قرار التصويت علي التعديلات الدستورية اصاب الجميع بحيرة شديدة و انا منهم
كان احد اكبر اسباب الحيرة هو : لماذا الاشخاص و الكيانات التي اثق فيها و اتقارب معها فكريا تعارضني الراي و لماذا الكفة التي اميل الي قرارها هي شخصيات اختلف معها فكريا و لا اقبل اغلب تصريحاتها
شئ غريب بالفعل ، الامر الذي دفعني الي ان ابحث عن امر مستتر ، هو شئ غير مصرح به يدفع كلا الفريقين الي التمسك بموفقه
بدون الدخول في شرح لموقف انتم تشاهدونه بانفسكم و تعرفون تفاصيل الحوار الذي يدور به لان الدخول فيه تضيع وقت و نقاش في نقاط فرعية ليست هي اصل المشكلة
لان اصل المشكلة هو ما الذي سيحدث ان تم التصويت ب"نعم" و ماذا سيحدث اذا تم التصويت ب"لا"
ان تم التصويت ب "نعم" :
نظرا لاستعداد الاخوان المسبق لخوض اي انتخابات و قدرتهم التنظيمة العالية نسبيا عن باقي فصائل المجتمع سيكون لهم الفوز الساحق و الاكتساح في اي انتخابات في ظل هذه التعديلات و ايضا في ظل الوقت الضيق لن يستطيع اي فصيل او اتجاه اخر ان يقاوم الاخوان
و هذا يفسر مواقف الاطراف التي تدعو الي الموافقة و هم مثلا
الاخوان: فهمنا سبب دفاعهم المستميت لانجاح التعديلات و ايضا ذلك يفسر لماذا قالوا ان التصويت ب"نعم" هو واجب شرعي ، لانهم يرونه الطريق الي اقامة الشريعة الاسلامية و الدولة الاسلامية.
السلفيين: لانهم وجدوا الاخوان اقرب اليهم في التوجه فقد حدث اتفاق بين الجماعتين لاقامة دولة اسلامية باتحاد من السلفيين و الاخوان و هذا يفسر موقف بعض شيوخ السلفية في الثناء علي الاخوان ،الشئ الذي انكره فصيل اخر من مشايخ السلفية الذين لم يفهموا هذا الاتفاق و لم يفهموا الصورة الكاملة للموقف و ظلوا علي نفس رايهم من الاخوان من قبل 25 يناير و هو لكم دينكم و لي دين
الحزب الوطني : اذكياء الشر فهموا اللعبة و ان الوقت قد حان للبس عباءة الدين و اطلاق اللحية من اجل استمرار تحقيق المكاسب الغير مشروعة من دم الشعب
اذا التصويت ب"نعم" يقود الي دولة اسلامية و ذلك يحمل تبعات كثير فقد يكون سبيل لتحقيق العدالة الاجتماعية و اقامة الحدود و اقامة نهضة اسلامية قوية كفترة النهضة الاسلامية في عهد الامويين و العباسيين لكن بشكل عصري بالتاكيد و نشهد معها نهضة عربية كبري
لكن يجب ان نعلم ان اقامة دولة اسلامية حقيقة و عادلة هو مخالف لتوجهات الغرب "الديموقراطية" و ان هذه الدول ستسعي بكل ما تستطيع لافشال هذه الدولة و حصارها و تجويعها و هنا يجب ان نتلاحم لصد هذه العدوان لانها لن تكون رحلة سهلة و مريحة الي تحقيق عدالة حقيقية المنشودة
او ان يكون انشاء دولة اسلامية هو شئ سلبي ليس لعيب في الشريعة الاسلامية انما عيب في من يطبقها فتتحول مصر الي ايران لكن بمزاق اخر ،ديكتاتورية اسلامية و مبارك جديد لكن ذو لحية و يمسك بمسبحة و يكون تتطاحن بين الفصائل التي سبق و اتفقت علي انشاء دولة اسلامية حتي تتخلص من المنافسين و تضمن السيطرة المطلقة علي كل شئ و يضيع الشعب بين هؤلاء كلهم و يشاهد الاعداء بفرح ما يحدث للمصريين
