اليوم ذهبت الي ميدان التحرير و عدت منذ قليل. لم أشرف بهذه الرحلة من قبل لاني كنت في رحلة خارج البلاد. ذهبت وحيدا في البداية ركبت النقل العام حتي غمرة ثم اكملت الباقي سيرا علي الأقدام.

في البداية قابلت بعض المتجمعين ذوي السحنة الغاضبة كانوا في حدود الخمسين يحملون أعلام مصر و يهتفون بالهتافات التقليدية من عينة بالروح بالدم ... أدركت أنهم من مؤيدي النظام كانوا جميعا من الشباب نفس المرحلة السنية و نفس الخصائص الجسمانية تقريبا. تحركت معهم قليلا كانوا ينتقلون من منطقة الي أخري يحومون حول مداخل الميدان و لا يقتربون منه. بعضهم مسلح بالعصي و الاخر يحل لافتات تأييد.

تركتهم وتوجهت نحو مدخل التحرير من جهة عبد المنعم رياض و لكن الطريق كان مغلقا و تتكاثر به بقايا الحجارة . عدت أدراجي و توجهت نحو ميدان طلعت حرب وهنا بدأت الحظ مجموعات من الناس تتحرك و تشير الي مدخل الميدان. كان من السهل الوصول الي مدخل الميدان الامن مررت بعدة لجان للتفتيش و ابراز الهوية كانت كثيرة و مكررة ولكن في تهذيب . عندما ابرز بطاقة الهوية و يعرفون المهنة كاستاذ في الجامعة كنت أحيانا اقابل بالابتسام أو الترحيب و لكن ذلك لا يؤثر علي الاجراءات و التفتيش.

في النهاية وصلت الي داخل الميدان و بدأت في مشاهدة الجماهير المتجمعة كان العدد كبيرا جدا يقترب من المليون ذكرني بزحام الحج. أحد الفنانين البسطاء قمت بتحيته وعدني بأن يسخر من كل هؤلاء بعد انتهاء الثورة. مجموعة من رجال الدين المعممين تحمل لافتة للرفض. العديد من الفتيات محجبات و غير محجبات كانوا جميعا يتحدثون ببساطة و تلقائية. ألتقيت باثنين من الزملاء أحدهما من نفس الكلية و الاخر من الجامعة الأمريكية. وقفت معهم و تبادلنا الأحاديث. لفت حديثنا شاب و فتاة بجوارنا فبادلناهم الأحاديث. عندما عرفوا مهنتنا طلبوا التقاط بعض الصور معنا كانوا من شباب 25 يناير ان صح هذا التعبير. الفتاة محجبة و الفتي مسيحي كما علمت بعد ذلك يعملان في الجامعة الأمريكية. طلبوا منا تسجيل حديث قال لي الشاب أنه يريد أن يرسله الي أهله في الخارج (في انجلترا) ليطمئنوا عليه لانهم ينصحوه بعدم الخروج مع البلطجية أو الرعاع و هو يريد اقناعهم بأن المظاهرات يخرج بها اناس محترمون. شكرته علي هذا التقدير و تحدثنا معا.

كانوا شبابا عاديا مثل العديد من الطلاب الذين أقابلهم دائما بحكم عملي في كلية الهندسة. كانوا متألمين لان الاعلام يتهمهم بانهم عملاء ذوي أجندات خاصة طالبونا بالنظر حولنا لنري اذا كان هناك أجانب او متطرفين كما يدعي الاعلام الحكومي و في الحقيقة لم أر الا الشعب المصري بكامل طوائفه من البسطاء و الطبقات المتوسطة بل و الراقية أحيانا قال لي الشاب أنه مسيحي و لكنه لا يضيره أن يشارك الأخوان المسلمين معهم لانهم من أبناء الشعب كما انهم لا يسيطرون علي شيئ و قد كان هذا صحيحا في حدود ما رأيت. كانوا سعداء لاننا معهم ننتحدث نفس اللغة بل و ممتنين لنا لا أدري لماذا. أخذوا في الاعتذار لان الحياة تتوقف في مصر و لكنهم لا حيلة لهم في ذلك. شكرونا لاننا نترك ابحاثا و دراساتنا لنشاركهم و قفتهم و في الحقيقة كنت منهم خجلا. وددت ان أعتذر لهم عن تقصيرنا كل تلك السنوات الطوال. وددت أن أقول لهم عبارة الأديب الرائع جمال الغيطاني " انكم تمنحوننا شرفا قد لا نستحقه" شكرا لهؤلاء الشبان و معذرة لتقصيرنا معهم

دكتور ضياء خليل


بروفايل دكتور ضياء على الفيس بوك
Diaa Khalil | Facebook