، وتفيض على من حوله من المجاهدين والمقاتلين، وكان لسان حاله يطمئن الناس باليقين فى قوله تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا). وجعل يحرّض السلطان وجنوده على القتال، يبشرهم بالنصر أو الشهادة فرفع بكلماته المؤثرة درجة إقبالهم على لقاء العدو ورغبتهم فى إحدى الحسنيين.

    وتنبه إلى أن الناس لا يظهرون فطرا، وكأنهم يحافظون على صيامهم. فأفتاهم بالفطر، نادى بذلك فى الناس، وأفطر هو أيضا، ولم يكفه ذلك، بل أخذ يدور على الأجناد والأمراء فيأكل عند كل موضع من شىء معه فى يده (لعله تمرات أو نحوها) ليؤكد لهم أن إفطارهم فى أثناء القتال، ليتقووا عليه، أفضل من صيامهم. ثم مر، مع الخليفة المستكفى بالله والسلطان الناصر محمد بن قلاوون بين الجيوش والقواد، وجعل يقرأ آيات القتال التى تحض على الاستشهاد والثبات والصبر، وكان الخليفة يقول للناس دافعوا عن دينكم وعن حريمكم.

    ووضعت الأحمال وراء صفوف المسلمين وأمر السلطان الناصر بن قلاوون غلمانه بقتل من يحاول الهرب من المعركة. ومن قبلُ كان علماء دمشق قد أفتوا بأن من ترك بلاده هربا من قتال التتار فدمه حلال. وثبت السلطان الناصر فى القتال ثباتا عظيما، وبايع الله فى هذا الموقف العظيم أمام الناس على إرادة إحدى الحسنيين: إما النصر الذى يرفع لواء الدين، وإما الشهادة فى سبيل الله. وأمر بفرسه فقُيِّد حتى لا يهرب إذا حمى الوطيس.

    واحتدمت المعركة بين الفريقين واستحر القتل واستطاع التتار (المغول) أن ينزلوا بالمسلمين خسارة ضخمة فى بادئ الأمر، وقتل ثمانية من الأمراء القواد، ولكن ثبات السلطان ومن معه، والخطاب الحماسى، المملوء بآيات القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، الذى كان يبثه ويكرره فى كل موضع شيخ الإسلام ابن تيمية، أعادا الكرَّة من جانب المسلمين على التتر فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وتغير وجه المعركة،

    وأصبحت الغلبة للمسلمين، حتى إذا أقبل الليل فرَّ التتار إلى أعلى جبل (غباغب) الذى يشرف على سهل شقحب، وبقوا هناك طول الليل ثم نزلوا عندما طلع النهار يريدون الفرار، بعد أن ترك المسلمون لهم ثغرة متعمدة ليمروا منها، فأحاط بهم المسلمون فقتلوا ما لا يعلم عدده إلا الله عز وجل، ثم لحقوا بهم يقتلون ويأسرون.

    وفى يوم الاثنين رابع رمضان رجع الناس إلى دمشق، وبَشَّروا بالنصر، ودخل معهم شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحابه من المجاهدين فاستُقبلوا استقبالا عظيما وهنأه الناس على ما كان على يديه وبسبب ثباته على الحق من الفتح والنصر المبين.


    والحمد لله رب العالمين




  7. #7

    الصورة الرمزية mfarag

    رقم العضوية : 8852

    تاريخ التسجيل : 13Apr2008

    المشاركات : 360

    النوع : ذكر

    الاقامة : Cairo

    السيارة: N.A

    السيارة[2]: Fiat

    دراجة بخارية: ??????

    الحالة : mfarag غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    ما اشبة الليلة بالبارحة


  8. #8

    الصورة الرمزية تامر.محمد

    رقم العضوية : 5118

    تاريخ التسجيل : 01Feb2008

    المشاركات : 11,185

    النوع : ذكر

    الاقامة : Cairo

    السيارة: Megane II 2010

    السيارة[2]: كانت دايو لانوس1 99 - وزة :)

    دراجة بخارية: none

    الحالة : تامر.محمد غير متواجد حالياً

    افتراضي -

    hasad">

    موضوع اكتر من رائع
    و فعلا
    ما أشبه الليلة بالبارحة

    ناس كتير مش في ثقافتها خالص مفهوم ان مافيش حد ممكن يكون حجة عليا الا اذا انا كنت مأيده على طول الخط و متبعه , و انا لا مؤيد حد على طول الخط ولا متبع حد

    [sor2]http://imageshack.us/a/img838/2058/8l0n.jpg[/sor2]



 

المواضيع المتشابهه

  1. رابطة مؤييدي الدكتور محمد سليم العوا
    بواسطة ahmedhossam86 في المنتدى المنتــــــدى الاجتمــاعى
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-07-2011, 03:28 PM
  2. بحترم محمد سليم العوا ولاكن
    بواسطة mahmoudysf في المنتدى المنتــــــدى الاجتمــاعى
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 24-04-2011, 02:31 AM
  3. رأى الدكتور محمد سليم العوا فى التعديلات الدستورية
    بواسطة zyadahmed في المنتدى المنتــــــدى الاجتمــاعى
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 16-03-2011, 04:44 PM
  4. حرب رمضان 1393 هـ محمد سليم العوا
    بواسطة Dr Zezo في المنتدى المنتــــــدى الاجتمــاعى
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-09-2010, 02:09 PM
  5. موقعة الزلاقة... انقاذ الاندلس ..محمد سليم العوا
    بواسطة Dr Zezo في المنتدى المنتــــــدى الاجتمــاعى
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 09-09-2010, 03:42 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2