و هنا الموقف الغربي سيكون كموقفهم مع ايران حصار ظاهري و مشادات كلامية و تصريحات لكن خلف الابواب المغلقة و في قاعات الاجتماعات احباء و اصدقاء و بينهم مصالح و تجارة و تفاهم كبير
في حالة التصويت ب"لا":
سيعطي هذا فرصة الي العلمانين و الليبراليين لاعادة تنظيم الصفوف و انشاء الاحزاب و الدفع لاصدار دستور جديد يضمن لهم مشاركة قوية و فعالة بل يمكن ان تصل الي سيطرة علي امور الدولة بالكامل و تحقيق فصل الدين عن الدولة
و لا يدعي احدا كذبا ان وجود ديموقراطية علمانية معناه حرية دينية لان فتح الباب للتيار الديني هو تقويض للعلمانية لانهما الضد و لا يتفقان ابدا
كذلك سيعطي التصويت ب"لا" الفرصة للتدخلات الاجنبية بترتيب اوراقها و تجهيز مرشيحها و عملائها في المناصب الهامة و لذلك سيلاقي التصويت ب"لا" ترحيبا دوليا و بالفعل صرحت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة بضرورة رفض المصريين للتعديلات
لان الغرب يفضل مصر علمانية ستكون شبيه لتركيا نعم دولة قوية و فيها الصناعة و الزراعة المتقدمة و جيشها قوي لكنها غير متحدة علي قرار واحد و مشتتة بين قوي كثيرة تتنازع علي وحدتها و كل ما تستطيع ان تفعله هو الشجب و الادانة و الانسحاب من المؤتمرات ، في حين ان النساء المحجبات يُشد و يُخلع حجابهن في الازقة التركية حقدا من شباب العلمانية المنحل
او قد نحلم حلم وردي ان مصر ستكون علمانية و متقدمة و تعيش في حالها مثل كندا او استراليا لا تؤذي احدا و لا احدا يؤذيها و تقيم العدل بين كل الناس
و هذا لن يحدث ابدا في ظل كل التامر الداخلي و الخارجي علي مستقبل الدولة فهو سراب لن يتحقق ابدا
نقطة اخيرة و هي موقف النصاري اعتقد بحيادية ان مصلحة سواد النصاري في مصر هو الدفع باقامة دولة اسلامية لانها الضامن الوحيد لاقامة العدالة بينهم و عليهم ، لان منطقيا لن يوجد نظام اسلامي سواء كان عادل او ظالم يفكر في اضطهاد الاقباط لان تحسين اوضاعهم سيكون في مصلحته ان لم يكن بامر الدين الاسلامي فعلي الاقل من اجل الفرقعات الاعلامية و للتأكيد علي عدالة هذا النظام
في حين ان التصويت ب"لا" لن يحقق الا مصالح قلة من النصاري علي حساب اغلبيتهم و ذلك يفسر موقف اقباط المهجر و بعض رجال الاعمال النصاري
الخلاصة ان التصويت علي التعديلات هو امر شائك و ان كلا الاختيارين يحمل سلبيات و ايجابيات عظيمة قد تغير مجري حياة المصريين و ان كلا الاختياران هو افتراضي و لا يعلم الغيب الا الله
و ان ما نحن فيه تخبط ليس سببه الثورة انما سببه من يريد فرض ايدلوجيته و محق كل منافس له و السيطرة التامة علي البلاد من اجل مصلحته الشخصية
ان ما يتم النقاش عليه الان مثل "لا" من اجل الدستور جديد علي نضافه و خطة سريعة لاستقرار الدولة و لان الدستور معيب و مشوه أو "نعم" من اجل عجلة الانتاج و فتح البورصة و اراحة الجيش من الهم المدني هي قشور الموضوع و ليست صلبه و جوهره فالموضوع اخطر و اقعد من ذلك بكثير
في النهاية توقعي الشخصي ان تكون نتيجة الاستفتاء هي الموافقة.
نسأل الله السلامة و الاستقرار و التوفيق و السداد للجميع.
المفضلات